السلطة الفلسطينية تطالب بتفعيل دور «الرباعية»

تقديرات إسرائيلية بأن بنيت لا يريد مفاوضات

وزير الخارجية يائير لبيد (يسار) يتحدث إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية في جلسة الأمس (أ.ب)
وزير الخارجية يائير لبيد (يسار) يتحدث إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية في جلسة الأمس (أ.ب)
TT

السلطة الفلسطينية تطالب بتفعيل دور «الرباعية»

وزير الخارجية يائير لبيد (يسار) يتحدث إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية في جلسة الأمس (أ.ب)
وزير الخارجية يائير لبيد (يسار) يتحدث إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية في جلسة الأمس (أ.ب)

طالبت السلطة الفلسطينية بتفعيل دور الرباعية الدولية شبه المجمد منذ سنوات طويلة. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ: «نطالب بتفعيل دور الرباعية الدولية». وأضاف الشيخ المقرب من عباس: «نؤيد الدعوة الروسية لعقد اجتماع على المستوى الوزاري لهذه اللجنة».
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد دعا هذا الشهر إلى تفعيل عمل اللجنة الرباعية الخاصة بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.
وتعمل روسيا، بالاتفاق مع الفلسطينيين، على تنظيم اجتماع للجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) على مستوى وزراء الخارجية، لكن لا يوجد تجاوبٌ كافٍ مع ذلك.
وقال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة ليست متشجعة لإطلاق أي مبادرات من أي نوع في هذا الوقت، وتفضل الانتظار، خوفاً من أن الضغط سيسبب انهيار الحكومة في إسرائيل.
وأكد المصدر أن محاولات إحياء الرباعية قائمة منذ فترة طويلة، من دون أن ينجح ذلك بالشكل المطلوب. وأضاف أن «السلطة طلبت رسمياً إحياء اللجنة الرباعية، وعملت مع الأعضاء على ذلك وخاطبتهم، وأكدت استعدادها للانخراط في مفاوضات ترعاها الرباعية، لكن الاستجابة بطيئة للغاية».
وتشكلت اللجنة الرباعية الدولية عام 2002 بهدف رعاية المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، لكنها توقفت عن العمل بسبب اعتقاد الأطراف أن دورها غير فاعل أو مؤثر. وفي عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، رفضت الإدارة الأميركية تفعيل دورها إلا إذا وافق الفلسطينيون على حل وفق «صفقة القرن». ومع وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الحكم، حدثت تغييرات، وعقدت اللجنة في 24 مارس (آذار) الماضي اجتماعها الأول منذ تولي بايدن الرئاسة، وأطلقت خلال اجتماعها الافتراضي هذا دعوة لاستئناف مفاوضات هادفة على أساس حل الدولتين الذي يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية.
وتعول السلطة الفلسطينية على دور أميركي فاعل أكثر، لكنها تدرك أن الوقت لم يحن، في ظل أن الائتلاف الحاكم في إسرائيل ليس مؤهلاً الآن لاتخاذ خطوات كبيرة. ويدور الحديث الآن حول تعزيز السلطة الفلسطينية سياسياً واقتصادياً، وانتظار إقرار الحكومة الإسرائيلية الميزانية العامة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل قبل دفع مبادرات سياسية.
وقدر مسؤولون إسرائيليون، أمس، أن حكومة نفتالي بنيت قد تنهار بعد إقرار الميزانية بسبب المطالب الأميركية المتعلقة بالفلسطينيين. وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» أن إدارة بايدن أرجأت كل الطلبات والتوقعات بشأن مساهمة إسرائيل في الشأن الفلسطيني إلى ما بعد إقرار الحكومة الميزانية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وقال مصدر يميني للصحيفة إن بعض المطالب المتوقعة لإدارة بايدن قد تؤدي إلى حل الحكومة. وأضاف: «النية الأميركية هي فتح قنصلية للفلسطينيين في القدس، ومثل هذه الخطوة تعني الاعتراف بشرق العاصمة عاصمة مستقبلية للفلسطينيين، وهذا يمكن أن يثير ردود فعل متطرفة من العناصر اليمينية في الائتلاف، ويؤدي في النهاية إلى حله».
ويتوقع أن يخلف الضغط الأميركي خلافاً داخلياً في الحكومة، إذ يميل أعضاء في الائتلاف إلى إطلاق مفاوضات مع الفلسطينيين، مثل وزير الخارجية يائير لبيد ووزير الجيش بيني غانتس، لكن الرئيس نفتالي بنيت، وآخرين مثل جدعون ساعر، لا يؤمنون بالمفاوضات أو حق الفلسطينيين بدولة. وقال المحلل الإسرائيلي يوني بن مناحيم إن بنيت ليس معنياً أبداً بعودة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية.
وبخلاف الخلافات الداخلية المرتقبة، ثمة معارضة خارجية تتربص بالحكومة التي دخلت في مواجهات عدة داخل الكنيست الإسرائيلي، إذ ينتظر الائتلاف الإسرائيلي مواجهة شرسة في الكنيست الذي يتوقع أن يشهد انقساماً حاداً في هذه الفترة بشأن قوانين مقترحة. وتعتزم الحكومة الإسرائيلية تمرير عدد من القوانين قبل خروج الكنيست إلى العطلة الصيفية، في مقدمتها تعديل لقانون أساس الحكومة الذي يضمن احتفاظ وزير الخارجية يائير لبيد بأحقيته في رئاسة الحكومة، وينص هذا البند على أنه في حال سقوط الحكومة، في حال عدم المصادقة على ميزانية الدولة، يصبح لبيد رئيساً للحكومة. وستحاول الحكومة إضافة نظام تصويت في اللجان الوزارية تحسباً لأي خلل في توازن القوى، كما ستسعى إلى منح صلاحيات أخرى لرئيس الحكومة، بتعيين نائبي وزير في مكتبه.
وتريد الحكومة أيضاً المصادقة على قانون تعيين القضاة في المحاكم الدينية اليهودية، وذلك بعدما فشلت في تمريره قبل أسبوعين، جراء التصويت الخاطئ لرئيس الكنيست ميكي ليفي المحسوب على الائتلاف. وتنتظر الحكومة معارضه شرسة في أثناء تمرير هذه القوانين، وأكثر من عاصفة في قضية تشكيل لجان الكنيست.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.