لبنان: إقحام السفيرة الأميركية في استهداف «الشيعة» بأقوال منسوبة إلى عامل سوري

نقل ملف النيترات من «المعلومات» إلى «المخابرات» يثير لغطاً سياسياً

TT

لبنان: إقحام السفيرة الأميركية في استهداف «الشيعة» بأقوال منسوبة إلى عامل سوري

أثار نقل ملف التحقيق في نيترات الأمونيوم؛ التي صودرت من شاحنة كانت تنقلها من مستودع خزّنت فيه ببلدة بعلبك وهي في طريقها إلى منطقة بقاعية أخرى، من «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي إلى «مديرية المخابرات» في الجيش اللبناني لغطاً لم يظهر إلى العلن، وإن كان التذرّع بنقله يتسلح بالقانون الذي يحصر في الأخيرة النظر في كل ما يتعلق بالمتفجرات رغم أنه كان سبق لـ«المعلومات»، وبناءً على طلب النيابة العامة التمييزية، أن تولت التحقيق في الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت فور حدوثه.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر وزاري بأن اللغط لا يعود إلى نقل الملف فحسب؛ وإنما أيضاً إلى الطريقة التي اتُّبعت منذ اللحظة الأولى لمصادرة 20 طناً من النيترات كانت تنقلها الشاحنة، من قبل مفرزة الشرطة القضائية التابعة لقوى الأمن الداخلي التي طُلب منها إحاطة المصادرة لهذه الكمية من الأطنان بسرّية تامة وعدم إبلاغ أي جهة بحدوثها.
وأكد المصدر الوزاري أن الطلب جاء من قبل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، «لكن سرعان ما أبطل مفعوله؛ لأن المفرزة التي صادرتها تابعة لوحدة الشرطة القضائية، وهي من الوحدات التابعة لقوى الأمن الداخلي، مما استدعى تدخّلاً من قيادتها التي كلّفت شعبة المعلومات بإجراء التحقيقات الأولية بناء على إشارة من النيابة العامة التمييزية».
وفي هذا السياق، لفت مصدر سياسي مواكب للتحقيقات الأولية التي تولتها شعبة المعلومات، إلى أن نقل الملف منها إلى القضاء العسكري، ومن خلاله لمديرية المخابرات في الجيش، جاء على خلفية أن ما سمّي «الشاهد الملك» كان «طالب بذلك، بذريعة أن أمنه الشخصي سيتعرض للخطر في حال أوكل إلى (المعلومات) الاستمرار في التحقيق».
وكشف عن أن «الشاهد الملك»؛ الذي يُعتقد أنه المسؤول عن المستودع الذي خُزّنت فيه نيترات الأمونيوم والعائد لصاحبه الموقوف لدى مديرية المخابرات سعد الله الصلح، بناء على إشارة القضاء المختص، «لم تصدر بحقه مذكرة توقيف، وهو يخضع حالياً للاستماع إلى ما لديه من معلومات».
ورجّح المصدر نفسه أن يكون «الشاهد الملك» هو «أ.ز» الذي كان أدلى بمعلومات ذكر فيها أن إبراهيم الصقر؛ شقيق الموقوف في ملف نيترات الأمونيوم التي صودرت مارون الصقر، «كان التقى سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا وخططا معاً لتنفيذ مخطط يقضي بتلبيس الثنائي الشيعي (طربوشاً) يحمّله مسؤولية حيال أطنان النيترات التي صودرت والتي جاءت بتركيبتها مطابقة لتلك التي تسببت في الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت، حيث إنه تبيّن من خلال الفحوص المخبرية التي أُجريت لها أن درجة (الآزوت) فيهما بلغت 34.7 وهي تستخدم لتفجير الصخور ولا تصلح لاستخدامها أسمدة زراعية».
ومع أن السفارة الأميركية في بيروت سارعت إلى نفي التهمة التي أُلصقت بالسفيرة شيا وعدّتها من نسج الخيال، فقد تبين؛ بحسب المصدر نفسه واستناداً إلى الأقوال التي أدلى بها «الشاهد الملك»، أن الأخير «اعتمد في سرده على وجود مخطط توافق عليه إبراهيم الصقر مع السفيرة الأميركية، على أقوال نقلها إليه أحد العمال من التابعية السورية يعمل لدى الصقر».
ورأى المصدر أن ما أدلى به «الشاهد الملك» في هذا الخصوص «يكاد يوحي بأن هذا العامل شارك في اجتماع الصقر - شيا، أو أنه حصل على محضر اجتماعهما بطريقته الخاصة، وهذا ما أدى إلى التشكيك في أقواله المنقولة عن العامل السوري قبل تظهيرها إلى العلن على نطاق واسع؛ لأن مثل هذا (السيناريو) يعوزه ما يوثّقه من أدلة وبراهين»، وقال إنه «ليس في موقع الدفاع عن السفيرة الأميركية ولا عن سياسة الولايات المتحدة بمقدار ما أن مثل هذه الرواية لا يصدقها عاقل حتى من قبل من يشهرون سيف العداء لسياستها في لبنان أو في المنطقة».
لذلك؛ فإن اللغط الذي أثاره نقل الملف من «المعلومات» إلى المخابرات لا يمت بصلة مباشرة إلى التحقيق الذي تتولاّه الأخيرة الذي يفترض أن يحاط بسرية تامة كما هو حادث الآن وقبل أن تتسلم ملف التحقيق الذي استبق الكشف عما يسمى وجود مخطط بين إبراهيم الصقر والسفيرة الأميركية لاستهداف الثنائي الشيعي وإنما يتجاوزه؛ لأن مجرد نقله بهذه الطريقة يؤدي إلى ضرب هيبة «المعلومات» والتشكيك في نزاهتها التي تتبعها في الملفات التي أُحيلت إليها للتحقيق فيها؛ وتحديداً تلك المتعلقة بملاحقة المجموعات الإرهابية وتوقيف أبرز الرموز فيها، إضافة إلى العمليات الاستباقية التي نفّذتها لإخراج خلاياها النائمة من مخابئها.
وعلمت «الشرق الأوسط» بأنه سبق لـ«المعلومات» أن تولّت التحقيق في الملفات ذات الصلة بالعمليات الانتحارية التي نفذتها المجموعات الإرهابية وحققت، مثل سواها من القوى الأمنية، وعلى رأسها الجيش، إنجازات كانت موضع إشادة على المستويين المحلي والدولي، وبالتالي ليس هناك من مبرر لنقل الملف بناء على تذرّع «الشاهد الملك» بأن حياته ستكون معرّضة للخطر إذا ما تقرّر اقتياده إلى مقر «المعلومات» للتحقيق معه.
وهذا ما أثار، بحسب المصدر، حفيظة وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي الذي بادر إلى التصرف بصفته مسؤولاً وعبّر عن موقفه في الوقت المناسب على خلفية أنه من غير الجائز التشكيك في دور «المعلومات» وصولاً إلى «التعرض لمصداقيتها وضرب هيبتها؛ وهي واحدة من الأجهزة الاستخبارية المشهود لها بقدراتها وإنجازاتها ونزاهتها في تعاطيها مع الملفات التي توكل إليها من قبل القضاء المختص».
وعليه؛ فإن نقل الملف بهذه الطريقة ما هو إلا دعسة ناقصة كان من «نصح» بنقله في غنى عنها، وإن التحفّظ على نقله بهذا الأسلوب لا يشكل انتقاصاً من دور المخابرات في مواصلة التحقيق في ملف النيترات؛ وإن كان قد أدى إلى طرح علامة استفهام كبيرة؛ لأن الذرائع التي تذرّع بها من كان وراء نقل التحقيق لا تُصرف في مكان، ولم يكن مضطراً لإقحامه في تجاذبات سياسية أسوة بتلك التي تحاصر التحقيق في انفجار المرفأ قبل أن تتسلمه المخابرات للنأي به عن الفخاخ السياسية التي تحيط به، وصولاً إلى تبيان الحقيقة بعيداً عن المهاترات.



«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.