مسؤول أميركي رفيع يبحث في الجزائر أزمة تونس ومكافحة الإرهاب

وسط تنامي المخاوف من عدم استقرار الحدود مع الجيران

TT

مسؤول أميركي رفيع يبحث في الجزائر أزمة تونس ومكافحة الإرهاب

بحث مساعد وزير الخارجية الأميركي جوي هود، أمس، مع أهم المسؤولين الجزائريين خلال زيارته للبلاد، الأحداث في تونس على إثر قرار الرئيس قيس سعيد تجميد البرلمان وحل الحكومة. وفي هذا السياق، أعلنت رئاسة الجمهورية الجزائرية أن الرئيس عبد المجيد تبون تلقى أمس مكالمة هاتفية من الرئيس التونسي قيس سعيد. وذكرت الرئاسة، عبر حسابها الرسمي على موقع «فيسبوك»، أن الرئيسين بحثا مستجدات الأوضاع في تونس. كما تطرق الرئيسان إلى آفاق العلاقات الجزائرية التونسية وسبل تعزيزها.
وذكر بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، أمس، أن وزير الشؤون الخارجية رمضان لعمامرة استقبل المسؤول الأميركي، وأن اللقاء الذي بحث أيضاً تطور الأوضاع في ليبيا ومالي، وما يسمى «الحوار الاستراتيجي» بين الجزائر وواشنطن، وعلى رأسه مكافحة الإرهاب «شكّل فرصة لتباحث سبل تعزيز الحوار الاستراتيجي بين الجزائر والولايات المتحدة الأميركية، وكذا استعراض آفاق ترقية حلول سياسية وسلمية لمختلف الأزمات، التي تقوّض السلم والأمن في منطقتي شمال أفريقيا والشرق الأوسط».
وأكد البيان أن جوي التقى أيضاً رشيد شكيب قايد، الأمين العام لوزارة الخارجية، حيث «جرى تقييم التعاون الثنائي، وبحث آفاق توطيده وتنميته على ضوء علاقات الصداقة والتعاون التي تربط البلدين. كما ناقش المسؤولان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الأوضاع في ليبيا ومالي والصحراء، ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، فضلاً عن مكافحة جائحة (كوفيد - 19)».
كما أعلن عن لقاءات بين المسؤول الأميركي مع الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، ووزيري التجارة والثقافة. وأفادت مصادر تابعت الزيارة بأن الوضع في تونس تصدر محادثات المسؤول الأميركي. مبرزة أن ليبيا ومحاربة التنظيمات الإرهابية بالمغرب العربي ومنطقة جنوب الصحراء، «كانت محل اهتمام الطرفين، كما كان الحال خلال زيارات المسؤولين الأميركيين في السنوات الأخيرة».
وأوضحت المصادر ذاتها أن «السيد جوي ولعمامرة حرصا على التأكيد بأن الجزائر وواشنطن تريدان من الليبيين حل مشاكلهم سياسياً، كما بحثا آخر الاتصالات التي جرت بين واشنطن وأنقرة بخصوص سحب تركيا لقواتها الموجودة بليبيا، وأبديا قلقاً من استمرار وجود مرتزقة في هذا البلد». مؤكدة أن البلدين «يشتركان في نظرتهما للأوضاع في ليبيا ومالي، وقضايا الهجرة السرية ومحاربة المخدرات وتجارة السلاح، وقد أشاد السيد جوي بالدور الهام الذي تؤديه الجزائر من أجل استقرار المنطقة».
وتأتي زيارة جوي هود التي دامت يومين، في إطار جولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدأت في 24 من الشهر الجاري وتدوم خمسة أيام، تشمل أيضاً المغرب والكويت، بعد أن تنقل إلى تونس وليبيا في مايو (أيار) الماضي.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».