كنداكة السودان تتألق في باريس

حوار مع أصوات الثورة في معهد العالم العربي

أيقونة الثورة السودانية
أيقونة الثورة السودانية
TT

كنداكة السودان تتألق في باريس

أيقونة الثورة السودانية
أيقونة الثورة السودانية

كان من المبهج أن يكون الحضور النسائي السوداني طاغياً في الندوة التي دعا إليها معهد العالم العربي في باريس، مساء أول من أمس. جاءت الأمسية بالتعاون مع وزارة الخارجية وبالترافق مع المؤتمر الدولي الذي التأم في باريس لدعم العملية الانتقالية في السودان.
بعد عامين على سقوط عمر البشير، يأتي ناشطون وناشطات من السودان ليتحدثوا عن تجاربهم وليقدموا للفرنسيين فكرة عما يدور في ذلك البلد الذي عانى من التسلط لثلاثة عقود. طلاب وفنانون وأكاديميون من الذين وقفوا في الخطوط الأمامية طوال أيام الثورة، أخذوا مكانهم على المسرح الكبير في معهد العالم العربي وتحدثوا عن التحول المجتمعي الذي يعيشه بلدهم، بكل ما حملته الآمال المعقودة على التغيير، وعن التحديات العديدة التي لا تزال في الانتظار.
عنوان الندوة: «ماذا بعد الثورة؟»، وقد أدارتها آنييس لافالوا، المتخصصة في القضايا العربية. وافتتحها رئيس معهد العالم العربي جاك لانغ. الذي رحب بالدبلوماسيين والمسؤولين السودانيين الحاضرين، مشيراً إلى رغبة الرئيس إيمانويل ماكرون في الاحتفاء بعودة السودان إلى العالم وتقديم فعالية حول ثورة شعبه. وخاطب لانغ النشطاء الحاضرين قائلاً: «أنتم هنا تمثلون الأمل. ونحن هنا هذه الليلة لنحيي حضور الشباب والمرأة في الثورة. فأنتم لا تتصورون كم أنّ السودان عزيز علينا».
نظراً لتعليمات التباعد، كان يمكن متابعة الندوة بالبث المباشر عبر موقع معهد العالم العربي. وجاء في التقديم أنّ هناك حكومة انتقالية تحكم السودان، حالياً، لحين إجراء انتخابات عامة في عام 2024. وبهذا تبقى الرهانات حاسمة، سواء للسودانيين أو للدول الجارة. فتاريخ البلد وحدوده مع تشاد ومصر وإريتريا وإثيوبيا وسواحله المطلة على البحر الأحمر، كل ذلك يجعل منه بقعة شاسعة يهتم العالم بمصيرها. وابتدأت الندوة بعرض سلسلة من الصور على شاشة كبيرة تتصدر المسرح، توثّق لأيام الغليان، قبل سنتين، حين نزل السودانيون ثائرين ورافضين للنظام الذي كان يقبع على صدورهم. وهي صور من كتاب صدر حديثاً بأكثر من لغة، بعنوان «السنة صفر» للمصور جان نيكولا باش وبالتعاون مع عدد من رموز ثورة ديسمبر (كانون الأول). وهي صور لمتظاهرين من الجنسين، أغلبهم من الشباب، يسيرون في أحياء تحولت جدرانها إلى معارض للرسوم، يقطعون الشارع بجذع نخلة، يتسلقون أعمدة الكهرباء ويهتفون للحرية والسلام والعدالة.
مفاجأة هذا اللقاء كانت مشاركة آلاء صلاح، طالبة الهندسة في جامعة الخرطوم، والناشطة التي اشتهرت بلقب «كنداكة» بعد أن انتشر لها تسجيل تهتف فيه وتبث الحماسة في صدور زملائها الثوار. وكانت المصورة لانا هارون قد التقطت صورة لامرأة لم يُذكر اسمها في البداية، ترتدي ثوباً أبيض وتقف على سيارة تتحدث للجماهير الحاشدة. كان ذلك في ربيع 2019 في أثناء اعتصام جرى بالقرب من قيادة الجيش والقصر الرئاسي. وحققت الصورة انتشاراً في وسائل التواصل الاجتماعي وشغلت انتباه وسائل الإعلام الدولية. إنّها آلاء صالح، المتظاهرة ذات الثوب الأبيض والقرطين الذهبيين التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى أيقونة للثورة، ورمز لدور المرأة الحاسم في نجاح المظاهرات.
تحدثت آلاء، في الندوة، بجرأة وصراحة. قالت إنّها كانت واحدة من الطلبة الثائرين واستفادت من الفرصة وأرادت أن توصل صوت الثورة إلى خارج السودان. وهكذا تعاونت مع المصور الفرنسي الذي نشر كتاباً عن تلك الأيام المباركة من الثورة.
سألتها آنييس لوفالوا: «يحدث كثيراً في الثورات أن ينسى المنتصرون دور المرأة ويطلبون منها العودة إلى البيت، ما رأيك؟». وأجابت آلاء بأنّ «عمر الكنداكة سبعة آلاف سنة. وهي ملكة سودانية تاريخية تميزت بالقوة والشجاعة والصلابة. أي إنّ لدينا إرثاً قديماً نستند إليه من جداتنا. كما أنّ المرأة السودانية، في أي حقبة من تاريخنا، لم تتوقف عن المشاركة في نضال شعبها. وكان المؤمل بعد انتصار الثورة ألا يقل تمثيلها في القيادة عن 40%. لكن النسبة جاءت أقل بكثير. وفي رأيي فإننا نستحق نصف المقاعد في الحكم، لذلك فإن نضالنا لم ينتهِ، ولدينا كفاءات في كل المجالات والمرأة قادرة على شغل أي موقع».
حين حلّ دور الطبيبة ومصممة الأزياء ميادة عادل في الكلام، قامت من مكانها وجاءت بكرسي وضعت عليه صفحة من صور الشهداء، قالت إنّهم سيبقون حاضرين بتضحيتهم وإن غابوا. وتقيم ميادة حالياً في فرنسا، وكانت قد زارت معسكرات اللاجئين في ولاية النيل الأبيض، وقدمت مجموعة من تصاميمها في عرض بعنوان: «السودان وجنوب السودان». ووحدة السودانيين هي ما يشغل هذه الناشطة، وهي تسعى للفت الانتباه إلى قضيتها السياسية من خلال مواد وخامات وأنماط بسيطة وجميلة، لأنّها في رأيها أكثر تأثيراً من الكلام الجاهز.
المتحدثة الأخرى كانت النشطة نسرين الصائم، وهي قد درست الفيزياء ونالت شهادة عليا في الطاقة المتجددة، وما كان يمكن لها أن تبقى مع ملفاتها الدراسية وهي ترى زملاء لها يُقتلون في وضح النهار. قالت: «لم تحدث الثورة فجأة، وكنا نعرف أنّها ستأتي لكنّنا لم نعرف موعدها. والسؤال الآن: ماذا بعد الثورة؟». تحدثت نسرين عن السودان الأرض، أي ما تضمه البلاد من تنوع جغرافي وآثار وزراعات وثروات حيوانية ومائية حيث يلتقي النيلان الأزرق والأبيض، ثم عن السودان الشعب، موضحة أنّ عدد السكان ليس بالكبير لكنه متنوع من حيث اللهجات واللغات والتقاليد والعقائد والأعراق. وأضافت: «ليس الرئيس السابق عمر البشير أشهر مواطنينا كما نرى في الموسوعة الإلكترونية، بل لدينا مشاهير متفوقون في عدة مجالات، وحتى في مسلسل (لعبة العروش) هناك ممثلون سودانيون. وللخروج من مأساة وجود نسبة كبيرة من السودانيين تحت خط الفقر بسبب سنوات الديكتاتورية، لا بدّ للشباب من العمل وأن يكون لديهم مراكز للتدريب وللأفكار وأن يكون لهم نصيب في القرار».
ثم أخذت الكلمة منارة أسد، وهي مناضلة من دارفور وسفيرة سلام تساعد النساء على تحسين دخل العائلة. تحدثت أسد عن ضرورة القضاء على أشكال التمييز وقالت إن «ثورة ديسمبر ليست الأولى، فقد ثار السودانيون على جعفر نميري، لكنّها ثورة مختلفة لأنّها ثورة شعبية، قام بها بشكل أساس الشباب والنساء». وركزت منارة أسد على واجب الاهتمام بعودة ملايين اللاجئين إلى أراضيهم وقراهم وتوفير العيشة الكريمة لهم، من صحة وتعليم وخدمات أساسية. قالت: «سنبني وطننا بالعمل وليس بالخطب الحماسية».
ماذا قال الناشطان المشاركان في اللقاء؟ أديب كاتب وطبيب بيطري قالا كلاماً مفيداً عن ثورة الشعب وعن اللجان التي تشكلت في الأحياء والمدن. لكنّ الحقيقة أنّ الندوة كانت احتفالاً بالمرأة السودانية الشابة لذلك فإنّ من حقها أن تستحوذ على كل الأسماع.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.