ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان ينعكس فوضى في تحديد تعريفة سيارات الأجرة

اتجاه لرفع الأسعار اليوم بعد اقتراح برفع بدل النقل لموظفي القطاع العام

TT

ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان ينعكس فوضى في تحديد تعريفة سيارات الأجرة

يتجه اتحاد النقل البري في لبنان إلى رفع تعريفة النقل، إثر الارتفاع الكبير في سعر صفيحة البنزين وارتفاع قيمة الدولار، وهو ما مهدت له السلطات اللبنانية باقتراح وزارة المالية زيادة بدل النقل الذي يدفع للعاملين في القطاع العام ليصبح 24 ألف ليرة (1.25 دولار على سعر صرف السوق) بدلاً من 8 آلاف ليرة، أي بزيادة 3 أضعاف.
وانعكس ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان وعدم ثبات سعر صرف الدولار مقابل الليرة فوضى في تحديد تعريفة النقل المشترك ولا سيّما أنّ الاتحادات المعنيّة بالموضوع لم تتفق على رفع التعريفة من عدمها، فبات الأمر استنسابيا يحدده السائق بالاتفاق مع الراكب.
وكانت تعريفة «السرفيس» الرسمية تبلغ 4000 ليرة (أقل من ربع دولار على سعر صرف السوق) للراكب، فوزارة الأشغال المعنية بالموضوع لم تعلن رفع التعريفة بعد، أما على أرض الواقع فهي تبدأ بـ8000 ليرة ومع ذلك «ينتهي النهار بخسارة» كما يكرر أصحاب سيارات الأجرة.
يستند هؤلاء إلى أن سعر صفيحة البنزين بات 72 ألف ليرة (3 دولارات ونصف الدولار وفق سعر صرف السوق) وللحصول عليها يذهب نصف النهار انتظارا في الطوابير على محطات الوقود، هذا فضلا عن أسعار الزيوت وقطع الغيار التي تحدد على أساس سعر الدولار في السوق السوداء والذي تجاوز الـ19 ألف ليرة.
وكانت أسعار المحروقات قد ارتفعت في لبنان منذ أسبوعين بنسبة تزيد على 40 في المائة بعدما قررت الحكومة تخفيض دعم استيراد هذه المواد من 1500 للدولار الواحد إلى 3900 بسبب تراجع احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبيّة.
ورغم رفع سعر المحروقات لا تزال أزمة الوقود مستمرة إذ تشهد معظم المحطات زحمة كبيرة بسبب شح مادتي البنزين والمازوت، وقد ينتظر سائق الأجرة ساعات للحصول على 20 لتر بنزين.
ويرى رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض أنّ التعريفة ارتفعت بحكم الأمر الواقع لتصل إلى 8 آلاف ليرة، فسائقو سيارات الأجرة والذين يبلغ عددهم 33 ألف سائق لا يستطيعون تأمين قوتهم في ظلّ ارتفاع أسعار السلع الغذائية تبعا لارتفاع سعر الدولار كما أنهم باتوا عاجزين عن إصلاح أعطال سياراتهم، فجميع قطع الغيار تباع بالدولار، مضيفا في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ الحكومة اللبنانية قررت ترشيد الدعم على المحروقات من دون وضع أي خطة أو آلية تضمن استمرار عمل سائقي الأجرة وكأنهم غير موجودين.
ويضيف فياض أنّ الاتحاد ومنذ ثلاثة أشهر وهو يطالب الحكومة أن تعطي سائقي سيارات الأجرة مقابل رفع الدعم عن المحروقات 20 صفيحة بنزين في الشهر على سعر 40 ألف ليرة، و500 ألف ليرة فرق قطع الغيار، ولكنها حتى اليوم لم تفعل شيئا بل إنها أكثر من ذلك لم تعط نحو 50 في المائة من السائقين المساعدات التي أقرتها العام الماضي لفئات معينة، بينها سائقو سيارات الأجرة، والتي حددت بـ400 ألف ليرة شهريا كتعويض عن الإجراءات التي اتخذتها بسبب انتشار وباء «كورونا».
ومع تفاقم الأزمة المالية في لبنان بات من السهل أن يلاحظ المواطنون تراجع عدد سيارات الأجرة ولا سيّما في العاصمة بيروت بعد توقف بعض أصحابها عن العمل بسبب عدم قدرتهم على صيانة سيارتهم، كما يمكن ملاحظة تهالك سيارات الأجرة في الآونة الأخيرة فأصحابها لا يصلحون إلا الأساسي وما يضمن استمرار عملها.
وكانت دراسة نشرت مؤخرا أشارت إلى أنه مع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار أصبحت تكلفة صيانة السيارة الصغيرة والعادية (زائد تكلفة البنزين) 8 ملايين ليرة سنوياً أي نحو 675 ألف ليرة شهرياً كحد أدنى وهو ما يساوي الحد الأدنى للأجور، وهذه التكلفة هي قبل تخفيض الدعم على المحروقات وقبل وصول سعر الدولار إلى ما هو عليه اليوم.
وفي حين يشكل رفع تعريفة سيارات الأجرة عبئا على المواطنين إذ إن الموظف بات يحتاج إلى أكثر من 350 ألف ليرة شهريا للذهاب والعودة من عمله أي ما يساوي نصف الحد الأدنى للأجور تقريبا، يرى فياض أنّ الحلّ يجب ألا يكون على حساب سائق الأجرة بل بالإسراع في إقرار مطالب السائقين التي تضمن استمرارهم ولا تزيد الأعباء على المواطنين.
ويطالب موظفو الإدارات الرسمية منذ فترة بزيادة بدل النقل ليواكب ارتفاع تكلفته الحقيقية مع ارتفاع أسعار المحروقات وعدم توفرها في أغلب الأوقات.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.