الجائحة تدفع الشركات الكبرى نحو الطعام الصحي

زيادة الوعي بأهمية اتّباع أنظمة غذائية صحّية (شاترستوك)
زيادة الوعي بأهمية اتّباع أنظمة غذائية صحّية (شاترستوك)
TT

الجائحة تدفع الشركات الكبرى نحو الطعام الصحي

زيادة الوعي بأهمية اتّباع أنظمة غذائية صحّية (شاترستوك)
زيادة الوعي بأهمية اتّباع أنظمة غذائية صحّية (شاترستوك)

أدت جائحة «كوفيد - 19» إلى زيادة الوعي العالمي إزاء أهمية اتباع أنظمة غذائية سليمة، وبالتالي فإنّ الأطعمة الصحية ستصبح نمطاً سائداً في حقبة ما بعد «كورونا»، على ما يؤكد رئيس شركة «فيرمينيش» السويسرية، أحد أهم مصنّعي العطور والنكهات في العالم، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسيّة.
ويلفت جيلبير غسطين إلى أنّ وباء «كوفيد - 19» زاد من شهية المستهلكين على المنتجات الصحية، قائلاً: «مع كوفيد، أدرك المستهلكون فجأة أنّه إذا كان نظام المناعة لديهم ضعيفاً أو إذا كانوا يعانون من الوزن الزائد أو السكري، فهم أكثر عرضة للإصابة به».
ويشدد غسطين على أنّ «الصحة والرفاهية مهمتان جداً، وفي هذا الوقت بات الناس أكثر وعياً بما يأكلون».
ويتولى غسطين، وهو رجل أعمال لبناني تبوأ سابقاً مراكز رفيعة في شركات عالمية، منصب الرئيس التنفيذي لشركة «فيرمينيش» منذ عام 2014.
وأعطى تفشي فيروس «كورونا» في العالم زخماً للتحولات الحاصلة أصلاً في عادات الأكل منذ ما قبل الجائحة. وقد حدد ذلك خريطة الطريق لاستثمارات الشركة السويسرية خلال السنوات العشر إلى العشرين المقبلة، وفق غسطين الذي يوضح قائلاً إن «جوهر عملنا يقوم على توقع اتجاهات المستهلكين والتأكد من تكريس كامل الاستثمارات اللازمة في العلوم والموارد في التكنولوجيا لكي نطوّر حلولاً مناسبة لزبائننا».
قد تكون «فيرمينيش»، وهي أكبر شركة خاصة في العالم للعطور والنكهات، غير معروفة بدرجة كبيرة لدى عامة الناس، لكنّ مكوناتها موجودة في آلاف المنتجات الاستهلاكية.
وحسب غسطين، ثمة اتجاهان في طريقهما إلى التوسع في المستقبل: الأول هو تقليل السكر في الأطعمة، ما يشكّل إحدى نقاط القوة لدى الشركة السويسرية، على حد قوله.
أمّا الاتجاه الثاني فيتمثل في اعتماد بدائل عن اللحوم والحليب ومشتقاته، ما يعكس ليس فقط المخاوف بشأن تغير المناخ والبصمة الكربونية المتأتية من المواشي، بل أيضاً الطفرة في النظم الغذائية المرنة التي تركز على الأطعمة النباتية، من دون الاستغناء عن اللحوم.
ويقول غسطين: «سنستثمر بشكل غير متناسب في هذين الاتجاهين الرئيسيين»، من دون الكشف عن أي أرقام في هذا المجال.
ولا تزال «فيرمينيش»، على عكس منافسيها الرئيسيين، شركة عائلية. وبما أنّها غير مدرجة في البورصة، لا يترتب عليها سوى الكشف عن بعض الأرقام الرئيسية في ميزانيتها العامة.
ويقع مقر الشركة الرئيسي في قرية ساتيني المعروفة بكرومها قرب جنيف، وقد أسسها العالم السويسري فيليب شويت عام 1895 في مرآب شارل فيرمينيش. وهي باتت اليوم مجموعة عالمية يعمل فيها عشرة آلاف شخص ولها مكاتب في 83 بلداً.
وبلغ حجم مبيعاتها السنوية 3.9 مليار فرنك سويسري (4.3 مليار دولار) في العام المالي المنتهي في يونيو (حزيران) 2020.
وتضم الشركة وحدتين رئيسيتين هما قسم النكهات الذي يوفر المكونات اللازمة في الصناعات الغذائية، من الشركات الصغيرة إلى المجموعات العملاقة مثل «يونيليفر» أو «نستله» أو «مونديليز» أو «كِلوغر»؛ وقسم العطور المتخصص في تحضير الروائح المستخدمة في صنع منتجات النظافة والعطور.
ومن أبرز زبائنها شركة «فرنسوا كوتي» الفرنسية للعطور، كما ساهمت الشركة السويسرية في تطوير عطور لشركات عالمية بينها «أنجل» من «تييري موغلر» و«أكوا دي جو» من «أرماني» و«سي كاي وان» من «كالفين كلاين» و«فلاور» من «كنزو».
ويشير غسطين إلى أنّ الشركة السويسرية تهدف إلى تحقيق نمو يقرب من 5%، مع التركيز على تنمية القدرات الذاتية لدى «فيرمينيش».
مع ذلك، تسعى الشركة أيضاً إلى تحقيق عمليات استحواذ محددة الأهداف في القطاع.
وفي فبراير (شباط)، أكملت منافستها الأميركية «آي إف إف» صفقة الاستحواذ على فرع التغذية والعلوم الحيوية التابع لشركة «دوبون» الأميركية العملاقة من المفترض أن تدفعها إلى موقع الريادة في هذا القطاع، مع بيانات مالية مبدئية بلغت 11 مليار دولار في عام 2020.
كذلك زادت منافستها السويسرية «غيفودان» التي حققت مبيعات بقيمة 6.3 مليارات فرنك سويسري، من عمليات الاستحواذ الصغيرة. لكنّها أنجزت أيضاً صفقة كبيرة في عام 2018 من خلال الاستحواذ على شركة «ناتوريكس» الفرنسية.
ويقول غسطين: «أنجزنا 13 عملية استحواذ في أربع سنوات»، في ظل شهية كبيرة لدى المجموعة على صعيد صفقات الدمج. كما استحوذت الشركة العام الماضي على «دي آر تي» الفرنسية المصنّعة للحاء الصنوبر ومستخلصات بذور العنب المستخدمة في الأغذية ومستحضرات التجميل.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.