تضاعفت الأسئلة، أمس، عن مدى إمكانية قطع قادة تنظيم جبهة النصرة المتشدد، علاقته بتنظيم القاعدة، تمهيدًا ليكون «كيانًا عسكريًا جديدًا» في البلاد، وذلك بعد العملية العسكرية التي استهدفت اجتماعًا لقادة التنظيم في ريف إدلب (شمال سوريا) أدى إلى مقتل 5 قياديين، يوصفون بأنهم «من المتصلبين بالرأي ضد الانفصال عن القاعدة».
وربط متابعون مباشرة بين الضربة، التي «جاءت بعد انكشاف أمني لهؤلاء القادة»، وبين الجهود التي تبذل في شمال سوريا لإقناع التنظيم بالتخلي عن ولائه لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، على الرغم من أن مصادر بارزة في الائتلاف الوطني السوري تستبعد «تأثير الضربة، وتبدل أجندة تنظيم النصرة على ضوء ارتباط وثيق لقادتها بـ(القاعدة)»، إضافة إلى أن «(النصرة) عبارة عن كيانات مستقلة في أنحاء سوريا، لا ترتبط بهيكلية تنظيمية واحدة، وتتفاوت الآراء بين زعماء التنظيم في حلب وإدلب والقلمون ودرعا في جنوب البلاد».
وكان القائد العسكري العام لـ«جبهة النصرة» المعروف باسم أبو همام السوري، قتل و4 قياديين آخرين في ظروف لم تتضح، في شمال غربي سوريا، وذلك في قصف جوي استهدف مقر اجتماع لهم، ونفى التحالف الدولي صلته بالحادث، بينما تبنى النظام السوري تنفيذه، قائلاً في خبر نشرته وكالة «سانا» الرسمية السورية للأنباء، إن «أبو همام قتل مع عدد من متزعمي التنظيم خلال عملية نوعية للجيش استهدفت اجتماعا لهم في الهبيط بريف إدلب»، من دون إعطاء تفاصيل إضافية.
وقالت مصادر سورية مطلعة على شؤون الحركات المتشددة لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤول العسكري العام للنصرة، أبو همام السوري «كان معروفًا عنه تشدده لناحية الالتزام بالولاء لتنظيم القاعدة، بصرف النظر عن النقاشات التي يتم الحديث عنها أخيرًا، ولا نعرف طبيعتها»، مشيرة إلى أنه «كان من المقربين من زعيم (القاعدة) السابق أسامة بن لادن، وقاتل في أفغانستان والعراق قبل أن ينتقل إلى سوريا».
وجاء الاستهداف غداة الإعلان عن أن «قادة (جبهة النصرة) في سوريا يدرسون قطع ارتباطهم بتنظيم القاعدة لتكوين كيان جديد في محاولة الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد»، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز» الأربعاء الماضي، نقلاً عن مصادر أشارت إلى أن «مسؤولين من أجهزة المخابرات من دول إقليمية، اجتمعوا مع أبو محمد الجولاني زعيم (جبهة النصرة) عدة مرات في الأشهر القليلة الماضية لتشجيعه على التخلي عن تنظيم القاعدة ومناقشة الدعم الذي يمكن لهذه الأجهزة تقديمه. ووعد المسؤولون بالتمويل بمجرد تحقق الانفصال». وأكد الخبير اللبناني بالجماعات المتشددة أحمد الأيوبي أن «الاجتماع كان يحضره الجولاني الذي يُعتقد أنه تعرض لإصابة جراء الانفجار، وكان مخصصًا للنقاش والحوار واتخاذ القرار بالتخلي عن الولاء لتنظيم القاعدة، عبر مجلس الشورى التابع للتنظيم في سوريا»، مشيرًا إلى أن «الشورى لا تلزم الجولاني عادة لأن القرار يعود للأمير، لكنه يهتم بألا تحصل انشقاقات وتمزقات»، معربًا عن اعتقاده بأن الجبهة «كانت متجهة إلى قرار للانضمام إلى الشرعية العربية والتخلي عن الولاء لتنظيم القاعدة، وقتال النظام السوري وإيران في البلاد». وأوضح الأيوبي أن «الجولاني يعتبر من كبار القادة الجهاديين، وعنده توجهات أكثر مرونة من بعض حديثي الانخراط، وذلك على ضوء التجارب التي قد تكون دافعًا للمرونة وليس للتصلب»، مشيرًا إلى أن استهداف المجموعة «أتى من النظام لمحاولة تعطيل اتخاذ القرار من قبل أعلى هيئة بـ(النصرة) لاحتمال قبول الخيار، والتخلي عن الارتباط بـ(القاعدة)». ورأى أن «إيران والنظام على خط واحد لمنع عودة (النصرة) إلى حاضنة عربية، تشعر أن الصدام مع إيران حتمي عبر تدخله في العراق واستعداداته لاحتلال العراق»، لافتًا إلى أن «هناك محاولة عربية لمن يمكن استقطابه من الجهاديين الذين يتخلون عن الأفكار السلبية المرتبطة بـ(القاعدة) وتصبح الأولوية لقتال النظام وليس (داعش)».
ولا يرى الأيوبي أن تخلي «النصرة» عن «القاعدة» سهلاً، لكنه لفت إلى أن التنظيم «اتخذ في السابق خطوات متقدمة وأقام علاقات مع بعض الدول العربية قبل تصنيفه بالإرهابي». وأشار إلى أن «النصرة» «يمتلك خبرة في نسج العلاقات والتواصل، لأنه قطع أشواطًا بذلك، عبر إعلان الجولاني بأنه يمتنع عن تكفير عموم المسلمين، وأنه يقف إلى جانب خيار الشعب السوري، إضافة إلى امتداده السوري فقط، وهو إعلان خارج أدبيات تنظيم القاعدة».
وكانت غارة جوية استهدفت اجتماعًا لـ«النصرة»، مساء أول من أمس (الخميس)، في منطقة الهبيط الواقعة على بعد نحو 55 كلم إلى الجنوب من مدينة إدلب. وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن أبو همام هو واحد من القادة الخمسة في «جبهة النصرة» الذين كان أفاد عن مقتلهم في وقت سابق، لكنه لم يجزم ما إذا كان القائد العسكري قتل مع الأربعة الآخرين في قصف جوي لم يتضح مصدره الخميس على منطقة لم تحدد في إدلب، أم إذا كان أصيب في غارة جوية نفذها التحالف الدولي في 27 فبراير (شباط) في أبو طلحة في شمال غربي إدلب وقتل فيها قياديان آخران في الجبهة.
من جهة أخرى، تحدث الناشط المعارض إبراهيم الإدلبي لوكالة «الصحافة الفرنسية» عن معلومات تسري على نطاق واسع حول وجود «صراعات داخل جبهة النصرة (...) تتعلق باحتمال انشقاق الجبهة» الساعية إلى بناء إمارة لها في سوريا على غرار إمارة تنظيم «داعش».
مقتل قياديي «النصرة» يطرح تساؤلات حول ولاءاتها.. وخبير: توجه لتخليها عن «القاعدة»
أبو همام السوري يعد من أبرز الموالين للظواهري.. والجولاني «أكثر ليونة»
مقتل قياديي «النصرة» يطرح تساؤلات حول ولاءاتها.. وخبير: توجه لتخليها عن «القاعدة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة