بالتزكية وبالهتاف والتشجيع أعيد انتخاب الفرنسي ميشال بلاتيني رئيسا للاتحاد الأوروبي لكرة القدم للمرة الثالثة على التوالي خلال المؤتمر السنوي التاسع والثلاثين للاتحاد الأوروبي للعبة الشعبية أمس في فيينا.
وبدأ بلاتيني (59 عاما) ولايته الثالثة التي تستمر لمدة أربع سنوات قادمة بخطاب وجه فيه سهامه للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بقوله: «نريد اتحادا دوليا يتمتع بالقوة والاحترام»، كما حذر الحكومات من تنامي التطرف والعنصرية في الملاعب.
وكانت انتخابات رئاسة «اليويفا» شكلية على اعتبار أن النجم الأسطوري لمنتخب فرنسا ويوفنتوس الإيطالي السابق المرشح الوحيد للمنصب بعدما حظي بإجماع الأعضاء الـ54 للاتحاد القاري على غرار عام 2011.
وقال بلاتيني الذي سبق وفاز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب بالعالم ثلاث مرات في كلمته أمام المؤتمر العام للاتحاد الأوروبي والذي حضره رئيس الفيفا السويسري جوزيف بلاتر: «نريد اتحادا دوليا يتمتع بالقوة والاحترام، نحن نحب (فيفا) كثيرا. كرة القدم الأوروبية بأكملها تحب (فيفا) ولأننا نحبه ونحترمه، فلهذا السبب بالذات نريده أن يكون مثاليا».
ودون أن يسمي أحدا، تابع بلاتيني: «لا تعيروا اهتماما لما يقال، يحاول البعض أن يضعنا (الاتحاد الأوروبي) في مواجهة الآخرين (الاتحاد الدولي)، وأن يعتمد مبدأ (فرق تسد). بعضهم يحاول عزل أوروبا المتعجرفة والأنانية»، بحسب رأيهم.
وواصل بلاتيني الذي عدل عن فكرة منافسة بلاتر على رئاسة الاتحاد الدولي لأن عمله في الاتحاد القاري لم ينته بحسب ما أكد سابقا: «نعم، نحن كاتحاد أوروبي محظوظون، نحن نرتكب الأخطاء، ولسنا بالضرورة أفضل من الآخرين، لكن يجب أن تعلموا بأننا مستعدون للعمل معكم يدا بيد من أجل مصلحة كرة القدم العالمية، من أجل مصلحة الاتحادات الـ209 الأعضاء ومن أجل مصلحة فيفا».
ومن المؤكد أن موقف بلاتيني من «فيفا» وفضائحه التي لا تنتهي لن يتغير وهو استغل فرصة انتخابه مجددا كرئيس للاتحاد القاري من أجل انتقاد سياسات السلطة الكروية العليا وبلاتر الذي يخوض الانتخابات تطلعا لولاية خامسة في 29 مايو (أيار) المقبل. وقد استقبل بلاتر من قبل الجمعية العمومية للاتحاد الأوروبي بتصفيق «بارد» قبل التوجه للحديث عن «الوحدة والتعاضد اللذين يشكلان أساس كرة القدم».
ورفض بلاتر (79 عاما) أن يتوجه إلى الجمعية العمومية للاتحاد الأوروبي مع منافسيه الثلاثة على منصب رئاسة «فيفا»، الأمير الأردني علي بن الحسين ورئيس الاتحاد الهولندي مايكل فان براغ والنجم البرتغالي السابق لويس فيغو، بل تحدث كرئيس «فيفا» وليس كمرشح، قائلا: «معا إلى جانب أوروبا، يجب أن نبني هذه الوحدة كل من داخل وخارج منظمته». ويرفض بلاتر أن يخوض حملة انتخابية أو أن يقدم برنامج عمل بقوله: «برنامجي هو العمل الذي قمت به في (فيفا) منذ 40 عاما وخلال أعوامي الـ17 في منصب الرئيس».
وتابع بلاتر الذي وصل إلى رئاسة فيفا عام 1998: «سأمارس عملي كرئيس للفيفا حتى يوم 29 مايو، حتى القيام بالبند الأخير على جدول الأعمال والمتمثل بالانتخابات الرئاسية».
وواصل: «إنا رئيس للفيفا ولست في طور خوض حملة انتخابية، وهذا ما سأقوم به حتى نهاية ولايتي».
ويرفض بلاتر جميع المحاولات لإقناعه بالظهور في مناظرات تلفزيونية علنية في حين رحب منافسوه بها.
ومن المتوقع ألا يتغير موقف بلاتيني من الاتحاد الدولي في حال انتخب بلاتر لولاية خامسة، لكن هناك أيضا بعض التحديات التي تنتظر نجم يوفنتوس السابق على صعيد اتحاده، ولعل أبرزها تنامي التطرف والعنصرية في الملاعب.
وقد حذر بلاتيني أمس من تنامي التطرف «الغادر» في أوروبا ما يفرض مخاطر جديدة من حصول أعمال شغب في ملاعب كرة القدم.
ورأى بلاتيني أن على الحكومات العمل من أجل تجنب العودة إلى الأيام المظلمة لكرة القدم في فترة الثمانينات الماضية وقال: «كان المشاغبون والمتطرفون بكل أنواعهم متحكمين بالأمور في الكثير من ملاعب القارة الأوروبية».
وأضاف: «أوروبا تشهد تناميا في القومية والتطرف من النوع الذي لم نشهده منذ فترة طويلة، بإمكاننا أن نلاحظ أيضا هذه الظاهرة الغادرة في ملاعبنا لأن كرة القدم هي انعكاس للمجتمع. ونظرا إلى شعبيتها، تشكل رياضتنا مقياسا للعلل التي تعاني منها قارتنا، وهذا المقياس يشير إلى تطورات مثيرة للقلق».
وصنف النجم الدولي السابقة بأن كارثة ملعب هيسل عام 1985 في بروكسل خلال مباراة فريقه السابق يوفنتوس الإيطالي مع ليفربول الإنجليزي في كأس الأندية الأوروبية البطلة، من الأيام المظلمة في تاريخ كرة القدم.
وكان بلاتيني من نجوم فريق يوفنتوس الذي فقد 39 مشجعا خلال مأساة ملعب هيسل في نهائي كأس أبطال أوروبا 1985.
فقبل نحو ساعة واحدة على انطلاق المباراة، قامت مجموعة كبيرة من مشجعي ليفربول بكسر السياج الفاصل بينهم وبين جماهير يوفنتوس التي ركضت نحو السياج وحصل التدافع لتنهار السياج، ما أدى إلى مصرع 39 مشجعا وإصابة نحو 600 آخرين، ما دفع بالاتحاد الأوروبي إلى منع الأندية الإنجليزية من المشاركة القارية حتى موسم 1990 - 1991، فيما منع ليفربول من المشاركة القارية لثلاثة مواسم إضافية قبل تقليص الفترة لموسم إضافي واحد. وطالب بلاتيني باعتماد إجراءات أكثر صرامة ضد المشجعين المشاغبين المعروفين من قبل السلطات، وقال: «نريد إجراءات حظر أكثر صرامة في الملاعب على الصعيد الأوروبي، وأكرر مجددا بأن هناك ضرورة لإنشاء قوة شرطة رياضية في أوروبا». وفي خطوة لتفعيل الدور الديمقراطي في الاتحاد الأوروبي تمت الموافقة خلال المؤتمر العام على السماح بمنح مقاعد في اللجنة التنفيذية إلى شركاء الرياضة مثل اللاعبين والأندية وروابط الأندية المحترفة.
وقال بلاتيني رئيس: «نحن منظمة تسير قدما إلى الأمام وتواكب العصر.. إنه قرار سيظهر أن الاتحاد الأوروبي مؤسسة ديمقراطية ومنفتحة وأن الإدارة الرشيدة هو ما نسعى إليه كل يوم».
وتم انتخاب مهاجم منتخب كرواتيا السابق دافور سوكر عضوا في اللجنة التنفيذية ليصبح واحدا من أربعة لاعبين سابقين بين أعضاء في اللجنة وهم بجانب الرئيس بلاتيني، الإسباني أنخيل ماريا فيار والبلغاري بوريسلاف ميهايلوف.
وكان سوكر (47 عاما) الذي لعب أيضا لإشبيلية وآرسنال وويستهام يونايتد، قام بدور بارز في حصول منتخب بلاده على المركز الثالث في نهائيات كأس العالم 1998 بفرنسا في أول مشاركة لها في البطولة بعد استقلالها كما كان ضمن تشكيلة ريال مدريد الإسباني التي فازت بدوري أبطال أوروبا في نفس العام.
وأشار بلاتيني إلى أن التفاصيل الدقيقة لشكل اللجنة التنفيذية ستتم صياغتها على مدار العام المقبل وسيتم وضعها ضمن لوائح الاتحاد الأوروبي مع انتظار الموافقة عليها في الاجتماع السنوي المقبل للاتحاد.
ومن المرجح أن تضع هذه الخطوة ضغطا على الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا) للقيام بنفس الأمر.
وما هو مؤكد، أن كرة القدم الأوروبية بين أياد أمينة لأن النجم الفرنسي نجح خلال الأعوام الثمانية السابقة التي أمضاها في رئاسة الاتحاد القاري من تحسين الوضع المالي للاتحاد الذي جنى 895 مليون يورو كعائدات عام 2007، فيما من المتوقع أن يحصد 4.6 مليار يورو عن موسم 2015 - 2016 نتيجة إقامة كأس أوروبا 2016.
والثورة الحقيقية التي تحققت في حقبة بلاتيني متمثلة باللعب المالي النظيف الذي يمنع من الآن أي ناد من الإنفاق أكثر مما يكسب، تحت طائلة عقوبات تصل إلى الاستبعاد من مسابقات الاتحاد الأوروبي مثل دوري أبطال أوروبا العريقة.
كما عمل بلاتيني جاهدا على الحد من النفقات الخيالية باعتماده قانون اللعب المالي النظيف الذي يجبر الأندية الأوروبية على احترام التوازن بين النفقات والإيرادات وهو قدم للقارة أيضا ابتكارا لافتا بالنسبة لكأس أوروبا 2020 التي ستقام بطريقة غير مسبوقة في 13 مدينة من 13 دولة مختلفة.
وهناك أيضا رابطة الأمم، المسابقة الجديدة التي ستحل محل معظم المباريات الودية للمنتخبات الوطنية، وسيتم إطلاقها اعتبارا من عام 2018، وستمنح بطاقات لنهائيات كأس أوروبا 2020، وهي طريقة لإعطاء قيمة للمباريات التي تفتقد المتابعة الإعلامية.
ومع ذلك، لم يكن كل شيء جميلا بالنسبة إلى بلاتيني. فقد واجه انتقادات كثيرة، بعدما كشف بنفسه أنه صوت لصالح قطر في ملف منح استضافة مونديال 2022 ليظهر أن رؤيته لكرة القدم لا تقتصر فقط على أوروبا، ورد اسمه في فضيحة «قطر غيت» في بعض وسائل الإعلام دون أي أدلة ضده على الفساد.
وبلاتيني هو أحد الأوائل الذين طالبوا بنشر التقرير الشهير للمحامي والمحقق الفيدرالي الأميركي السابق مايكل غارسيا لتوضيح ظروف منح كأس العالم 2022 لقطر والذي استقال من منصبه منذ انتهائه من التحقيق.
بلاتيني يبدأ ولايته الثالثة بانتقاد «الفيفا».. وبلاتر يرفض مناظرة منافسيه
رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يحذر الحكومات من تنامي ظاهرة التطرف في الملاعب
بلاتيني يبدأ ولايته الثالثة بانتقاد «الفيفا».. وبلاتر يرفض مناظرة منافسيه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة