الصحافة تجد ضالتها في إيقاف مقدم برنامج على «بي بي سي»

توترات مع الجيران إلى الجنوب.. ومع «روسيا الحرب الباردة»

الصحافة تجد ضالتها في إيقاف مقدم برنامج على «بي بي سي»
TT

الصحافة تجد ضالتها في إيقاف مقدم برنامج على «بي بي سي»

الصحافة تجد ضالتها في إيقاف مقدم برنامج على «بي بي سي»

بدأت التغطية الإعلامية الأميركية الأسبوعية بالتركيز على علاقات الولايات المتحدة مع دول أميركا الوسطي والجنوبية. وانتهت بالتركيز على علاقات الولايات المتحدة مع روسيا، مع توقعات عودة «الحرب الباردة».
بدا الأسبوع بخبر نقلته وكالة أسوشييتد برس عن قرار محكمة استئناف الهجرة في الولايات المتحدة بترحيل وزير الدفاع السابق في السلفادور، كارلوس يوجينيو كازانوفا، إلى وطنه لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب الأهلية هناك قبل 20 عاما.
ونقلت قنوات تلفزيونية مشكلة فنية مع دولة أخرى مجاورة للولايات المتحدة: جمايكا. حيث حكمت محكمة في ولاية كاليفورنيا بتغريم المغني الأميركي ثيك 7 ملايين دولار لأنه «سرق» أغنية المغني الجمايكي مارفين غاي.
ونقلت وسائل الإعلام قرار الرئيس أوباما بأن فنزويلا تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة، وذلك بعد تصاعد المشاكل مع الولايات المتحدة، والتي ظلت تتفاقم منذ أيام الرئيس الفنزويلي الراحل شافيز.
وعن نفس دول المنطقة، نقلت وسائل الإعلام تقرير لجنة أميركية عن ترحيل المقيمين في الولايات المتحدة بصورة غير قانونية، وأغلبيتهم من المكسيك. وجاء في التقرير أن الذين أبعدوا كانوا ارتكبوا جرائم. وأن معظمها لم تكن جرائم العنف، أو تورط في الإرهاب، ولكن قيادة سيارات تحت تأثير الكحول. وقليل منها بسبب السرقة، والاغتصاب، والمتاجرة في فيديوهات أطفال إباحية.
وفي منتصف الأسبوع، اهتم الإعلام الأميركي بقرار وزيرة العدل في السويد باستجواب جوليان أسانج في لندن، حيث يعيش لاجئا في قنصلية إكوادور. وبقولها إن سبب التغيير في الرأي هو أن الفترة القانونية لمحاكمة متهمين في جرائم مثل التي يشتبه أسانج في تنفيذها ستنتهي في منتصف هذا العام. وأعاد تلفزيون «سي إن إن» إلى الأذهان أن أسانج مطلوب أمام العدالة الأميركية لدوره في نشر مئات الآلاف من الوثائق السرية الأميركية.
وفي منتصف الأسبوع، أيضا، عاد التوتر العرقي إلى ضاحية فيرغسون، خارج سان لويس (ولاية ميزوري). ونقل تلفزيون «سي إن إن»، وهو أكثر القنوات الأميركية اهتماما بما يحدث في فيرغسون، صور إطلاق النار على اثنين من رجال الشرطة من قبل مجهول يعتقد أنه أسود، ويعتقد أنه أراد الانتقام لقتل شرطي أبيض شابا أسود في نفس المدينة في الصيف الماضي.
وأبرزت صحيفة «نيويورك ديلي نيوز» الشعبية خبرا رياضيا عن قرار «فيفا» بطرد اتحاد زيمبابوي لكرة القدم من تصفيات نهائيات كأس العالم عام 2018، وذلك لامتناعه عن دفع مستحقات مدرب الفريق الوطني. ورغم أن الخبر يبدو بعيدا عن قراء الصحيفة في نيويورك، يعتقد أن له صلة بمشاكل مدربين مع أصحاب فرق رياضية في نيويورك.
مع نهاية الأسبوع، طغت أخبار روسيا على الإعلام الأميركي. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» خبرا رئيسيا عن إلغاء عدد من اجتماعات الرئيس فلاديمير بوتين. وعن تكهنات على نطاق واسع عن صحة بوتين، وربما حتى موته. رغم أن المسؤولين في الكرملين كرروا نفي الشائعات.
ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» خبرا مماثلا عن روسيا. عن إبلاغ حكومة ألمانيا للروس بأن المستشارة أنجيلا ميركل لن تحضر احتفال يوم 9 مايو (أيار) بمناسبة نهاية الحرب العالمية الثانية، وذكري يوم النصر في موسكو. لكنها، ستزور موسكو بعد ذلك بوقت قصير.
ومع نفس التركيز على روسيا، نقل تلفزيون «إن بي آر» العام برنامجا عن «المزاج الروسي»، عن مقابلات مع روس وروسيات، وسؤالهم عن آرائهم، ليس فقط عن مشكلة أوكرانيا، والمشكلة الاقتصادية بسبب العقوبات الغربية بسبب ذلك، ولكن، أيضا، عن عادات روسية يراها الغربيون غريبة، مثل: كثرة شرب الفودكا، وكثرة الفساد الحكومي، وعدم احترام الرجال للنساء.
أضف إلى هذا خبر وكالة أسوشييتد برس من موسكو بأن زاور ديدوف، الشيشاني المسلم الذي قيل إنه اعترف بدوره في قتل المعارض الكبير بوريس نيمتسوف، اعترف بعد تعرضه للتعذيب.
كل ذلك، مع أخبار وتعليقات كثيرة، وأيضا في مواقع التواصل الاجتماعي عن عودة «الحرب الباردة».
والقصة التي تناولتها الصحافة البريطانية بإسهاب هذا الأسبوع كانت الضجة التي سببتها أنباء إيقاف المذيع البريطاني جيرمي كلاركسون مقدم البرنامج التلفزيوني الشهير «توب جير» عن العمل. وتناولت الصحف ولعدة أيام متتالية الخلاف والأسباب والتكهنات على نطاق واسع حول سبب إيقافه. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قد أعلنت يوم الثلاثاء في بيان أنه «بعد مشادة مع مخرج البرنامج، تم إيقاف جيرمي كلاركسون عن العمل إلى حين إجراء تحقيق».
يذكر أن البرنامج المعني بالسيارات «توب جير» قد أصبح واحدا من أكثر برامج «بي بي سي» نجاحا، حيث تم بيعه لـ214 دولة ومنطقة على مستوى العالم، كما يصل عدد مستخدمي موقعه الإلكتروني إلى نحو 4 ملايين مستخدم شهريا. ونقلت صحيفة الـ«صن» البريطانية الشعبية عن كلاركسون القول إنه كان ينتظر حتى «تتكشف» الواقعة برمتها، وذكرت أنه نفى ما تردد حول لكمه أحد المخرجين. وذكرت بعض التقارير الصحافية أن «الشجار» دار حول نقص خدمة تقديم الطعام خلال التصوير أو بعده. وكتب كلاركسون تغريدة ساخرة على «تويتر» اعتذر فيها لرئيس الوزراء البريطاني عن سرقة الأضواء والهيمنة على عناوين الصحف. وقالت لوسي مانينغ مراسلة «بي بي سي نيوز» إن مصادر في هيئة الإذاعة البريطانية أكدت تقارير أفادت بأن مقدم البرنامج أوقف عن العمل بسبب «توجيه لكمة لأحد المنتجين». وأضافت أن «الواقعة يعتقد أنها حدثت الأسبوع الماضي، ولكن تم إبلاغ (بي بي سي) بها الاثنين الماضي ومن ثم تم اتخاذ الإجراء الثلاثاء»، مشيرة إلى أنه لن تتم إذاعة الحلقتين المقبلتين من البرنامج.
أما صحيفة الـ«غارديان»، فقد أعطت الموضوع حقه في التغطية، لكن في الصفحات الداخلية. وفي اليوم نفسه، ركزت الصحيفة في تغطيتها على سوق العمل وعدد العاطلين من أبناء الأقليات. وتحت عنوان: «ارتفاع عدد العاطلين بين الأقليات»، تقول إن أكثر من 50 في المائة من أبناء الأقليات العرقية لم ينخرطوا في وظائف لأكثر من عام. وأضافت أن أكثر من 41 ألف شخص من الفئة العمرية بين 16 و24 عاما وينتمون إلى الأصول الأفريقية والآسيوية، أصبحوا في عداد العاطلين وبشكل دائم، وهذا يشكل زيادة بنسبة 49 في المائة عن عام 2010.
أما في عدد الخميس الماضي فقد تناولت الصحيفة الضجة التي سببها أحد زعماء الأحزاب بخصوص قوانين التمييز العنصري. وقالت الصحيفة إن نايجل فراج زعيم حزب الاستقلال اليميني يريد التخلص من التشريعات التي تجرم التمييز العنصري.



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».