«طالبان» تشترط رحيل الرئيس غني للتوصل إلى اتفاق سلام

الجيش الأفغاني يغير استراتيجية الحرب للحد من الخسائر

شرطي أفغاني يراقب الطريق العامة عبر نقطة تفتيش أمنية في ضواحي العاصمة كابل (رويترز)
شرطي أفغاني يراقب الطريق العامة عبر نقطة تفتيش أمنية في ضواحي العاصمة كابل (رويترز)
TT

«طالبان» تشترط رحيل الرئيس غني للتوصل إلى اتفاق سلام

شرطي أفغاني يراقب الطريق العامة عبر نقطة تفتيش أمنية في ضواحي العاصمة كابل (رويترز)
شرطي أفغاني يراقب الطريق العامة عبر نقطة تفتيش أمنية في ضواحي العاصمة كابل (رويترز)

قالت حركة «طالبان»، إنه لن يكون هناك سلام في أفغانستان قبل رحيل الرئيس أشرف غني، في حين أكدت كابل أن الحديث عن سيطرة الحركة على 90 في المائة من البلاد «كذب». فقد أعلن قادة الحركة، في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، أنهم لا يريدون احتكار السلطة، لكنهم يصرون على أنه لن يكون هناك سلام في أفغانستان حتى يتم التفاوض على حكومة جديدة في كابل وإزاحة الرئيس أشرف غني. في غضون ذلك، قال مسؤولون أفغان وأميركيون، إن الجيش الأفغاني الذي مُني بخسائر فادحة في أرض المعركة يتجه لتغيير الاستراتيجية التي يخوض بها الحرب مع حركة «طالبان» ليركز قواته حول المناطق الأكثر حساسية مثل كابل ومدن أخرى والمعابر الحدودية والبنية التحتية الحيوية. وهذه الاستراتيجية التي تنطوي على مخاطر سياسية ستعني بالضرورة التخلي عن مناطق لمقاتلي «طالبان». لكن مسؤولين يقولون، إنه يبدو أن الأمر بات ضرورة عسكرية في ظل سعي القوات الأفغانية المنهكة للحيلولة دون فقدان السيطرة على عواصم الأقاليم الأمر الذي قد يتسبب في تصدع البلاد. ويتزامن تركيز القوات، والذي تم الإقرار به علناً من قبل، لكن دون الكشف عن هذه التفاصيل، مع انسحاب القوات الأميركية قبل إنهاء المهمة العسكرية رسمياً هناك في 31 أغسطس (آب) تنفيذاً لأوامر الرئيس الأميركي جو بايدن. وتحقق حركة «طالبان» مكاسب ميدانية سريعة وتسيطر على مزيد من المناطق كما تضغط أكثر على مشارف نصف عواصم الأقاليم في محاولة لعزلها. وحذرت المخابرات الأميركية من أن الحكومة الأفغانية قد تسقط في وقت لا يتعدى ستة أشهر وفقاً لما ذكره مسؤولون أميركيون لـ«رويترز».
وقال مسؤول أفغاني، طلب عدم ذكر اسمه، إن إعادة نشر القوات ستساعد كابل في الاحتفاظ بالسيطرة على مناطق استراتيجية والدفاع عن البنية التحتية التي تشمل سداً بُني بمساعدة الهند وطرقاً رئيسية سريعة. لكن تركيز القوات في مناطق بعينها يعني أيضاً ترك مناطق أخرى دون حماية وهو أمر يصعب إقناع المواطنين به، وكذلك المجموعات العرقية التي ستشعر أن السلطة المركزية تخلت عنها في مواجهة «طالبان». وقال كينيث ماكنزي، الجنرال بقوات مشاة البحرية وقائد القيادة المركزية الأميركية التي تشرف على القوات الأميركية في أفغانستان. وتدعم القوات الأفغانية، بعد أن اطلع على الخطة هذا الشهر، إن الأفغان يعلمون أن عليهم اختيار معاركهم. وتابع قائلاً «لا يمكنك الدفاع عن كل شيء. إذا دافعت في كل الأماكن لن تحمي أي مكان». ونفذت الولايات المتحدة ضربات جوية لدعم قوات الحكومة الأفغانية التي تواجه ضغوطاً من حركة «طالبان»، في حين بدأت القوات الأجنبية التي تقودها واشنطن المراحل النهائية من انسحابها من البلاد.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية للصحافيين، أول من أمس، إن الضربات كانت لدعم قوات الأمن الأفغانية في الأيام الماضية، دون ذكر المزيد من التفاصيل. وذكر ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم «طالبان»، أن الضربات وقعت مساء الأربعاء واستهدفت ضواحي مدينة قندهار في جنوب البلاد وأسفرت عن مقتل ثلاثة من مقاتلي الحركة وتدمير سيارتين. في غضون ذلك، أعلنت حركة «طالبان»، أنهم لا يريدون احتكار السلطة، لكنهم يصرون على أنه لن يكون هناك سلام في أفغانستان حتى يتم تشكيل حكومة تفاوضية جديدة في كابل وإقالة الرئيس أشرف غني. وفي مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، أوضح المتحدث باسم «طالبان»، سهيل شاهين، وهو عضو في فريق التفاوض التابع للحركة، موقف المتمردين حول ما يجب أن يحدث في بلاد على شفا الهاوية. إذ استولت حركة «طالبان» سريعاً على الأراضي خلال الأسابيع الأخيرة، كما سيطرت على المعابر الحدودية الاستراتيجية، وهي تهدد عدداً من عواصم المقاطعات، مع مغادرة آخر جنود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لأراضي أفغانستان. وفي هذا الأسبوع، قال القائد العسكري الأميركي الأعلى، الجنرال مارك ميلي، في مؤتمر صحافي في البنتاغون، إن «طالبان» لديها «زخم استراتيجي»، ولم يستبعد استيلاء «طالبان» الكامل على السلطة. غير أنه أكد أن هذا ليس أمراً حتمياً، وقال «لا أعتقد أن المباراة النهائية قد بدأت بعد». وقال شاهين، إن «طالبان» سوف تتخلى عن أسلحتها عندما يتم تنصيب حكومة متفاوض عليها ومقبولة من جميع أطراف النزاع في كابل مع رحيل حكومة أشرف غني. يقول شاهين أيضاً «أريد أن أوضح أننا لا نؤمن باحتكار السلطة لأن أي حكومات (سعت) إلى احتكار السلطة في أفغانستان في الماضي لم تكن حكومات ناجحة»، ومن الواضح أن هذا التقييم تضمن حكم حركة «طالبان» السابق الذي استمر خمس سنوات، وتابع قائلاً «لذا؛ فنحن لا نريد أن نكرر الأمر نفسه». وقال الرئيس غني في غير مناسبة، إنه باق في منصبه إلى أن تحدد الانتخابات الجديدة الحكومة المقبلة. ويتهمه منتقدوه، بمن فيهم من هم خارج حركة «طالبان»، بالسعي إلى الاحتفاظ بالسلطة فحسب؛ مما تسبب في حدوث انشقاقات بين مؤيدي الحكومة في البلاد. وفي نهاية الأسبوع الماضي، ترأس عبد الله وفداً رفيع المستوى إلى العاصمة القطرية الدوحة لإجراء محادثات مع قادة «طالبان». وانتهت بوعود بإجراء المزيد من المحادثات، فضلاً عن إيلاء المزيد من الاهتمام لحماية المدنيين والبنية التحتية. ووصف شاهين تلك المحادثات بأنها بداية طيبة، إلا أنه قال، إن مطالب الحكومة المتكررة بوقف إطلاق النار خلال فترة بقاء غني في السلطة هي بمثابة مطالبة «طالبان» بالاستسلام. وأضاف «إنهم لا يريدون المصالحة، ولكنهم يريدون الاستسلام». وقبل أي وقف لإطلاق النار، لا بد من التوصل إلى اتفاق على حكومة جديدة «مقبولة لدينا ولغيرنا من الأفغان». ثم «لن تكون هناك مزيد من الحروب».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».