بعد استيلائها على مقاليد الحكم في أفغانستان، تواجه حركة «طالبان» مهمة هائلة تتمثل بإرساء السلام في صفوفها وإدارة بلد يقف على شفير الخراب، حسبما يرى خبراء.
ومن الخارج قد يبدو المتشددون متجانسين ومتحدين في كافة المسائل العقائدية والاستراتيجية، لكن مثل أي منظمة سياسية كبيرة، فإن الحركة التي يعود تأسيسها لعقود، تعاني من انقسامات وتنافسات وولاءات وفصائل، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وبقيت تلك الصدوع إلى حد كبير تحت السيطرة خلال 20 عاماً من الجهود لدحر القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة وإزاحة حكومة في كابل يندد بها على نطاق واسع باعتبارها فاسدة.
والآن ومع هزيمة العدو المشترك وبعد أسابيع قليلة على تولي «طالبان» الحكم، فإن انقسامات الحركة تبدو أكثر ظهوراً للعيان.
الاثنين، أجبرت شائعات عن تبادل إطلاق نار بين فصائل متنافسة في القصر الرئاسي ومقتل الزعيم المؤسس للحركة نائب رئيس الوزراء الحالي عبد الغني برادر، إلى توجيه رسالة صوتية يؤكد فيها أنه على قيد الحياة.
قبل ذلك كشف الإعلان عن تشكيلة حكومية موقتة، عن توترات سياسية في الحركة، وربما زرع بذور مشكلات مستقبلية، حسب الخبير في شؤون أفغانستان لدى جامعة لا تروب بأستراليا، نعمة الله إبراهيمي.
وتم توزيع الحقائب الرئيسية بين الحرس القديم لـ«طالبان» من المعقل الروحي للحركة في قندهار، ومن بينهم برادر، وعناصر شبكة «حقاني» المرتبطة بعلاقات مع تنظيم «القاعدة» ووكالة الاستخبارات الباكستانية القوية.
وخلال أول فترة حكم لنظام «طالبان» في التسعينات الماضية، كان فصيل قندهار هو المسيطر، لكن العديد من النجاحات العسكرية الأخيرة للحركة نُسبت إلى شبكة «حقاني»، وقال إبراهيمي «لا يجب أن نقلل من أهمية قوة (شبكة حقاني)».
ويرى أن الشبكة «كانت تمثل الجزء الأكثر تطوراً في الحركة من الناحية العسكرية، وحافظت على روابط مهمة مع (القاعدة) والاستخبارات الباكستانية، وفي الوقت نفسه احتفظت بقاعدة قوتها المميزة في أفغانستان».
وسراج الدين حقاني المدرج على قوائم الإرهاب الأميركية مع جائزة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يقدم معلومات تسهم في اعتقاله، أسندت له وزارة الداخلية وهي الحقيبة التي تحدد نهج حكم «طالبان».
ورأى المستشار البارز لدى «مجموعة الأزمات الدولية» غريام سميث، إن حقاني «هو الخيار الطبيعي» للمنصب، وقال «لقد نظم بعض الوحدات القتالية الأكثر نخبوية في (طالبان)».
لكن تعيين حقاني زاد من تعقيد إمكانية اعتراف حكومات غربية بحكومة «طالبان» أو الإفراج عن المبالغ الاحتياطية للبنك المركزي الأفغاني المجمدة في الولايات المتحدة.
وعدم ضمان تلك الأموال والحصول على قبول أجنبي يمكن أن يعد ضربة لبرادر، الذي ترأس المفاوضات مع الغرب وصولاً إلى الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
ومن دون اعتراف أجنبي، سيكون على «طالبان» تولي مهمة ملحة متمثلة بإدارة ما وصفته الأمم المتحدة بأنه «أزمة اقتصادية» في أفغانستان و«كارثة إنسانية وشيكة».
واستبعدت شخصيات من خارج الحركة ومجموعات تابعة لها من غرب أفغانستان، ومن بينها تلك المرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني، إلى حد كبير من الحكومة.
ويقول سميث إن «حركة (طالبان) قررت استبعاد حكومة جامعة، وتجاهلت مطالب سياسيين أفغان بارزين ودول إقليمية بضم شخصيات من خارج (طالبان)»، ويضيف: «هذا جيد لتماسك (طالبان) وسيروق لمؤيدي الحركة، لكنه يهدد أيضاً بإقصاء أفغان آخرين والمجتمع الدولي».
ويرى إبراهيمي أن قوى إقليمية مثل إيران أو روسيا، يمكن أن تعود إلى تمويل مجموعات تعمل بالوكالة، لضمان مصالحها، وقال «إنها وصفة لنزاع عنيف أو لتشكيل آخرين حركة مقاومة ذلك يخلق فرص استغلال من جانب قوى إقليمية غير راضية عن أفعالها».
«طالبان» تواجه تحدياً بعد شهر على سيطرتها على كابل
«طالبان» تواجه تحدياً بعد شهر على سيطرتها على كابل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة