الممثلة الأممية تزور منزل والدة الوزني بكربلاء

غداة إطلاقها حملة للكشف عن قتلة ابنها

بلاسخارت (وسط) بمنزل سميرة الوزني (يمين) في كربلاء (تويتر)
بلاسخارت (وسط) بمنزل سميرة الوزني (يمين) في كربلاء (تويتر)
TT

الممثلة الأممية تزور منزل والدة الوزني بكربلاء

بلاسخارت (وسط) بمنزل سميرة الوزني (يمين) في كربلاء (تويتر)
بلاسخارت (وسط) بمنزل سميرة الوزني (يمين) في كربلاء (تويتر)

استقبلت العراقية سميرة الوزني، أمس (الخميس)، بمنزلها في محافظة كربلاء، رئيسة «بعثة الأمم المتحدة لدى العراق (يونامي)» جينين بلاسخارت.
وأطلقت الوزني، وهي والدة الناشط البارز إيهاب الوزني الذي اغتيل على يد مجهولين بمسدس كاتم للصوت في مطلع مايو (أيار) الماضي، حملة للمطالبة بالكشف عن قتلة ولدها، وأرادت نصب خيمة للاعتصام، الأحد الماضي، أمام مبنى المحكمة في كربلاء، لكن قوات الأمن منعتها. ثم عادت في اليوم التالي ونصبت خيمة «سفاري» صغيرة، لكنها هوجمت من قبل عناصر أمن ملثمين ومزقوا خيمتها، مما أثار غضب واستياء كثيرين.
ويبدو أن الممثلة الأممية أرادت بزيارتها منزل السيدة الوزني، تقديم نوع من الاعتذار لما بدر من فريق تابع للأمم المتحدة كان يمر من أمامها أثناء وقفتها الاحتجاجية، الأحد الماضي، فأرادت الوزني التحدث معهم، لكنهم تجاهلوا طلبها وغادروا بعجلاتهم (مركباتهم) المكان، مما عرض البعثة الأممية لانتقادات شديدة ومطالبات بتبديل رئيستها.
بدورها؛ وعدت بلاسخارت، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، خلال زيارتها منزل الوزني واستماعها مطالبها، بتقديم الدعم الكامل للعائلة، مؤكدة أن بعثتها «لن تسكت عن الذي جرى للمغدورين»، في إشارة للناشطين الذي اغتيلوا على يد عناصر مجهولة.
ونقلت «وكالة الأنباء العراقية (واع)» عن بلاسخارت قولها إن ذهابها «إلى كربلاء هو لتقديم التعازي والدعم الكامل لأسرة الشهيد ومواساتها». وأضافت: «لن نسكت، ونحن نبحث عن الحقيقة. إن المساءلة والعدالة أمران مهمان للعراقيين حتى لا تهتز ثقتهم بأجهزة الدولة».
من جانبها؛ طالبت عائلة الوزني بلاسخارت بإيصال صوتها للمجتمع الدولي وضرورة الإسراع بالكشف عن الجناة لينالوا جزاءهم العادل.
وذكرت السيدة الوزني أنها أخبرت الممثلة الأممية «بعدم وجود أمان في البلاد، ودولة عصابات، تغتال المتظاهرين». وقالت إن «بلاسخارت أخبرتها بأنها قد التقت سابقاً إيهاب الوزني وزودته برقم بعثة الأمم المتحدة».
وأضافت أنها أبلغت بلاسخارت «بعدم إحراز تقدم في ملف التحقيق بقضايا الاغتيال، لا سيما حادثة اغتيال ابنها إيهاب الوزني قبل أكثر من 45 يوماً»، وأنها «أخبرت ممثلة الأمين العام بتفاصيل منعها من نصب خيمة اعتصام وتعرضها للضرب».
ورغم الحملات التي أطلقتها جماعات الحراك ومواصلة السيدة الوزني، منذ اليوم الأول لاغتيال ولدها، انتقاداتها الشديدة ومطالباتها الملحة للسلطات بمحاسبة المتورطين باغتيال ولدها، فإنها لم تحصل على إجابات أو إجراءات مقنعة من السلطات المحلية أو الاتحادية.
وسبق أن اتهمت السيدة الوزني علناً القيادي في «الحشد الشعبي» قاسم مصلح وشقيقه بالتخطيط والتورط في عملية اغتيال ابنها، كما اتهمت القيادات الأمنية والإدارة المحلية في المحافظة بمعرفة الجناة وغض الطرف عنهم.
وكانت السلطات العراقية ألقت القبض على قاسم مصلح نهاية مايو الماضي، بتهمة الإرهاب، ثم قام القضاء بعد أيام قليلة بالإفراج عنه لـ«عدم كفاية الأدلة».
وتعتزم جماعات الحراك الاحتجاجي الخروج اليوم (الجمعة) بمظاهرة ووقفة احتجاجية في «شارع المتنبي (شارع الكتب)» ببغداد للتضامن مع عائلة الوزني ودعم مطالبها ومطالب بقية العوائل بتقديم المتورطين في سفك دماء الناشطين إلى القضاء.
ويعد ملف قتل واغتيال الناشطين من بين أبرز التحديات التي تواجهها السلطات العراقية وتعرضها لانتقادات واسعة محلياً ودولياً، ورغم لجان التحقيق العديدة التي شكلتها السلطات في هذا الاتجاه، فإنها لم تنجح حتى الآن في الكشف عن نتائج تلك التحقيقات.
وعبّر «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، عن قلقه بشأن التقارير المتعلقة بملاحقة وترهيب الناشطين. وقال في بيان: «تصاعدت احتجاجات 2019 للأسف إلى أعمال عنف أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 487 متظاهراً».
وحث المجلس الحكومة العراقية على «تجديد التزامها وزيادة تكثيف جهودها الحالية للمساءلة، بما يتماشى مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة». وأضاف: «نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الأخيرة عن زيادة الترهيب والهجمات المستهدفة؛ بما في ذلك ضد المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والعاملين في مجال الإعلام والمرشحين الانتخابيين». وذكر أن «الحكومة العراقية تحتاج إلى تعزيز جهودها لخلق بيئة عامة آمنة لجميع العراقيين».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.