الأموال الليبية «المجمدة» في تونس محور محادثات سعيّد والمنفي

مصادر اقتصادية قدرت قيمتها بين 140 و150 مليون دولار

الرئيس سعيد خلال استقباله محمد المنفي في القصر الرئاسي بتونس العاصمة صباح أمس (أ.ب)
الرئيس سعيد خلال استقباله محمد المنفي في القصر الرئاسي بتونس العاصمة صباح أمس (أ.ب)
TT

الأموال الليبية «المجمدة» في تونس محور محادثات سعيّد والمنفي

الرئيس سعيد خلال استقباله محمد المنفي في القصر الرئاسي بتونس العاصمة صباح أمس (أ.ب)
الرئيس سعيد خلال استقباله محمد المنفي في القصر الرئاسي بتونس العاصمة صباح أمس (أ.ب)

استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد، صباح أمس، في الجناح الرئاسي بمطار قرطاج الدولي محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى تونس تستمر حتى غد الاثنين.
ورغم أن جل المصادر التونسية أكدت أن التعاون الاقتصادي والأمني بين تونس وليبيا هو محور زيارة المنفي إلى تونس التي جاءت بدعوة من الرئيس سعيد، فإن الأهداف المتوخاة منها بالنسبة للجانب الليبي تتعدى ذلك، ذلك أن هذا الأخير يسعى، حسب متابعين للشأن المحلي، إلى فض ملف الأموال الليبية المجمدة في تونس، التي قدرتها بعض الجهات بنحو 200 مليون دينار تونسي، في حين أن تونس تعتبر هذه الزيارة أحد العوامل المساعدة على إطلاق عملية إعادة الإعمار في ليبيا وإمكانية اعتماد ليبيا على الكفاءات التونسية، خلال فترة تتسم بصعوبات جمة على المستوى الاقتصادي.
وإثر الاستقبال الرسمي الذي خُصص لمحمد المنفي، عقد سعيد مباحثات على انفراد مع الضيف الليبي، وسبقت هذه الجلسة محادثات موسعة بحضور وفدي البلدين.
وفيما قالت مصادر رسمية تونسية إن المباحثات بين الطرفين ستتطرق بالخصوص إلى «علاقات التعاون والتكامل بين البلدين، وآفاق دعمها وتطويرها وتذليل الصعوبات، التي تعترضها للارتقاء بها إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية المتضامنة»، كشفت مصادر مقربة من القصر الرئاسي التونسي أن اللقاء بين سعيد والمنفي سيتناول ملفات مهمة من بينها التعاون بين البلدين في المجالات كافة، لكن يبقى أبرزها ملف الأموال الليبية المجمدة في تونس منذ سنة 2011، وهي أموال تعود لفترة حكم القائد الراحل معمر القذافي، ولم تحدد قيمتها بعد بين البلدين على وجه التحديد بشكل رسمي.
وكان عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، قد أصدر، قبل أيام، قراراً يقضي بتشكيل لجنة لمتابعة إجراءات رفع القيود عن أموال وممتلكات الليبيين المصادرة في تونس، وهو ما يعني أن الجانب الليبي يولي هذا الملف أهمية خاصة. أما الجانب التونسي فقد طالب من ناحيته بالحصول على ديون الليبيين لدى المصحات التونسية، ويسعى إلى مقايضتها مع تلك الأموال المجمدة.
أما الملف الثاني، فيركز على التعاون الأمني بين البلدين، وملاحقة التنظيمات الإرهابية المتسللة من ليبيا المجاورة إلى تونس، ووضع خطة ثنائية لمواجهتها، وهذا الملف يحظى بأهمية كبرى في تونس، على اعتبار أن منفذي عدد من الهجمات الإرهابية تلقوا تدريبات في معسكرات في ليبيا.
ويتناول الملف الثالث المطروح على البلدين تحرير المبادلات التجارية، وتنقلات الأشخاص ورؤوس الأموال بين الجانبين، واستعدادات تونس لمرافقة الليبيين في مرحلة إعادة الإعمار، خصوصاً أن تونس تعرض خبرات ومهارات جيدة في مجالات التكوين المهني، والإدارة والبنية التحتية، وغيرها من المجالات الاقتصادية.
وفيما يتعلق بالأموال الليبية المجمدة، ذكرت مصادر إعلامية تونسية أنها موجودة في حسابات بنكية بعدد من البنوك المحلية، موضحة أنه تم إيداعها في بنوك تونس إثر ثورة 2011، وهروب عدد من الليبيين إلى تونس. وقد أكدت دراسة أعدتها لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي التونسي سنة 2016 أن تلك الأموال دخلت البلاد عبر عمليات مالية وتجارية مقعدة، كان الهدف منها المضاربة وتبييض الأموال، وقد تم اتخاذ قرارات بتجميد تلك الأموال، بناء على قرارات قضائية، وبإذن من البنك المركزي التونسي بعد إدراج تونس ضمن قائمة الدول المتهمة بتبييض الأموال. وقدرت بعض المصادر المالية التونسية قيمة الأموال الليبية المجمدة بين 140 و150 مليون دولار. أما ديون المصحات التونسية لدى الليبيين الذين تلقوا العلاج في تونس إثر ثورة 2011، فهي في حدود 218 مليون دينار تونسي خلال سنة 2017 (نحو 80.7 مليون دولار). ومن المتوقع أن تكون تلك المبالغ قد ارتفعت لتبلغ 250 مليون دينار تونسي.
يذكر أن الرئيس التونسي سعيد قام بزيارة رسمية إلى ليبيا في 17 مارس (آذار) الماضي، وكانت تلك الزيارة الأولى لرئيس تونسي إلى ليبيا منذ زيارة الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي سنة 2012. والتقى سعيد خلال زيارته لليبيا كلا من المنفي ونائبيه، وعبد الحميد الدبيبة، وجرت خلالها مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».