عالم «ميتافيرس» يفتح شهية عمالقة القطاع الرقمي

سماعة الرأس على الجهاز اللوحي لعرض ثلاثي الأبعاد لمفهوم «ميتافيرس» (شاترستوك)
سماعة الرأس على الجهاز اللوحي لعرض ثلاثي الأبعاد لمفهوم «ميتافيرس» (شاترستوك)
TT

عالم «ميتافيرس» يفتح شهية عمالقة القطاع الرقمي

سماعة الرأس على الجهاز اللوحي لعرض ثلاثي الأبعاد لمفهوم «ميتافيرس» (شاترستوك)
سماعة الرأس على الجهاز اللوحي لعرض ثلاثي الأبعاد لمفهوم «ميتافيرس» (شاترستوك)

تخيلوا عالماً رقمياً يمكنكم أن تعيشوا فيه حياة موازية من دون مغادرة المنزل: أهلاً بكم في الـ«ميتافيرس» التي تعدّها «فيسبوك» وشركات ألعاب الفيديو والإنترنت الأخرى العملاقة، القفزة الكبيرة التالية في تطور الشبكة العنكبوتية.
من الرقص في الملهى الليلي مع الأصدقاء على شكل صورة رمزية («أفاتار»)؛ إلى تسلق قمة «إيفرست» من خلال خوذة الواقع الافتراضي، مروراً بعقد اجتماعات مع الزملاء في مكاتب أعيد استصلاحها رقمياً... تفتح «ميتافيرس» آفاقاً من شأنها دفع حدود العالم المادي لتقريب العالمين؛ الواقعي والافتراضي، كلاهما للآخر إلى درجة الاندماج، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
طوّر نيل ستيفنسون هذا المفهوم عام 1992 في رواية الخيال العلمي «سنو كراش»، وهو كتاب مرجعي لرواد الأعمال في «سيليكون فالي»، إلى أن أصبح مصطلح «ميتافيرس» في الأشهر الأخيرة من أكثر الكلمات شعبية في عالم التكنولوجيا وألعاب الفيديو. حتى إن كبرى الشركات في القطاع تستثمر ملايين الدولارات في تطويرها... وآخر المنضمين إلى هذا المجال «فيسبوك» التي أعلنت الاثنين عن إنشاء فريق مخصص للـ«ميتافيرس».
وقال رئيس الشبكة، مارك زوكربيرغ، لموقع «ذي فيرج» الأسبوع الماضي: «سيكون هذا جزءاً كبيراً جداً من الفصل التالي لصناعة التكنولوجيا»، مشيراً إلى أن «(ميتافيرس) هو وريث الإنترنت المحمول».
وبصورة تدريجية، يُفترض أن تسمح الشاشات والصور المجسمة (هولوغرام) وخوذ الواقع الافتراضي ونظارات الواقع المعزز بـ«تنقلات» مرنة بين العالم الافتراضي والأماكن المادية، بما يشبه «التنقل عن بعد»، وفق زوكربيرغ الذي يأسف لمحدودية الهواتف الذكية في توفير النفاذ إلى المساحات الرقمية.
ومع ذلك، انطلق السباق في هذا المجال بين عمالقة ألعاب الفيديو الجدد، مثل «روبلوكس» (منصة تتضمن عدداً لا يُحصى من الألعاب التي أنشأها أطفال ومراهقون) أو «فورتنايت» التي تحلم بجعل القواعد التي وضعتها الشبكات الاجتماعية، مثل «إنستغرام» و«تيك توك» و«سنابشات»، أمراً بالياً.
وفي نهاية أبريل (نيسان) 2020، في أوج مراحل الإغلاق الأولى خلال وباء «كوفيد19»، حققت 5 حفلات افتراضية، ظهر فيها مغني الراب الأميركي ترافيس سكوت على شكل صورة رمزية (أفاتار) على لعبة «فورتنايت»، نجاحاً كبيراً؛ إذ استقطبت 12 مليون لاعب فيديو.
وإثر هذا النجاح، أطلقت اللعبة، التي تضم 350 مليون لاعب تتراوح أعمارهم بين 14 و24 عاماً، أيضاً، مهرجاناً سينمائياً يُسمى «شورت نايت»، إضافة إلى «بارتي رويال»؛ وهي حفلة افتراضية عملاقة يحييها منسقو أسطوانات معروفون. وأوضح مسؤول في شركة «إبيك غايمز» المطورة لعبة «فورتنايت» نهاية مارس (آذار) لوكالة الصحافة الفرنسية: «خصوصاً في هذه المرحلة التي بات فيها اللقاء الجسدي أكثر صعوبة، من المهم للغاية وجود هذه التجارب الافتراضية. ننظر حقاً إلى (فورتنايت) على أنها منصة للتجارب الاجتماعية المتصلة وليست مجرد لعبة».
هل يفتح ذلك الباب أمام مستقبل حماسي أم إننا متجهون إلى عالم أشبه بـ«الديستوبيا»؛ (أدب يتناول مجتمعاً خيالياً فاسداً)؟ تقول كاثي هاكل، المستشارة في شؤون التكنولوجيا التي تقدم المشورة للشركات عن «ميتافيرس»، إن الجيل المقبل أكثر تقبلاً لفكرة إعطاء معنى حقيقي للتجارب والقطع الافتراضية.
وهي توضح: «أول حفلة حضرتها كانت في ملعب. أما أول حفلة حضرها ابني فكانت (لمغني الراب الأميركي) ليل ناس إكس على لعبة (روبلوكس). إحياء الحفلة عبر لعبة (روبلوكس) لم يجعلها أقل واقعية».
كذلك ترفض هاكل الرؤية البائسة المقدمة في كتاب «سنو كراش» عن عالم افتراضي يهرب فيه الناس من أهوال الواقع، وهي فكرة عادت للظهور بعد عقدين من الزمن في رواية «بلاير وان» التي نُقلت إلى الشاشة الكبيرة عبر فيلم لستيفن سبيلبيرغ عام 2018. ولتحقيق هدفها الجديد، وظفت «فيسبوك» استثمارات كبيرة في التكنولوجيا التي تجعل الناس يشعرون جسدياً بأنهم في مكان آخر، مثل أجهزتها «بورتال» للاتصال عبر الفيديو، وخوذ «أوكولوس»، ومنصة «هورايزن» للواقع الافتراضي.
لكن حتى مارك زوكربيرغ أقر بأن خوذ الواقع الافتراضي الحالية «فيها بعض الشوائب» وبأنها تتطلب مزيداً من التطوير لنوع التجارب التي يطمح إليها «في نحو السنوات الخمس المقبلة».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.