جولة جديدة من الصراع بين أوباما وخصومه بشأن الميزانية

الكونغرس يمهل الإدارة أسبوعين قبل قطع مخصصات وزارة الأمن

جولة جديدة من الصراع بين أوباما وخصومه بشأن الميزانية
TT

جولة جديدة من الصراع بين أوباما وخصومه بشأن الميزانية

جولة جديدة من الصراع بين أوباما وخصومه بشأن الميزانية

في جولة أخرى من جولات المواجهة بين قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس والرئيس باراك أوباما، وافقوا على منح أوباما مهلة أسبوعين فقط قبل التصويت ضد ميزانيته لوزارة أمن الوطن، الذي، إذا حدث، سيشل الوزارة التي تدير الجوازات، والجنسية، والمخدرات، والجمارك، والحرب ضد الإرهاب.
ليلة الجمعة، وفي آخر لحظة، وافق الكونغرس على تمديد ميزانية الوزارة حتى السادس من الشهر المقبل. وأنقذ، بالتالي، وظائف 30 ألف موظف كانوا سيجبرون على العطل من دون أجور، أو التوقف عن العمل، وأيضا مئات الآلاف من موظفين آخرين بينهم موظفو أمن الحدود. حتى هذا الحل الوسط عارضه نواب من «حزب الشاي» (الجناح المتطرف في الحزب الجمهوري). وصوت 60 نائبا ضده في مجلس النواب. منذ أن سيطر الجمهوريون على مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس، تطورت المواجهة الجمهورية مع أوباما. وهذه المرة، صارت ميزانية وزارة أمن الوطن محور خلاف كبير؛ وذلك لأن الجمهوريين يعترضون على مشروع إصلاح قوانين الهجرة، الذي كان تقدم به أوباما. ويريدون إضافة تعديلات على مشروع القانون تلغي خطة السماح لخمسة ملايين مهاجر غير قانوني بتسوية أوضاعهم القانونية، وذلك بأن يدفعوا غرامات، ويدفعوا ضرائب متأخرة. وكان أوباما أصدر، مع نهاية العام الماضي، أمرا جمهوريا يعفي قرابة 5 ملايين شخص يعيشون بصورة غير قانونية في الولايات المتحدة من الإبعاد عن البلاد.
حسب الأمر، يستطيع آباء وأمهات المهاجرين غير القانونيين، الذين يحمل أبناؤهم الجنسية الأميركية، التقدم للحصول على تصريحات عمل لمدة 3 أعوام.
في ذلك الوقت، وفي خطاب تلفزيوني انتقد فيه ما سماه «تلكؤ الجمهوريين»، قال إن المهاجرين غير القانونيين يستحقون «الخروج من دائرة الظل، والحصول على حقوقهم، والالتزام بواجباتهم، وفقا للقانون». وقال أوباما إن قراره «ليس عفوا، بل محاسبة، ومنطق سليم، ورغبة في الوصول إلى حل وسط». ومع أن خطة أوباما ستتيح للملايين العمل في الولايات المتحدة، إلا أنها لا تعطيهم حقا في الحصول على الجنسية الأميركية أو تمنحهم مساعدات مثل الأميركيين.
وتعهد أوباما باتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة الهجرة غير القانونية على الحدود. وشدد على ضرورة فحص المهاجرين غير القانونين جنائيا. وعلى ضرورة أن يدفعوا الضرائب، وذلك قبل العفو عنهم، وقبل حصولهم على إقامات مؤقتة في الولايات المتحدة.
وقال إن عمليات الترحيل تركز حاليا على «المجرمين، وليس على العائلات، ولا على الأطفال. تركز على أفراد العصابات، وليس على الأمهات اللاتي يحاولن مساعدة أبنائهن وبناتهن». وحسب وكالة أسوشييتد برس، يوجد نحو 11 مليون مهاجر غير قانوني في الولايات المتحدة.
ويرى الجمهوريون أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات دون موافقة الكونغرس يتجاوز سلطة الرئيس الأميركي. في ذلك الوقت، حذر رئيس المجلس، الجمهوري جون بوينر، من أن أوباما «يلعب بالنار» إذا مضى قدما في خطته. وقال حاكم تكساس، ريك بيري، وهو جمهوري أيضا، إن هذه الإجراءات ستفاقم مشكلة الهجرة غير القانونية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.