المغرب ينتقد تصريحات المتحدث باسم {الخارجية} الأميركية

ناشط حقوقي يشارك بمظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح الصحفي سليمان الريسوني في الرباط السبت الماضي (أ.ف.ب)
ناشط حقوقي يشارك بمظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح الصحفي سليمان الريسوني في الرباط السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

المغرب ينتقد تصريحات المتحدث باسم {الخارجية} الأميركية

ناشط حقوقي يشارك بمظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح الصحفي سليمان الريسوني في الرباط السبت الماضي (أ.ف.ب)
ناشط حقوقي يشارك بمظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح الصحفي سليمان الريسوني في الرباط السبت الماضي (أ.ف.ب)

قالت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان في المغرب إن تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، بشأن اثنين من المشتبه بهم، حُكم على الأول ابتدائياً بالسجن لخمس سنوات في قضية حق عام، فيما يوجد الآخر في طور المحاكمة، يستند إلى معلومات «منحازة» صادرة حصرياً عن داعمي المتهمين، وذلك في إشارة إلى الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي.
وذكرت المندوبية في بيان صدر مساء أول من أمس، عقب علمها بمضمون هذا التصريح الذي نُشر (الاثنين)، إن «هذه المعلومات حجبت عن عمد وجهة نظر المشتكين ودفاعهم، وذهبت إلى حد إنكار وضعهم كضحية، وحقهم المعترف به عالمياً في تقديم شكوى».
وأضافت المندوبية أنها لاحظت بذهول أن تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية يشير فقط إلى مزاعم الشخص المدان، مع التركيز على وضعه المهني، وإلى مزاعم «انتهاكات المعايير المتعلقة بمحاكمة عادلة». في حين أشار بيان للنيابة العامة المختصة، الصادر في 12 من يوليو (تموز) الجاري، بوضوح إلى الطابع العادل للمحاكمة المذكورة.
وكانت واشنطن قد انتقدت المغرب لإصداره حكماً بالسجن خمس سنوات على الصحافي سليمان الريسوني، ودعت المملكة إلى حماية حرية الإعلام.
وذكرت الخارجية الأميركية أنها «أُصيبت بخيبة أمل» من الحكم الصادر بحق الريسوني، رئيس تحرير صحيفة «أخبار اليوم»، الموقوفة عن الصدور جراء أزمة مالية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، للصحافيين: «نعتقد أن العملية القضائية التي أدت إلى هذا الحكم تتعارض مع وعد النظام المغربي الأساسي بإجراء محاكمات عادلة للأفراد المتهمين بارتكاب جرائم، كما تتعارض مع وعد دستور 2011 وأجندة إصلاح جلالة الملك محمد السادس». مضيفاً أن «حرية الصحافة أساسية لمجتمعات مزدهرة وآمنة، ويجب على الحكومات ضمان أن يتمكن الصحافيون من أداء أدوارهم الأساسية بأمان ودون خوف».
يُذكر أن محكمة مغربية قضت يوم الجمعة الماضي بسجن الريسوني خمس سنوات، وأداء غرامة مالية قدرها 100 ألف درهم (10 آلاف دولار)، بعد أن وجهت إليه تهمة «هتك العرض والاحتجاز».
وشددت المندوبية على أن المغرب متشبث باحترام الحقوق الأساسية لجميع المتقاضين، مهما كان وضعهم، مشيرة إلى أن استقلال القضاء، الذي كرّسه دستور 2011، والذي أفرزته الإصلاحات الجوهرية التي باشرتها المملكة المغربية منذ أكثر من عقدين، «هو الضامن لاحترام هذه الحقوق الأساسية».وخلصت المندوبية إلى أن «المغرب يظل متشبثاً جداً بتعزيز قيم الحريات الفردية والجماعية، لا سيما حريات التعبير والجمعيات، التي ما فتئت تتطور، في إطار مجتمع مزدهر ومتسامح وشامل ينبذ التعسف والظلم والعنف».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».