أزمة الدواء تتفاقم في لبنان وتحذير من توقف الصيدليات والعمليات في المستشفيات

رفوف خالية من الأدوية في إحدى صيدليات بيروت بعدما قررت صاحبتها ترك عملها والهجرة من لبنان بسبب الأزمة الاقتصادية (أ.ب)
رفوف خالية من الأدوية في إحدى صيدليات بيروت بعدما قررت صاحبتها ترك عملها والهجرة من لبنان بسبب الأزمة الاقتصادية (أ.ب)
TT

أزمة الدواء تتفاقم في لبنان وتحذير من توقف الصيدليات والعمليات في المستشفيات

رفوف خالية من الأدوية في إحدى صيدليات بيروت بعدما قررت صاحبتها ترك عملها والهجرة من لبنان بسبب الأزمة الاقتصادية (أ.ب)
رفوف خالية من الأدوية في إحدى صيدليات بيروت بعدما قررت صاحبتها ترك عملها والهجرة من لبنان بسبب الأزمة الاقتصادية (أ.ب)

وصلت أزمة شح الدواء في لبنان إلى مرحلة غير مسبوقة دفعت الصيدليات إلى الإعلان عن التوقف القسري عن البيع، فيما رفعت بعض المؤسسات الاستشفائية نسبة التقنين في الفحوصات والعمليات، وذلك وسط تخبط المعنيين، وإعلان مصرف لبنان عدم قدرته على مواصلة دعم الدواء.
لكن رئيس لجنة الصحة النيابية، النائب عاصم عراجي، يطمئن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» المواطنين إلى أنه تم الاتفاق على دفع فواتير مجمدة بقيمة 180 مليون دولار، وأنه من المفترض أن تتمكن شركات الأدوية خلال أيام من تسليم الأدوية والمستلزمات الطبية إلى الصيدليات والمستشفيات والمرافق الصحية بكميات يجب أن تخدم شهرين، مع الإشارة إلى أن هذا الحل مؤقت، والمشكلة ستعود لتظهر بعد هذه المدة، في حال عدم التوصل إلى حل نهائي، أو حتى بعد شهر، في حال لم تتحرك الأجهزة الأمنية بسرعة لمنع تهريب الأدوية التي ستتوافر في الأسواق.
ويشبه عراجي أزمة الدواء في لبنان بالدخول في حلقة مفرغة، فالحل يجب أن يكون عبر اعتماد خطة ترشيد الدعم التي تم التوافق عليها، إلا أن الحكومة تصر على أن لا إقرار لخطة ترشيد الدعم من دون إقرار مشروع البطاقة التمويلية التي لا يوجد مصدر واضح لتمويلها حتى اليوم، وكل هذا يحصل فيما الوقت ليس لصالح أحد لجهة حجم الاحتياطي الذي يستخدم في مصرف لبنان لدعم المواد الأساسية، ومنها الدواء.
وكانت الجهات الصحية المعنية قد توافقت منذ أشهر على خطة ترشيد للدواء، يرفع بموجبها الدعم عن الأدوية التي تباع من دون وصفة طبية والمسكنات، مع إبقاء الدعم على أدوية الأمراض المزمنة والأمراض السرطانية والمستعصية، وكان من المفترض أن تقلص هذه الخطة كلفة دعم الدواء من نحو مليار و200 مليون دولار إلى نحو 600 مليون، إلا أنه لم يتم إقرارها، على الرغم من تحذير مصرف لبنان المتكرر من عدم قدرته على الاستمرار بالآلية الحالية للدعم التي يوفر بموجبها 85 في المائة من دولار فاتورة الاستيراد على أساس السعر الرسمي له مقابل الليرة.
وعلى الرغم من تكرار تأكيد وزير الصحة، حمد حسن، عدم رفع الدعم عن الدواء، فإن مصرف لبنان أعلن منذ أيام، ولأول مرة، عن عجزه عن الاستمرار في تأمين الكلفة المالية المطلوبة لدعم استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الرضع والمواد الأولية للصناعة الدوائية من دون المساس بالتوظيفات المالية الإلزامية للمصارف، وهذا ما يرفضه المجلس المركزي لمصرف لبنان.
ويستغرب عراجي ما ورد في بيان مصرف لبنان، لا سيما أن حاكم المصرف رياض سلامة أكد له ولوزير الصحة في اللقاء الأخير عدم رفع الدعم عن أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية والسرطانية، معتبراً أن الأمور ستصل إلى طريق مسدود يهدد القطاع الصحي برمته، إن لم يتحمل المعنيون مسؤولياتهم، بإيجاد حل سريع للأزمة يقوم على خطة الترشيد، ومنع تهريب الدواء إلى الخارج.
وفي الإطار نفسه، يرى نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان، سليمان هارون، أن هناك تخبطاً واضحاً في موضوع التعاطي مع أزمة الدواء، إذ إنه من غير المفهوم إن كان الدعم عن الدواء قد رفع أو لا. ففي حين تؤكد وزارة الصحة عدم الرفع، يمكن من بيان مصرف لبنان استنتاج شيء آخر.
ويلفت هارون، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن هناك نقصاً كبيراً في عدد من الأدوية ومادة البنج وكواشف المختبرات في المستشفيات، وأن المخزون على أبعد الأحوال قد يكفي لشهر واحد، مشيراً إلى أنه في حال تم فتح الاعتمادات، كما طمأن بعض المستوردين المستشفيات، فعملية الاستيراد قد تستغرق 20 يوماً.
ويعاني لبنان منذ العام الماضي من أزمة شح في الدواء، بدأت مع بدء الحديث عن إمكانية رفع الدعم، إذ راج تخزين المواطنين للأدوية خوفاً من ارتفاع سعرها، ما ساهم مع عوامل أساسية أخرى في شح الدواء، منها تأخر مصرف لبنان بفتح اعتمادات الاستيراد بسبب تناقص الاحتياطي من العملات الأجنبية، وتهريب الدواء إلى الخارج، بعدما أصبح الأرخص في المنطقة إثر انهيار سعر الليرة.
وتفاقمت المشكلة خلال الأشهر الماضية إلى حد بات من الطبيعي أن تقرأ على باب معظم الصيدليات لافتات كتب عليها: «لا يوجد لدينا دواء الرجاء عدم الإحراج»، وهو ما دفع أصحاب الصيدليات إلى الإضراب غير مرة.
وكان تجمع أصحاب الصيدليات قد أعلن التوقف القسري عن العمل اعتباراً من يوم الاثنين المقبل إلى حين حل مشكلة تزويدها بالأدوية لصرفها للمرضى بالشكل الذي يحتاجون إليه.
وعد أصحاب الصيدليات أنهم أصبحوا كبش محرقة لصراعات سياسية يتقاذفها القيمون على البلد، لافتين إلى أن مستوردي الأدوية توقفوا منذ نحو الشهر عن تسليم الأدوية للصيدليات، وأنهم في الفترة السابقة كانوا يسلمون أقل من ربع حاجة الصيدليات والمرضى، ويميزون بين الصيدليات.
وأمام هذا الواقع، يحاول المواطنون تأمين ما يحتاجون إليه من الأدوية، إما عبر الطلب من ذويهم أو أصدقائهم اللبنانيين الموجودين في الخارج إرسال الأدوية لهم، أو عبر منصات التواصل الاجتماعي التي انتشرت عليها مئات المجموعات التي تحاول تأمين الأدوية.
وتقوم بعض المجموعات بجمع أدوية من مرضى استهلكوا منها كمية معينة، ولم يعودوا بحاجة إليها، ولكنها لا تزال صالحة، فيتم جمعها وتوزيعها على مرضى آخرين بحاجة إليها، كما تقوم مجموعات أخرى بعرض حاجة مواطنين لأدوية مفقودة في الأسواق المحلية، وتطلب من مغتربين لبنانيين تأمينها من الخارج، من دون أي كلفة إضافية على سعرها الذي غالباً ما يكون أكثر مما هو في السوق اللبنانية، كونه بالدولار أو اليورو، بينما سعر الدواء في لبنان لا يزال بالعملة الوطنية التي خسرت أكثر من 80 في المائة من قيمتها.
ويقوم بعض اللبنانيين أيضاً بالطلب من أشخاص يترددون إلى دمشق أو حتى من سائقين عاملين على خط سوريا - لبنان إحضار بدائل الأدوية المفقودة (جنريك) أو حتى متممات غذائية غالباً ما يكون سعرها في سوريا أرخص.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.