الاتحاد الأوروبي: الاتفاق النووي مع إيران في متناول اليد.. وما تبقى تفاصيل سياسية

طهران تؤكد أنها ستزيد من صادراتها من النفط إذا رفعت عنها العقوبات الغربية

الاتحاد الأوروبي: الاتفاق النووي مع إيران في متناول اليد.. وما تبقى تفاصيل سياسية
TT

الاتحاد الأوروبي: الاتفاق النووي مع إيران في متناول اليد.. وما تبقى تفاصيل سياسية

الاتحاد الأوروبي: الاتفاق النووي مع إيران في متناول اليد.. وما تبقى تفاصيل سياسية

أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أمس، أن «اتفاقا جيدا» بشأن برنامج إيران النووي بات «في متناول اليد»، في الوقت الذي يتعين فيه أن تنتهي المفاوضات حول هذا الملف قبل نهاية مارس (آذار) الحالي.
وأكدت موغيريني أمام برلمانيين أوروبيين مجتمعين في ريغا قبل اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في عاصمة لاتفيا: «أعتقد أن اتفاقا جيدا بات في متناول اليد». وأضافت: «لن يكون هناك اتفاق إن لم يكن جيدا وهذه رسالة علينا أن نوجهها إلى أصدقائنا وشركائنا». وتابعت موغيريني: «يجب أن نقطع الكيلومتر الأخير وهي مسافة تحتاج إلى إرادة سياسية أكثر منها إلى مفاوضات تقنية».
واجتمعت إيران والقوى الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا) أول من أمس، بمونترو على مستوى المدراء السياسيين، وذلك إثر اجتماع وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف ونظيره الأميركي جون كيري في بداية الأسبوع. وقال الاتحاد الأوروبي الذي يرأس هذه الاجتماعات في بيان: «تم تحقيق بعض التقدم وبرز تفهم أفضل بشأن بعض القضايا».
وكثف ظريف وكيري اللقاءات في الأسابيع الأخيرة مع اقتراب موعد 31 مارس الحالي المحدد للتوصل إلى اتفاق سياسي، قبل الانتهاء من التفاصيل التقنية بحلول الأول من يوليو (تموز). وسيلتقيان مجددا في 14 مارس «في جنيف على الأرجح». ويصل كيري غدا إلى باريس للاجتماع بنظرائه البريطاني والألماني والفرنسي. وتطالب القوى الكبرى إيران بخفض قدراتها النووية لمنعها من التمكن يوما ما من صنع قنبلة ذرية. في المقابل تطالب طهران بحقها الكامل في الطاقة النووية المدنية وبرفع كامل للعقوبات الاقتصادية الغربية عليها. وهذه المفاوضات التي بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 تم تمديدها مرتين. وقال الاتحاد الأوروبي إن القوى الست وإيران «ستجتمع مجددا قريبا جدا».
في السياق نفسه، لمح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مساء أول من أمس إلى أن طهران قد تقبل تجميد بعض جوانب برنامجها النووي لعشر سنوات رغم أنه رفض مناقشة القضية بالتفصيل. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الاثنين الماضي إن على «إيران الالتزام بتعليق يمكن التحقق منه لأنشطة نووية حساسة لمدة 10 سنوات على الأقل حتى يتسنى إبرام اتفاق نووي في المحادثات بين طهران والقوى الست الكبرى».
وبشأن ما إذا «كانت طهران مستعدة لقبول تجميد برنامجها النووي الذي تصر على أنه سلمي تماما لمدة عام قال ظريف: «إذا كان لدينا اتفاق فنحن مستعدون لقبول قيود معينة لفترة معينة من الوقت لكنني لست مستعدا للتفاوض على الهواء». ونسبت وسائل إعلام إيرانية إلى ظريف قوله يوم الثلاثاء الماضي أن مطلب أوباما لتعليق جزئي لمدة 10 سنوات «غير مقبول». وتطالب القوى الكبرى إيران بخفض قدراتها النووية لمنعها من التمكن يوما ما من صنع قنبلة ذرية، وفي المقابل تطالب طهران بحقها الكامل في الطاقة النووية المدنية وبرفع كامل للعقوبات الاقتصادية الغربية عليها.
وفي كلمة في الكونغرس الأميركي يوم الثلاثاء الماضي حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الاتفاق الذي يجري التفاوض عليه هو خطأ فادح. ورفض ظريف تحذيرات نتنياهو بشأن الاتفاق وقال: «بعض الناس تعتبر السلام والاستقرار خطرا على الوجود»، مضيفا أن «كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي في الكونغرس الأميركي لم يكن لها أي تأثير على المفاوضات».
من جهة أخرى قالت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء إن «إيران لا تتوقع ارتفاع أسعار النفط فوق 60 دولارا للبرميل حتى عام 2016، وإنها ستزيد صادراتها من الخام إذا رفعت عنها العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي». ونقلت الوكالة عن محسن قمصري مدير الشؤون الدولية في شركة النفط الوطنية الإيرانية قوله: «لا نتوقع أن تتجاوز أسعار النفط 60 دولارا للبرميل حتى عام 2016. ولا يتضح ما سيحدث بعد ذلك».
وأضاف: «عند رفع العقوبات من حقنا الطبيعي والقانوني أن نزيد مبيعاتنا النفطية في مسعى لزيادة الحصة السوقية». وتحظر العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودخلت حيز التنفيذ في عام 2012 استيراد وشراء ونقل المنتجات البترولية الإيرانية. وقال قمصري: «لم تفرض العقوبات على مبيعات النفط الإيرانية بل على مشتريات النفط الإيراني ونحن نبيع النفط لعدد محدود من الدول».
ولا تزال 5 دول هي الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وكوريا تشتري الخام الإيراني لكنها لا تستورد سوى ما بين مليون و1.2 مليون برميل يوميا بما يقرب من نصف ما كانت تصدره إيران قبل فرض العقوبات حينما كان عدد المشترين يزيد عن 10 دول.
وقال قمصري: «نهدف ببيع المزيد من الخام إلى تأمين وضع إيران في سوق النفط وزيادة حصتنا في السوق». وارتفع سعر خام برنت إلى نحو 61 دولارا للبرميل أمس مع تأجج المخاوف المتعلقة بالإنتاج جراء القتال في ليبيا والعراق، بينما يراقب المتعاملون عن كثب المحادثات النووية الإيرانية التي قد تؤدي في النهاية إلى زيادة المعروض بالأسواق العالمية.



مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه مظاهرات مؤيّدة للاتحاد الأوروبي.

المرشح الرئاسي ميخائيل كافيلاشفيلي (أ.ب)

وأصبح كافيلاشفيلي القريب من موسكو رئيساً لجورجيا، بعدما اختاره الحزب الحاكم، السبت، في عملية انتخابية مثيرة للجدل، في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الحاكم إلى تعزيز نفوذه في مؤسسات الدولة، وهو ما تصفه المعارضة بأنه صفعة لتطلعات البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين أعلنت الرئيسة الحالية سالومي زورابيشفيلي أن التصويت «غير شرعي»، رافضة التنحي.

وتشغل زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئاسة جورجيا منذ 2018، وتنتهي ولايتها التي استمرت ست سنوات يوم الاثنين المقبل، وهي تصف نفسها بأنها الرئيسة الشرعية الوحيدة، وتعهّدت بالبقاء لحين إجراء انتخابات جديدة.

متظاهرة تحمل علم الاتحاد الأوروبي بمواجهة الشرطة في تبليسي (أ.ب)

وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات، جيورجي كالانداريشفيلي، أن الهيئة الانتخابية التي يسيطر عليها الحزب الحاكم والتي قاطعتها المعارضة، انتخبت كافيلاشفيلي بـ224 صوتاً لمدة خمس سنوات على رأس السلطة.

وفاز كافيلاشفيلي، 53 عاماً، بسهولة بالتصويت، بالنظر إلى سيطرة «الحلم الجورجي» على المجمع الانتخابي المؤلف من 300 مقعد، الذي حلّ محل الانتخابات الرئاسية المباشرة في عام 2017. واحتفظ حزب الحلم الجورجي بالسيطرة على البرلمان في تلك الدولة التي تقع جنوب منطقة القوقاز، إثر الانتخابات التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول).

وتقول المعارضة إنه جرى تزوير الانتخابات، بمساعدة موسكو. ومنذ ذلك الحين، قاطعت الأحزاب الرئيسة الموالية للغرب الجلسات البرلمانية، مطالبين بإعادة الانتخابات. وتعهّد الحلم الجورجي بمواصلة الدفع باتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنه يريد أيضاً «إعادة ضبط» العلاقات مع روسيا.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

وفي 2008، خاضت روسيا حرباً قصيرة مع جورجيا أدت إلى اعتراف موسكو باستقلال منطقتين انفصاليتين، أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وتعزيز الوجود العسكري الروسي بهما.

واتهم المنتقدون «الحلم الجورجي» الذي أسسه بيدزينا إفانيشفيلي، وهو ملياردير جمع ثروته في روسيا، بأنه أصبح سلطوياً على نحو متزايد ويميل إلى موسكو، وهي اتهامات نفاها الحزب.

وقرار حزب الحلم الجورجي الشهر الماضي تعليق المحادثات بشأن محاولة انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي زادت من غضب المعارضة وأثارت احتجاجات ومظاهرات.

ومساء الجمعة، جرت المظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخلّلتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومنذ التاسعة صباحاً بدأ مئات المتظاهرين يتجمعون متحدين البرد والثلج ومتوافدين إلى محيط البرلمان قبل أن يُعيّن الرئيس الجديد. وجلب بعضهم كرات قدم وشهاداتهم الجامعية استهزاء بالرئيس المنوي تعيينه. وقال تيناتن ماتشاراشفيلي ملوحاً بشهادة تدريس الصحافة التي حصل عليها: «ينبغي ألا يكون رئيسنا من دون شهادة جامعية، فهو يعكس صورة بلدنا».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي بالقرب من مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (رويترز)

وبدأت، السبت، مظاهرة أمام البرلمان في أجواء هادئة، واكتفت الشرطة بحظر النفاذ إلى مدخل المبنى. لكنها وضعت ثلاثة خراطيم مياه ونحو عشرين مركبة على أهبة التدخل في ساحة الحرية. وقالت ناتيا أبخازافا، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الشرطة في كل مكان... رغم الثلوج والأمطار والطقس البارد في الشتاء، سنناضل من أجل بلدنا». وكشفت صوفي كيكوشفيلي، من جهتها، أنه لم يُغمض لها جفن في الأسابيع الأخيرة. وأخبرت المحامية، البالغة 39 عاماً، التي تركت ابنها البالغ 11 عاماً وحيداً في المنزل: «بات الجميع مهدداً الآن، من الأصدقاء والأقرباء ولم يعد في وسعنا التركيز على العمل». وتوقعت أن تطبّق السلطات نهجاً استبدادياً «سيتفاقم مع مرور الوقت إن لم نقاوم اليوم... هذه هي الفرصة الأخيرة للنجاة».

وأوقفت السلطات خلال المظاهرات الاحتجاجية أكثر من 400 متظاهر، حسب الأرقام الرسمية. ووثّقت المعارضة ومنظمات غير حكومية حالات متعددة من عنف الشرطة ضد متظاهرين وصحافيين، وهو قمع نددت به الولايات المتحدة والأوروبيون.

والجمعة، قالت منظمة العفو الدولية إن المتظاهرين تعرّضوا لـ«أساليب تفريق وحشية واعتقالات تعسفية وتعذيب».

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيراً إلى أن المظاهرات كانت أكثر هدوءاً منذ أيام، وأن الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية. ويقول المتظاهرون إنهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تتراجع الحكومة عن قرارها.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في رسالة مصورة، إن فرنسا تقف إلى جانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديمقراطية». وأضاف ماكرون: «لا يمكن لجورجيا أن تأمل في التقدم على طريقها الأوروبي إذا قُمعت المظاهرات السلمية باستخدام القوة غير المتناسبة، وإذا تعرّضت منظمات المجتمع المدني والصحافيون وأعضاء أحزاب المعارضة لمضايقات».

حشد من المتظاهرين في تبليسي عاصمة جورجيا (أ.ب)

وقالت داريكو غوغول (53 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين كانت تشارك في مظاهرة احتجاجية أمام البرلمان، إن الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) «سُرقت، يجب على (زورابيشفيلي) أن تبقى في منصبها، وأن ترشدنا بطريقة أو بأخرى في هذا الوضع المعقد للغاية».

وأكدت هذه الموظفة في منظمة غير حكومية تُعنى ببرامج تنموية، أن ميخائيل كافيلاشفيلي «لا يمكنه أن يمثّل البلاد».

من جهته، أشاد رئيس البرلمان شالفا بابواشفيلي أمام الصحافيين برجل «لا تشوب وطنيته أي شائبة»، و«لا يقع تحت نفوذ قوة أجنبية، كما هي حال» الرئيسة المنتهية ولايتها. وعلّق أحد المارة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم نغادر الاتحاد السوفياتي لتحكمنا واشنطن أو بروكسل أو كييف أو باريس أو أي كان».

وأعلنت واشنطن، الجمعة، أنها فرضت على نحو 20 شخصاً في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات لاتهامهم بـ«تقويض الديمقراطية».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي أمام مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (أ.ف.ب)

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيساً، شكّك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه، خصوصاً من أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه. وحسب هذا الخبير الدستوري فإن سبب هذا التشكيك هو أن البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافاً للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وصلاحيات رئيس الدولة في جورجيا محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاماً، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا. وأضاف خمالادزيه أن «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشدداً على أن «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين. والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضاً».

وتعكس المحادثة الهاتفية التي جرت الأربعاء بين ماكرون وبيدزينا إيفانيشفيلي، الرئيس الفخري للحزب الحاكم، هذا التشكيك بالشرعية، إذ إن ماكرون اتصل بالرجل القوي في جورجيا بدلاً من رئيس الوزراء إيركلي كوباخيدزه؛ للمطالبة بالإفراج عن جميع المتظاهرين الموقوفين المؤيدين للاتحاد الأوروبي. لكن المتظاهرين في تبليسي عدّوا، الجمعة، أن انتخابات السبت لن تغير شيئاً.