أوروبا تحاول الالتفاف على مبادرة بايدن لتعليق براءات الاختراع

قدمت مقترحاً بديلاً لمنظمة الصحة العالمية

رئيسة المفوضية الأوروبية تعقد مؤتمراً صحافياً حول اللقاحات في بلجيكا الشهر الماضي (رويترز)
رئيسة المفوضية الأوروبية تعقد مؤتمراً صحافياً حول اللقاحات في بلجيكا الشهر الماضي (رويترز)
TT

أوروبا تحاول الالتفاف على مبادرة بايدن لتعليق براءات الاختراع

رئيسة المفوضية الأوروبية تعقد مؤتمراً صحافياً حول اللقاحات في بلجيكا الشهر الماضي (رويترز)
رئيسة المفوضية الأوروبية تعقد مؤتمراً صحافياً حول اللقاحات في بلجيكا الشهر الماضي (رويترز)

بدأ الاتحاد الأوروبي هجوماً مضاداً يهدف إلى الالتفاف على المبادرة التي أعلنتها الإدارة الأميركية بدعمها تعليق براءات اختراع لقاحات «كوفيد - 19»، حيث قدمت المفوضية الأوروبية أول من أمس (الخميس) اقتراحاً إلى منظمة الصحة العالمية يقضي بتعليق الشروط المفروضة على السلطات الوطنية بالتفاوض مع شركات الأدوية قبل إلزامها بالموافقة على إنتاج اللقاحات التي تملك براءات اختراعها.
وينص الاقتراح الأوروبي أيضاً على أن تتم عملية الإنتاج من غير أن تحقق الشركات أي أرباح بالمقابل، معتبرين ذلك السبيل الأسرع لزيادة الإنتاج العالمي من اللقاحات ومساعدة البلدان الفقيرة على تطعيم مواطنيها. ويرى الأوروبيون أن أولوية الأسرة الدولية في هذا المنعطف الحاسم من جائحة «كوفيد - 19» هو توزيع اللقاحات والأدوية بإنصاف على الجميع، ويذكرون بأن الاتحاد الأوروبي كان رائداً في تصدير اللقاحات والتبرع بها عبر برنامج «كوفاكس» الذي تشرف عليها المنظمة الدولية، لكنهم يعترفون أن «نهاية المعركة ضد الوباء ما زالت بعيدة، وتحتاج إلى المزيد من الجهود والتضحيات».
ويقول المسؤولون في المفوضية الأوروبية إن أكثر ما يحتاج إليه العالم الآن في مواجهة الوباء هو تسريع وتيرة إنتاج اللقاحات وفقاً للقواعد المرعية في منظمة التجارة العالمية، لكن بعد تعديلها لتوفير أقصى قدر ممكن من المرونة. وتتطلع الدول الأوروبية إلى مناقشة هذا الاقتراح في الجمعية العالمية للصحة التي تبدأ أعمالها يوم الاثنين المقبل في جنيف، والتوصل إلى اتفاق سريع حول إعادة تأويل قواعد الملكية الفكرية لتسهيل إنتاج اللقاحات في المختبرات التي تتوفر لديها القدرات الكافية.
وتنص الخطة التي يتضمنها الاقتراح الأوروبي على إعفاء الدول من شرط التفاوض مع الشركات التي تملك براءات الاختراع قبل السماح لطرف ثالث، أي المختبرات ومصانع الأدوية المحلية، بالاستفادة من الملكية الفكرية لإنتاج اللقاحات. كما تنص على عدم حصول الشركات التي طورت اللقاحات على أي أرباح مقابل التنازل الإلزامي عن حقوق الملكية الفكرية. ويلحظ الاقتراح أيضاً إمكانية استخدام التنازل الإلزامي عن الحقوق لتغطية الاحتياجات المحلية من اللقاحات، ولتصديرها إلى تلك الدول التي لا تملك القدرة على إنتاجها.
ويقول نائب رئيس المفوضية الأوروبية، فالديس دومبروفسكيس، في دفاعه عن الاقتراح إنه يسمح باستخدام براءات الاختراع الإلزامية على نطاق أوسع، من غير الرجوع إلى أصحاب البراءات، لكن دائماً وفقاً للقواعد المرعية في منظمة التجارة بعد إعادة تأويلها. وتقتضي قواعد المنظمة، بتأويلها الراهن، مفاوضات طويلة مع شركات الأدوية لتحديد مقابل يتضمن أرباحاً للجهة التي طورت اللقاح أو الدواء.
ويعتبر الأوروبيون أن التنازل الإلزامي عن البراءات له مزايا عدة مقارنة بتعليقها مؤقتاً أو بتحريرها كما تقترح الدول النامية وتدعمها الولايات المتحدة، ومنها أن هذه الصيغة ملحوظة حالياً تقريباً في جميع النصوص التشريعية الوطنية وسبق أن استخدمت في الماضي. يضاف إلى ذلك أنها لا تقطع الصلة بين صاحب البراءة والشركة التي ستستخدم ملكيته الفكرية، حيث سيكون من المعروف دائما من هي الشركات المخولة إنتاج اللقاحات.
ويشدد الجانب الأوروبي على أهمية الحفاظ على هذه الصلة بين الذين طوروا اللقاحات والشركات التي تنتجها، وذلك بهدف ضمان جودتها وأمانها. ويقول الأوروبيون إن هذا الهدف هو الذي دفعهم أيضاً إلى تضمين اقتراحهم بنداً لتحفيز شركات الأدوية التي تملك البراءات على التوصل إلى اتفاقات طوعية مع الشركات والمختبرات التي تتوفر لديها القدرات الكافية للإنتاج في البلدان النامية.
وتجدر الإشارة أنه يوجد حالياً أكثر من 200 اتفاق طوعي للإنتاج، لكن منظمة الصحة العالمية تعتبر أن ثمة حاجة لمضاعفة هذا العدد ثلاث أو أربع مرات لزيادة الإنتاج العالمي الذي لن يتجاوز 10 مليارات جرعة هذا العام. لكن الخطة الأوروبية تتضمن اقتراحاً ثالثاً، يبدو موجهاً إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يقضي بتعهد الدول القادرة على الإنتاج تيسير تصدير اللقاحات من غير قيود أو عراقيل خارج المعايير التقنية.
ويذكر الأوروبيون بأنهم سمحوا حتى الآن بتصدير 200 مليون جرعة خارج بلدان الاتحاد، أي ما يعادل 45% من مجمل الإنتاج الأوروبي، فيما لا تزال الولايات المتحدة وبريطانيا تفرضان حظراً فعلياً على تصدير اللقاحات، علماً بأن الإدارة الأميركية أعلنت مؤخراً أنها ستسمح بتصدير 60 مليون جرعة بحلول نهاية الشهر المقبل. ويذكر أن تفاقم المشهد الوبائي مؤخراً في الهند، وهي من أكبر منتجي اللقاحات في العالم، دفع الحكومة إلى إعلان وقف تصديرها حتى نهاية العام الجاري لتغطية احتياجاتها المحلية.
ويقول الأوروبيون إن اقتراحهم لا يوصد الباب أمام استعدادهم لمناقشة تعليق البراءات إذا تقدمت الإدارة الأميركية باقتراح مفصل حول مبادرتها، لكنهم ينبهون أن زيادة الإنتاج في البلدان النامية تحتاج لفترة طويلة، ويطلبون من الدول القادرة حاليا على الإنتاج وتمكنت من تلقيح نسبة كبيرة من سكانها، أن تقتدي بالاتحاد الأوروبي وتبادر على الفور إلى تقاسم جرعاتها مع البلدان التي تحتاج إليها.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.