برلمان ليبيا يحرج رئيس حكومته الثني سياسيا بقرار عودة وزير الداخلية المقال

وزير الخارجية الليبي يجدد تأكيده أهمية حوار الأمم المتحدة بالمغرب

عمر السنكى
عمر السنكى
TT

برلمان ليبيا يحرج رئيس حكومته الثني سياسيا بقرار عودة وزير الداخلية المقال

عمر السنكى
عمر السنكى

وضع مجلس النواب الليبي رئيس حكومته الانتقالية عبد الله الثني في موقف محرج سياسيا، بعدما قرر أمس بشكل مفاجئ إعادة وزير الداخلية المقال من منصبه عمر السنكى، فيما بدا أنه بمثابة أزمة جديدة بين أطراف الشرعية في ليبيا. بينما أعلنت مصادر ليبية عن مصرع 25 شخصا في الاشتباكات التي دخلت يومها الثاني أمس في مدينة سرت بوسط البلاد بين قوات الجيش وما يسمى بميلشيات فجر ليبيا.
وتزامنت هذه التطورات مع إبداء مصادر مقربة من الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي تخوفها من مساعي مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني لعرض مقترح على الاتحاد يقضي بإرسال جنود إلى ليبيا لدعم حكومة وحدة وطنية محتملة.
واستبق متحدث باسم الجيش الليبي محادثات سيجريها وزراء خارجية الاتحاد المجتمعون في بروكسل اليوم بتأكيده على أن بلاده ترفض استقدام أي قوات أجنبية، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى المبادرة برفع الحظر الذي يفرضه مجلس الأمن الدولي على تسليح الجيش الليبي.
وقال المتحدث الذي طلب عدم تعريفه، إذا كانت أوروبا جادة في مكافحة الإرهاب فلتدعمنا، لا نريد أي قوات أجنبية على أراضينا، ليعطونا السلاح ونحن سنتكفل بالقضاء على كل الجماعات الإرهابية في الأراضي الليبية.
وطرحت موغيريني فكرة أن يرسل الاتحاد فريقا إلى ليبيا لمراقبة وقف إطلاق النار أو حماية المطارات وغيره من مرافق البنية التحتية إذا نجحت المحادثات التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة برناردينو ليون، كما اقترحت أيضا أن تساعد سفن تابعة للاتحاد في تطبيق حظر على السلاح.
وقال دبلوماسيون بالاتحاد إن خطط موغيريني ستتطلب بالضرورة إرسال بعض الجنود إلى ليبيا حيث أصبح لمتشددي تنظيم داعش وجود، بينما أعلن مسؤول كبير بالاتحاد أن الاتحاد سيدرس إرسال فرق عسكرية ومدنية فيتولى الجنود حماية الحكومة ويساعد المدنيون في مكافحة الإرهاب وفي مجالات أخرى.
ويشعر دبلوماسيون من عدة دول أعضاء بالقلق بشأن تعجل اتخاذ القرار، حيث نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه «نود أن نرى اتفاقا أولا.. نود أن نرى تفاصيل طلب من الأمم المتحدة قبل أن نبدأ إلزام أنفسنا سياسيا بالتخطيط لعمليات ستنطوي على خطورة وستدخلنا إلى بلد مضطرب على نحو غير عادي». وقال دبلوماسي آخر إنه «من المرجح أن يؤيد الوزراء بيانا اليوم يطلب من موغيريني تقديم اقتراحات في أقرب وقت ممكن بشأن بعثة محتملة للاتحاد إلى ليبيا لكنه لن يشمل تفاصيل».
وتريد إيطاليا مسقط رأس موغيريني وفرنسا من الاتحاد التحرك لوقف الفوضى في ليبيا. وتسعى إيطاليا جاهدة لمواجهة موجة من المهاجرين الذين ينطلق كثير منهم من ليبيا ليعبروا البحر المتوسط في قوارب متهالكة.
وقال دبلوماسيون إن إرسال الاتحاد الأوروبي بعثة جديدة يقتضي طلبا من ليبيا وتفويضا من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة حيث لا يمكن ضمان تأييد روسيا والصين اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو).
من جهة أخرى، أظهرت رسالة تحمل توقيع رئيس مجلس النواب الليبي صالح عقيلة إلى عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، رغبة المجلس في عودة وزير الداخلية المقال عمر السنكى إلى عمله اعتبارا من تاريخ أمس، حيث طلب عقيلة «تمكينه من أداء مهام عمله اعتبارا من تاريخ هذا الكتاب وموافاتنا كتابيا».
وقال عقيلة إن «لجنة التحقيق الداخلية التي شكلها المجلس للتحقيق مع وزير الداخلية قد انتهت إلى إعادته إلى سابق عمله»، مشيرا إلى أن الثني كان قد طلب تشكيل هذه اللجنة بعدما أحال السنكى للتحقيق وأوقفه عن العمل الشهر الماضي.
ولم يصدر على الفور أي تعليق من حكومة الثني التي تتخذ من مدينة البيضاء في شرق البلاد مقرا مؤقتا لها، بعد سيطرة ميلشيات فجر ليبيا على العاصمة طرابلس الصيف الماضي.
ورفض وزير الداخلية الليبي التعليق على القرار، بينما قال مصدر في مجلس النواب الذي يعتبر أعلى سلطة دستورية وسياسية في ليبيا لـ«الشرق الأوسط» إن «عودة الوزير إلى عمله مسألة حتمية في ضوء قرار رئيس المجلس، من دون أن يكشف عن المزيد من التفاصيل».
وكان الثني قد أقال وزير الداخلية على خليفة جملة من التصريحات الصحافية المثيرة للجدل التي أدلى بها واعتبرت مساسا بالفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي. لكن الوزير المقال رفض الإطاحة به من منصبه وقال إنه «سيمارس عمله كالمعتاد إلى حين الفصل النهائي في هذه الأزمة»، التي تعكس بحسب مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» حجم الخلافات بين معسكر الشرعية الذي يمثله البرلمان المنتخب وحكومة الثني وتوتر العلاقات من وقت لآخر بين الطرفين.
من جهة ثانية، أنهى وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي، محمد الدايري، أمس، زيارة عمل مفاجئة إلى العاصمة الإيطالية روما، حيث التقى وزير الخارجية الإيطالية باولو جينتيلوني. وقالت مصادر بالمكتب الإعلامي للخارجية الليبية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجانبين ناقشا العلاقات الليبية - الإيطالية، كما كان الحوار الوطني الليبي الذي تقوده الأمم المتحدة من أبرز الملفات.
ونقلت المصادر عن جينتيلوني تأكيده أن مسألة الحوار الليبي هي الحل الوحيد للأزمة التي تمر بها ليبيا في الوقت الراهن، مشيرا إلى أبداء الجانب الإيطالي تفهمه من أجل إعطاء الوقت الكافي لكل الأطراف من أجل تدارس كل الخيارات والوصول إلى حل يخرج ليبيا من أزمتها.
في المقابل، أكد الجانب الليبي التركيز من أجل وضع برنامج لحكومة الوفاق الوطني بدلا من التركيز على تشكيل حكومة قبل نهاية مارس (آذار) الحالي. كما أبدى ارتياحه بالاهتمام المتزايد الذي توليه بعض الدول الأوروبية والغربية منها بشأن الدور الذي تقوم به ليبيا في حربها على الإرهاب، مشيرا إلى الاجتماع المزمع عقده في إيطاليا الأربعاء المقبل، والذي يجمع كلا من إيطاليا ومصر والجزائر. ويشار إلى أن وزير الخارجية الليبي قد اجتمع أول من أمس في تونس العاصمة، مع عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين لدى ليبيا الموجودين في تونس، حيث استعرض معهم تطورات الأوضاع في ليبيا.
وقال رامي كعال، مدير مكتب الإعلام بوزارة الخارجية الليبية لـ«الشرق الأوسط»، إن الدايري أكد مجددا أهمية الحوار الوطني الليبي الذي يعقد في مدينة الصخيرات المغربية لحل الأزمة الليبية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.