«سرايا القدس» تعزز بنيتها العسكرية استعدادًا لمواجهة جديدة مع إسرائيل

مسؤول إسرائيلي: قمنا باتخاذ الخطوات اللازمة لنكون أكثر استعدادًا

«سرايا القدس» تعزز بنيتها العسكرية استعدادًا لمواجهة جديدة مع إسرائيل
TT

«سرايا القدس» تعزز بنيتها العسكرية استعدادًا لمواجهة جديدة مع إسرائيل

«سرايا القدس» تعزز بنيتها العسكرية استعدادًا لمواجهة جديدة مع إسرائيل

بعد 6 أشهر على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، يسابق مقاتلو «حركة الجهاد الإسلامي» الزمن من أجل إعادة بناء قدراتهم العسكرية، باستخدام شبكة أنفاق قتالية، استعدادا لمواجهة، يقول أحد قادتهم إنها أصبحت قريبة.
وقال أبو البراء، وهو قيادي كبير في سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي: «نحن على أعلى درجة من الجاهزية لأي مواجهة لأننا تعودنا أن المحتل يغدر ولا يحترم أي هدنة ولا أي اتفاقات... ونحن نحاول أن نعيد توازننا من جديد.. والحرب مستمرة»، مشيرا إلى أن «الأنفاق تعد من أهم ركائز العمل العسكري، خاصة في الحروب. ونحن نمتلك أنفاقا أمامية تستخدم لضرب المحتل بقذائف الهاون وأخرى للوصول إلى مرابض الصواريخ، وتصب في مصلحة تعزيز وثبات المقاومة». وأوضح أبو البراء أن سرايا القدس «تملك ما يمكن أن يؤلم العدو ويجعله يدفع ثمنا غاليا، ويرد على جرائمه بالصواريخ وغيرها»، مؤكدا أن تسلح حركة الجهاد أصبح اليوم «أكثر كفاءة وقدرة مما كان عليه في الحرب الأخيرة».
وفي داخل النفق، كان مقاتلون آخرون منشغلين بنقل قذائف من نوع «آر بي جي»، قال قيادي إنها «في إطار الإعداد لمواجهة العدو». أما في موقع «حطين» داخل خان يونس جنوب القطاع، فقد قدم نحو مائتي مقاتل انضموا «حديثا» لسرايا القدس، وفقا للقيادي أبو سيف، عروضا عسكرية متنوعة، كالقفز على حواجز نيران، وهم يرددون هتافات «الموت لإسرائيل».
يقول أبو أحمد، وهو أحد مدربي هؤلاء الشبان، إنهم يتلقون علوما عسكرية «متطورة جدا»، حيث إن «كل دورة تدريب تستمر ما بين 36 يوما إلى 6 أشهر قبل أن يتم فرز المحاربين في وحدات متخصصة، مثل وحدات المدفعية والصواريخ والرماية واقتحام المدن».
ونفذ عدد من مقاتلي السرايا مناورة عسكرية بالذخيرة الحية لنموذج اقتحام موقع عسكري. وكان لافتا تحليق طائرات قتالية إسرائيلية في سماء قطاع غزة.
وشرح أبو سيف، وهو المشرف على التدريب، أن هذه المناورة «تهدف إلى إظهار قدرات عناصر نخبة الاقتحامات في تنفيذ اختراق ومهاجمة مواقع عسكرية حصينة للعدو»، وشدد على أن جناحه العسكري «يعد المحاربين لما يتحتم علينا مواجهته في الأيام المقبلة».
من جهته، يؤكد أبو البراء أن حركته «تمتلك الكثير من الخيارات، ولا تعتمد على الأنفاق وحدها... ونحن نستثمر في الإنسان بفكره وعقيدته القتالية، وهو سيحرر هذه الأرض». وخلال الحرب الأخيرة على غزة، قتل 123 عنصرا من سرايا القدس، التي استمرت نحو 50 يوما، بحسب حصيلة أعلنتها السرايا، موضحة أنها أطلقت «3249 صاروخا وقذيفة»، من بينها صواريخ «فجر 5» إيرانية الصنع، استهدفت مدنا في شمال إسرائيل.
وعادة لا تفصح حركتا حماس والجهاد الإسلامي عن عدد مقاتليهما أو حجم ونوع القدرات العسكرية لديهما. لكن بعض التقديرات المحلية تشير إلى أن سرايا القدس تضم ما بين 10 إلى 15 ألف مقاتل، وضعفهم ينتمي لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس.
ومن جهته، قال اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: «نحن نحتاج أن نكون مستعدين لأن حركتي حماس والجهاد أعلنتا أنهما أعادتا بناء الأنفاق، واختبرتا صواريخ وأشياء أخرى»، مضيفا: «نحن قمنا باتخاذ الخطوات اللازمة لنكون مستعدين أكثر». وتستفيد سرايا القدس والمنظمات المسلحة الأخرى في إعادة بناء منظومتها العسكرية من الهدنة الهشة التي تسود حدود جبهة قطاع غزة. ولكن وفقا لمراقبين، فإنها تعاني من عدم إمكانية تهريب أسلحة ثقيلة وصواريخ من الخارج، بسبب إغلاق مصر لعدة أنفاق كانت تنتشر على طول حدودها مع غزة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.