خليل وزعيتر يطالبان بـ«كف يد» المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ

ثالث دعوى من وزراء سابقين استدعاهم للتحقيق

TT

خليل وزعيتر يطالبان بـ«كف يد» المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ

كشف مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» أن عضوي كتلة «التنمية والتحرير» النيابية النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر «تقدّما بدعوى أمام محكمة الاستئناف في بيروت»، طلبا فيها من المحكمة «كف يد» المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
وقال المصدر إن الفريق القانوني للنائبين زعيتر وخليل، وهما وزيران سابقان أيضاً، تقدم بالدعوى أمس أمام محكمة الاستئناف في بيروت برئاسة القاضي نسيب إيليا، من غير الكشف عن أي تفاصيل إضافية. وقال المصدر إن الأمر متروك للإجراءات القانونية ولفريق المحامين.
والدعوى هي الثالثة بحق القاضي البيطار أمام محكمة الاستئناف، بعد دعوى النائب نهاد المشنوق التي طالب فيها برد القاضي البيطار عن الملف واستبدال قاض آخر به، ودعوى الوزير الأسبق يوسف فنيانوس بحق البيطار بـ«الارتياب المشروع» من القاضي.
وكان البيطار قد أصدر مذكرة استدعاء للنائبين خليل، وهو وزير المال الأسبق، وزعيتر، وهو وزير الأشغال الأسبق، ليمْثلا أمامه اليوم في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، وقرر إبلاغهم عبر الأمانة العامة لمجلس النواب وإرسال مذكرة التبليغ بواسطة النيابة العامة التمييزية.
كما أصدر الشهر الماضي مذكرة توقيف غيابية بحق فنيانوس بعد تخلّفه عن حضور جلسة استجواب. كما استدعى المشنوق إلى جلسة استجواب كمدّعى عليه. ويتهم المحقق العدلي الوزراء السابقين الأربعة بجرم الإهمال والتقصير والقصد الاحتمالي الذي أدى إلى جريمة القتل. ورفضت الأمانة العامة لمجلس النواب الأسبوع الماضي مذكرات تبليغ أرسلها البيطار لاستجواب النواب الثلاثة.
وتجمّدت التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت، إثر تبلغ المحقق العدلي دعوى الرد التي تقدم بها النائب المشنوق والتي يطالب فيها بتغيير القاضي، ما يعني تعليق البيطار لتحقيقاته إلى أن تبتّ محكمة الاستئناف في بيروت بقبول الدعوى أو رفضها.
ورأى المشنوق أن الادعاء عليه «هو تجاوز للدستور» و«مخالفة لأحكامه ولأصول محاكمة الرؤساء والوزراء». وطالب بردّ القاضي البيطار وتعيين محقق عدلي آخر بدلاً عنه.
ويحيط جدل قانوني بمهمة البيطار منذ إصداره للادعاءات، وذلك حول مرجعية محاكمة المدعى عليهم، إذ تصر قوى سياسية بينها «حزب الله» و«حركة أمل» و«تيار المستقبل» و«تيار المردة» على أن المرجع الصالح لمحاكمة الوزراء السابقين، هو «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء». ويقول بعض المنتقدين إن البيطار وسلفه القاضي فادي الصوان تخطيا صلاحياتهما وإن القضايا بحق كبار المسؤولين يجب أن تحال إلى المجلس الأعلى. كما تتهم قوى سياسية، وفي طليعتها «حزب الله»، القاضي البيطار بـ«الاستنسابية» في الادعاءات.
وفي مقابل الانقسام السياسي، دعا متحدث باسم الخارجية الأميركية السلطات اللبنانية للإسراع باستكمال تحقيق شامل وشفاف بانفجار مرفأ بيروت.
وقال المتحدث في رد على سؤال وجهته قناة «الحرة» الأميركية حول تعليق عمل قاضي التحقيق، طارق البيطار، بعد تهديده من «حزب الله»: «كما أوضحت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن الدولي والمجموعة الدولية لدعم لبنان فإننا نحثّ السلطات اللبنانية على الإسراع في استكمال تحقيق شامل وشفاف في أسباب انفجار 4 أغسطس (آب) 2020 في مرفأ بيروت».
وكانت الخارجية الفرنسية قد أعربت «عن أسفها» أول من أمس (الأربعاء)، لتعليق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، مقدّرةً أن اللّبنانيين لديهم «حق معرفة» ما جرى وأن القضاء اللبناني يجب أن يكون قادراً «على العمل بشفافية تامة بعيداً عن أي تدخل سياسي». وقالت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية: «الأمر يعود إلى السلطات اللبنانية للسماح باستمرار التحقيق بالموارد المالية والبشرية اللازمة، من أجل الإضاءة على ما حدث في 4 أغسطس 2020 بما يتوافق مع التوقعات المشروعة للشعب اللبناني».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.