كثيرات هن النساء العربيات المدرجة أسماؤهن بأحرف من نور في قائمة المُؤثرات البارزات في المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية والفنية والإعلامية، ولأجل تخليد ذكرى هؤلاء الرائدات، والتعريف بهن على نطاق أوسع لا سيما للأجيال الجديدة، بدأت التشكيلية المصرية مي عبد الله، مشروعاً نحتياً لإنتاج مجسمات نحتية لعدد من المؤثرات العربيات، برعاية من منظمة المرأة العربية.
بدأ المشروع بنحت تمثالين «بورتريه» من خامة البرونز لاثنتين اكتسبتا شهرة في أوائل القرن العشرين؛ هما الفلسطينية مي زيادة والمصرية ملك حفني ناصف.
تقول التشكيلية المصرية مي عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع يهدف إلى تخليد ذكرى رموز النساء العربيات اللائي أسهمن في بناء مجتمعاتهن، وقمن بإثراء الوطن العربي في مختلف المجالات، وذلك لتوثيق سيرتهن والتعريف بها للأجيال الجديدة، بعد أن حفرن أسماءهن في التاريخ الحديث، وهو مشروع ممتد مخطط له أن يشمل كثيراً من الرائدات والمبدعات من المحيط إلى الخليج».
وتشير إلى أنه مع أهمية فن النحت في التعريف بما هو مجهول، إلى جانب إعلائه قيمة الجمال المادي والمعنوي، كان اللجوء إليه لتنفيذ فكرة هذا المشروع دون غيره من أنواع الفنون الأخرى، حيث إنه أنسب الفنون التي يمكن استخدامها في تخليد ذكرى العظماء والبارزين، وتنبع أهميته تحديداً في هذا المشروع من ندرة الصور الفوتوغرافية للشخصيات المستهدفة، وبالتالي يكون النحت التذكاري هو الأقدر على تخليدهن، فمن المقرر أن تكون هذه المجسمات بمثابة نصب تذكارية دائمة العرض في مقر منظمة المرأة العربية بالقاهرة.
تضيف عبد الله: «عندما اختارتني المنظمة لتنفيذ المشروع كنت متخوفة للغاية، بسبب ندرة الصور الفوتوغرافية المتوفرة للشخصيات المطلوبة، فمع تحديد المنظمة أن تكون انطلاقة المشروع بتنفيذ مجسمين للأديبتين مي زيادة وملك حفني ناصف، لم أجد إلا صوراً قليلة لهما وبجودة ضعيفة، وهو ما أثار تخوفي، لأنني حتى أقوم بنحت مجسم يجب أن تتوفر لديّ صور للشخصية من الزوايا كافة، وهذا ما أوجد صعوبة في التنفيذ، لذا احتاج الأمر إلى تركيز أكبر، ومحاولة القراءة بشكل معمق عن الشخصية حتى أكوّن عنها صورة ذهنية، وأعرف سماتها وأسلوبها، إلى جانب محاولة قيام منظمة المرأة العربية بتوفير بعض الصور والتواصل مع أهالي الشخصيات ولكن الأمر كان صعباً».
وتلفت النحاتة المصرية إلى أنها اختارت «البرونز» لتنفيذ مجسماتها، لأنه ذو قيمة، ويعيش طويلاً، ويناسب العرض الدائم، ولا يتأثر بعوامل التعرية، وتشير إلى أن تنفيذ المجسمين استغرق أكثر من شهرين.
ورغم تخوفات البداية فإن عبد الله تُبدي سعادتها بالنتائج النهائية: «لا أخفي سعادتي أنني وُفقت في هذه التجربة رغم صعوباتها، حيث تعرفت على شخصيات جديدة لم أكن أعلم عنها سوى القليل، كما أسعدني للغاية رد فعل منظمة المرأة العربية وعلى رأسها الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة للمنظمة، التي أثنت على أعمالي، إلى جانب ردود الفعل الإيجابية من جمهور مواقع التواصل الاجتماعي مع قيامي بعرض المجسمين، خصوصاً أن أعمالي السابقة كانت مجسمات كاريكاتيرية، وهو ما يحمّسني لمواصلة المشروع وإنتاج مجسمات جديدة تضاف إلى سيرتي الذاتية في مجال النحت».
ملك حفني ناصف (1886 - 1918)، أديبة ومثقفة مصرية وداعية للإصلاح الاجتماعي وإنصاف وتحرير المرأة في أوائل القرن العشرين، ولُقِّبَت ﺑ«باحثة البادية». وكانت من أولى الناشطات المصريات في مجال حقوق المرأة، فأسّست «اتحاد النساء التهذيبي» الذي ضمّ كثيراً من السيدات المصريات والعربيات وبعض الأجنبيات، وكان هدفه توجيه المرأة إلى ما فيه صلاحها، والاهتمام بشؤونها، كما كوَّنت جمعية لإغاثة المنكوبين المصريين والعرب، وهو أساس لما عُرِف فيما بعد ﺑ«الهلال الأحمر».
أما مي زيادة (1886 - 1941)، فهي شاعرة وأديبة فلسطينية، وواحدة من رواد وأعلام النهضة الأدبية في تاريخ الأدب النسوي العربي في النصف الأول من القرن العشرين. وُلدت في الناصرة بفلسطين ثم ارتحلت مع ذويها إلى مصر، وبها انفتحت على أجواء النهضة الثقافية والحضارية الموجودة في القاهرة، واستطاعت إجادة عدد من اللغات كالإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والإيطالية، كما درست وطالعت كتب الفلسفة، والأدب، والتاريخ العربي والإسلامي، وتركت وراءها إرثاً أدبياً رائعاً ومتميزاً.
فنانة مصرية تُخلد الرائدات العربيات بمجسمات نحتية
مي زيادة بدأت مشروعها برعاية من «منظمة المرأة العربية»
فنانة مصرية تُخلد الرائدات العربيات بمجسمات نحتية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة