وصول فريق هندسي مصري إلى غزة لبحث إعادة الإعمار

البحث عن مقتنيات المنزل تحت ركامه في مدينة غزة (رويترز)
البحث عن مقتنيات المنزل تحت ركامه في مدينة غزة (رويترز)
TT

وصول فريق هندسي مصري إلى غزة لبحث إعادة الإعمار

البحث عن مقتنيات المنزل تحت ركامه في مدينة غزة (رويترز)
البحث عن مقتنيات المنزل تحت ركامه في مدينة غزة (رويترز)

وصل فريق هندسي مصري إلى قطاع غزة، أمس، لبحث بدء مشاريع إعادة الإعمار، عقب موجة التوتر الأخيرة مع إسرائيل. وذكرت مصادر فلسطينية، أن الفريق الذي يضم ستة مهندسين مصريين، دخل إلى غزة عبر معبر رفح البري، لتفقد الأماكن المدمَّرة تمهيداً لإدخال معدات ثقيلة لإزالة الركام.
من جهته، أكد وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني محمد زيارة، أن الحكومة ستوفر الدعم اللازم للمؤسسات التي ستعمل على عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار في قطاع غزة. جاء ذلك عقب اجتماع محمد زيارة مع مسؤولين دوليين، لبحث خطط ملف إعادة الإعمار وأولويات التدخلات العاجلة، التي يجري العمل عليها من أجل إعادة الأسر إلى بيوتها، وتوفير مأوى دائم وملائم لها. وأشاد زيارة بجهود جميع المؤسسات الدولية والدول العربية وعلى رأسها مصر «التي لديها القدرة على العمل في قطاع غزة، من خلال اهتمامها الكبير بالتدخلات العاجلة والإغاثات الإنسانية».
في سياق متصل، وصل المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر روبير مارديني، أمس، إلى قطاع غزة، بهدف تقييم الوضع الإنساني وزيارة المتضررين من جولة التوتر الأخيرة. ودعا مارديني، في تصريحات للصحافيين، خلال جولة تفقدية له لمنازل مدمَّرة في غزة، إلى تسريع وتيرة إعادة إعمار القطاع ودعم المتضررين من سكانه، بما في ذلك عمليات الإغاثة الإنسانية.
في سياق آخر، أعلنت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في غزة، مغادرة مدير عمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة، ماتياس شمالي، ونائبه ديفيد ديبول، بعد إعلانهما «شخصين غير مرغوب بهما» في القطاع. وذكرت اللجنة أن شمالي ونائبه كانا «سببا رئيسياً في معاناة آلاف اللاجئين الفلسطينيين وموظفي (أونروا) في قطاع غزة»، مؤكّدة رفض عودتهما للقطاع.
وكان شمالي قد واجه انتقادات فلسطينية شديدة بعد تصريحه لقناة إسرائيلية بأنه «لا يشكّ في مدى دقة القصف الذي نفّذه الجيش الإسرائيلي على غزة» خلال جولة التوتر الأخيرة.
وكان رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، قد أجرى (الاثنين) زيارة لعدة ساعات إلى قطاع غزة، واجتمع مع قيادة حركة «حماس» والفصائل الفلسطينية، ووضع حجر الأساس لمدينة سكنية مصرية. وأعلنت مصر عن منحة مالية بقيمة 500 مليون دولار أميركي لدعم جهود إعمار قطاع غزة عقب موجة التوتر الأخيرة في الفترة من 10 إلى 21 من شهر مايو (أيار) الماضي، والتي أدت إلى تدمير واسع في المنازل والبني التحتية. ورعت مصر اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في قطاع غزة بعد موجة التوتر التي قُتل خلالها أكثر من 250 فلسطينياً و13 شخصاً في إسرائيل.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».