المنشقون السياسيون والعسكريون عن نظام الأسد في عزلة بانتظار المرحلة الانتقالية

لا تمتلك المعارضة السورية رقمًا دقيقًا لهم.. وتقدرهم بالآلاف

مظاهرة لسوريين معارضين أمام مقر الحكومة البريطانية «10 داونينغ ستريت» أمس (تصوير: جيمس حنا)
مظاهرة لسوريين معارضين أمام مقر الحكومة البريطانية «10 داونينغ ستريت» أمس (تصوير: جيمس حنا)
TT

المنشقون السياسيون والعسكريون عن نظام الأسد في عزلة بانتظار المرحلة الانتقالية

مظاهرة لسوريين معارضين أمام مقر الحكومة البريطانية «10 داونينغ ستريت» أمس (تصوير: جيمس حنا)
مظاهرة لسوريين معارضين أمام مقر الحكومة البريطانية «10 داونينغ ستريت» أمس (تصوير: جيمس حنا)

لم ينجح آلاف المنشقين عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، سواء العسكريون منهم أو السياسيون والدبلوماسيون، على مدى السنوات الـ4 الماضية، في لعب أي دور مؤثر باتجاه وضع حد للأزمة المتمادية، بعدما ظل الكثير من السوريين وحتى فترة ليست ببعيدة ينظرون إليهم بنوع من الريبة خوفا من أن يكونوا عملاء يحاولون خرق صفوف المعارضة.
ويُعتبر رئيس الحكومة السورية السابق رياض حجاب أبرز المنشقين السياسيين عن النظام السوري. ففي السادس من أغسطس (آب) 2012، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن حجاب أقيل من منصبه، فيما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في حينها بأنه انشق عن النظام وقام الجيش الحر بتأمين خروجه من درعا إلى الأردن مع عائلته وعائلات إخوته. وفي مؤتمر صحافي عقده حجاب في العاصمة الأردنية منتصف أغسطس، أكّد أنه لم يُقل من منصبه وأنه انشق بإرادته، كما قال إنه «جندي مخلص من جنود الثورة السورية».
وتفرغ حجاب بعد انشقاقه لتأسيس كيان إداري تنظيمي سوري معارض باسم «التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية»، بهدف جمع وحشد الكوادر السورية المنشقة. وقد تولى حجاب رئاسة هذا التجمع الذي ينضوي تحت مظلة الائتلاف السوري، ويضم حاليا عددا كبيرا من المنشقين السياسيين والدبلوماسيين ومن شغلوا مناصب كبيرة في مؤسسات الدولة.
وأشار رئيس التجمع الحالي محمد حسام الحافظ إلى أن المنشقين السياسيين، كما العسكريين، عانوا في بداية الثورة من «التهميش نتيجة المفهوم الخاطئ الذي كان لدى كثيرين تجاههم. ولفت الحافظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه تتم حاليا الاستفادة من خبرات بعض المنضوين تحت لواء التجمع من خلال الحكومة المؤقتة بمختلف وزاراتها، إلا أن غياب الهيكل التنظيمي الكامل والتمويل لا يزال يشكل «عنصر ضعف يمنع من وضع كل خبرات الأعضاء بخدمة المناطق المحررة». وأضاف الحافظ «يضم التجمع حاليا نحو 1500 عضو من العاملين في مؤسسات الدولة السورية، ولدينا عدد كبير جدا من طلبات الانتساب. وينقسم تجمعنا اليوم إلى 9 مجالس هي مجلس الدبلوماسيين الذي يضم 25 عضوا، المجلس الطبي، مجلس البرلمانيين، مجلس المرأة، مجلس المساءلة والمحاسبة، المجلس القضائي، الإدارة المحلية، الأكاديميين، والمحامين». ويجري العمل على تشكيل مجالس أخرى كمجلس المهندسين والتربويين، إلى جانب وجود عدد جيد من الأعضاء غير المؤطرين ضمن المجالس بعد.
وأوضح الحافظ أن التجمع يعمل أيضا كمنظمة مدنية غير حكومية تهدف لتأمين التمويل اللازم لمشاريع صغيرة تخدم المناطق المحررة، وبخاصة في المجالات التي لم تنشط فيها الحكومة المؤقتة بعد.
وشدد على ان المنشقين يشكلون خزان الخبرات الأساسي المعوّل عليه في مرحلتي الترميم وإعادة الإعمار».
ولا تمتلك قوى المعارضة رقما دقيقا لعدد المنشقين السياسيين والعسكريين على حد سواء، إلا أنها تقدرهم بالآلاف. ومن أبرز المنشقين السياسيين عن النظام السوري، نائب رئيس الحكومة السابق قدري جميل الذي انشق في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، وقد أصدر الأسد مرسوما بإقالته لـ«غيابَه عن مقر عمله دون إذن مسبق، وعدم متابعته لواجباته». وقد شكّل انشقاق المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية، جهاد المقدسي، في ديسمبر (كانون الأول) 2012، ضربة كبيرة للأسد باعتبار أن الشاب المسيحي كان يشكل وإلى حد كبير صورة دبلوماسية جميلة فقدها النظام بين ليلة وضحاها. وفي أول مقابلة له في فبراير (شباط) 2014، قال المقدسي إن النظام ما زال يؤمن بإمكانية الحل العسكري، داعيا المجتمع الدولي إلى التركيز على منح الشعب فرصة «الفوز بالنقاط» عوض التركيز على «الضربة القاضية» وإسقاط الأسد، خاصة أن المطلب الحالي بات تغيير النظام.
وأسفت مصادر في الائتلاف السوري المعارض لعدم نجاح قوى المعارضة طوال السنوات الـ4 الماضية في الاستفادة من الانشقاقات الكثيرة التي تمت، إن على صعيد السياسيين أو العسكريين والأمنيين. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لم نتمكن من تأمين العدة والإمكانيات اللازمة لهؤلاء، خاصة للعسكريين، مما أدى لانفتاح الكثير منهم على التطرف بعدما وجدوه ملجأ وحيدا لتحرير بلادهم من نظام الأسد».
وأول الانشقاقات على المستوى العسكري سجّله في 23 أبريل (نيسان) 2011 المجند في الحرس الجمهوري في قيادة قاسيون وليد القشعمي، الذي أعلن انشقاقه في تسجيل مصور بثه ناشطون سوريون على الإنترنت. وقال في التسجيل إنه رفض هو وبعض زملائه إطلاق النار على متظاهرين في بلدة حرستا بريف دمشق، وألقوا أسلحتهم وهربوا، وحماهم المتظاهرون.
وفي يونيو (حزيران) 2011، أعلن الضابط في الجيش السوري برتبة ملازم أول عبد الرزاق طلاس انشقاقه بسبب ما سماها «الممارسات غير الإنسانية واللاأخلاقية». ودعا الضابط في تسجيل مصور زملاءه العسكريين إلى «الانحياز لمطالب المواطنين».
ومن أبرز المنشقين العسكريين الذين لمع نجمهم العقيد رياض الأسعد، الذي أعلن انشقاقه برفقة مجموعة من ضباط الجيش السوري في يوليو (تموز) 2011، وأسسوا «الجيش السوري الحر». وقد نجحت الكتائب المتطرفة في إقصاء عناصر الجيش الحر وضباطه الذين انكفأ عدد كبير منهم في المخيمات الأردنية والتركية.
وفي يناير (كانون الثاني) 2012، أعلن العميد مصطفى أحمد الشيخ انشقاقه عن الجيش وانضمامه إلى الحركة الاحتجاجية، في تسجيل مصور بث على موقع «يوتيوب» بعد فراره إلى تركيا. واتهم العميد المنشق الجيش السوري بارتكاب جرائم ومجازر في حق الشعب السوري.
ولم يتمكن العسكريون المنشقون، خاصة ذوي الرتب العالية، من الانسجام مع الطبيعة الميليشياوية لتجمعات الثوار المقاتلين، وفيما قرر الكثير منهم انتظار دورهم في مرحلة انتقالية مقبلة، قبل بعضهم الانضمام إلى الفصائل المسلحة، والخضوع لقيادة المدنيين، لكنهم لم يتمكنوا من التأقلم مع الارتجال وعدم الانضباط وضعف التنظيم، وأجبروا على الانعزال والاكتفاء بالمراقبة أو التخطيط من بعيد.
واعتبر رياض قهوجي، المدير التنفيذي لـ«مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري»، أن «غياب القوة والقيادة الموحدة كان السبب الرئيسي وراء عدم القدرة على استيعاب العسكريين المنشقين والاستفادة من خبراتهم»، لافتا إلى «انقسام قوى المعارضة وتشرذمها وارتهان بعضها لقرارات خارجية أبعدت المنشقين عنها، فاختاروا الانزواء». وقال قهوجي لـ«الشرق الأوسط»: «انتهى المطاف بهم بعزلة لصالح أشخاص من أصحاب العقليات الميليشياوية التي لا يتفق معها القادة العسكريون».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.