دعوى قضائية تطالب الخارجية الأميركية بالكشف عن مراسلات هيلاري كلينتون

نفت وجود أي اختراق أمني لحسابها.. وأكدت حذف 30 ألف رسالة خاصة

كلينتون تتحدث للصحافيين حول قضية مراسلاتها الإلكترونية  في مقر الأمم المتحدة مساء أول من أمس (أ.ب)
كلينتون تتحدث للصحافيين حول قضية مراسلاتها الإلكترونية في مقر الأمم المتحدة مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

دعوى قضائية تطالب الخارجية الأميركية بالكشف عن مراسلات هيلاري كلينتون

كلينتون تتحدث للصحافيين حول قضية مراسلاتها الإلكترونية  في مقر الأمم المتحدة مساء أول من أمس (أ.ب)
كلينتون تتحدث للصحافيين حول قضية مراسلاتها الإلكترونية في مقر الأمم المتحدة مساء أول من أمس (أ.ب)

قدمت وكالة أنباء أميركية، أمس، دعوى قضائية ضد وزارة الخارجية، تطالبها بالكشف عن المراسلات البريدية التي أجرتها هيلاري كلينتون عندما كانت على رأس الوزارة من 2009 إلى 2013. وجاءت دعوى وكالة «أسوشييتد برس» المستندة إلى «قانون حرية المعلومات الأميركي» بعد يوم واحد من قرار كلينتون كسر الصمت والدفاع علانية عن استخدامها لبريدها الإلكتروني الشخصي بدلا من البريد الحكومي عندما كانت على رأس الوزارة.
وجاءت الدعوى التي قدمت أمام المحكمة الجزئية لمقاطعة كولومبيا بعد يوم من كسر كلينتون الصمت حول استخدامها حساب بريد إلكتروني خاصا بينما كانت وزيرة للخارجية. وقالت كارين كايزر، المستشارة القانونية لدى وكالة «أسوشييتد برس»: «بعد إجرائها لدراسة متأنية واستنفادها للخيارات الأخرى، اتخذت وكالة (أسوشييتد برس) الخطوات القانونية اللازمة للوصول إلى الوثائق المهمة، التي ستسلط الضوء» على ما كانت تقوم به وزيرة الخارجية السابقة كلينتون. وبدورها، قالت رئيسة التحرير بوكالة «أسوشييتد برس» كاثلين كارول إن «قانون حرية المعلومات موجود لمنح المواطنين رؤية واضحة عما يقوم به المسؤولون الحكوميون نيابة عنهم. وعندما يجري حجب هذه الرؤية فإن البديل التالي هو المحاكم». ولم تعلق الخارجية الأميركية على الفور على الدعوى.
وفي أول تعليق لها منذ بدء الجدل، قالت كلينتون مساء أول من أمس إنها استخدمت حسابا شخصيا فقط «لدواعي السهولة»، وشددت على أن «الملقم الخاص» الذي استعملته لم يتعرض لأي اختراق أمني. وأضافت كلينتون أن «أي معلومات سرية» لم يتم الكشف عنها في الرسائل الإلكترونية، وتعهدت بأنها ستسلم وزارة الخارجية كل المراسلات المتعلقة بعملها.
وأثارت كلينتون الديمقراطية منذ أسبوع جدلا بعد الكشف عن أنها كانت تستخدم حصرا حسابا شخصيا للبريد الإلكتروني عندما كانت وزيرة للخارجية، إلا أنها أشارت إلى أنه ومن أصل 63320 رسالة إلكترونية تلقتها وأرسلتها خلال عملها كوزيرة للخارجية طيلة أربع سنوات، هناك قرابة 30 ألف رسالة خاصة بينها رسائل حول التحضير لزفاف ابنتها وبرنامجها لممارسة اليوغا، وأنها قامت بحذفها. وتابعت أن الملقم الخاص بأسرة كلينتون والذي تم تخزين كل رسائلها الإلكترونية عليه لن يسلم إلى الحكومة أو إلى لجنة تحقيق مستقلة. وأشارت كلينتون إلى أنها اتخذت إجراءات «غير مسبوقة» لاحترام القانون الذي ينص على إبقاء الملفات الرسمية وعدم إتلافها.
وقالت كلينتون أمام صحافيين بعد أن ألقت كلمة خلال منتدى للأمم المتحدة حول النساء «مع إعادة النظر أعتقد أنه كان من الأفضل» استخدام هاتفين وحسابين إلكترونيين. وأضافت «اعتقدت أن استخدام جهاز واحد سيكون أسهل، لكن من الواضح أن الأمر عكس ذلك».
وبعد مرور 21 شهرا على مغادرتها لمنصبها قامت كلينتون بتسليم 55 ألف صفحة مطبوعة تقريبا من الرسائل الإلكترونية، وذلك بناء على طلب من وزارة الخارجية لها ولوزراء خارجية سابقين. وأضافت «لقد قمنا بتحديد كل الرسائل المتعلقة بالعمل وتسليمها إلى وزارة الخارجية». إلا أنها لم تقدم أي دليل على أنه لم يتم حذف رسائل إلكترونية متعلقة بالعمل ويمكن أن تسبب لها الإحراج. ولدى سؤالها مباشرة عما إذا قامت أو أحد أعضاء فريقها بحذف أي رسائل إلكترونية متعلقة بالعمل أجابت بوضوح «لم نقم بذلك».
ويتهم الجمهوريون السيدة الأولى والسيناتورة السابقة بأنها حاولت أن تخفي رسائلها الإلكترونية عن الحكومة. ومع أن كلينتون خالفت على ما يبدو تعليمات وزارة الخارجية عندما قامت بمهامها مستخدمة بريدا إلكترونيا خاصا، فإنها تصر على أنها لم تنتهك القانون.
من جانبهم، يصر الجمهوريون على أن تسلم كلينتون كل رسائلها الإلكترونية لتتم مراجعتها. وأعلن رئيس مجلس النواب جون باينر أن «كلينتون لم تسلم رسائلها الإلكترونية عن طيب خاطر، بل لأن لجنة التحقيق حول اعتداء بنغازي التابعة لمجلس النواب أرغمتها على ذلك»، في إشارة إلى اللجنة التي تحقق في الهجمات التي قتل فيها أربعة أميركيين بينهم السفير في ليبيا في 2012. وحذر رئيس اللجنة تراي غاودي من أن تعليقات كلينتون تثير أسئلة أكثر من أجوبة. وقال غاودي «من دون الملقم الخاص، لا سبيل لوزارة الخارجية لمعرفة أنها حصلت على كل الوثائق التي يجب نشرها». وأضاف «لا أرى خيارا سوى أن تسلم كلينتون الملقم إلى جهة ثالثة حيادية لتحدد أيا من الوثائق يمكن التصريح عنها وأيها يجب إبقاؤها خاصة». وتابع أنه سيحث كلينتون على المثول مرتين أمام اللجنة التي يترأسها، الأولى «لتبرير دورها وحل المسائل المتعلقة باستخدامها لبريد إلكتروني خاص بشكل حصري»، والثانية في جلسة عامة حول بنغازي.
وتتعرض كلينتون لضغوط متزايدة من قبل الجمهوريين حول مسألة البريد الإلكتروني، إذ يعتبرون أنها حاولت إخفاء رسائل إلكترونية ذات حساسية، ولو أن رسائلها الرسمية جزء من الأرشيف العام. وستستغرق عملية نشر الرسائل الإلكترونية أشهرا، إلا أن وزارة الخارجية أعلنت أنها ستنشر قريبا مجموعة من 300 رسالة. وكشف جيب بوش، المرشح الرئاسي المحتمل، مؤخرا عن 250 ألف رسالة إلكترونية تعود إلى الفترة التي كان فيها حاكما لفلوريدا. وأشارت اللجنة الديمقراطية الوطنية إلى أن جيب بوش استخدم أيضا بريدا خاصا على ملقما خاصا في مراسلاته.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.