وزراء لبنانيون يلعبون ورقة تعطيل عمل الحكومة لحل {أزمة الرئاسة}

الجميل لـ«الشرق الأوسط»: قلقون من تسخيف الفراغ.. ويجب وقف «الدلع السياسي»

أمين الجميل
أمين الجميل
TT

وزراء لبنانيون يلعبون ورقة تعطيل عمل الحكومة لحل {أزمة الرئاسة}

أمين الجميل
أمين الجميل

بعدما استنفدت القوى السياسية اللبنانية كل الخيارات المتاحة للدفع باتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية مع مرور 10 أشهر على شغور سدة الرئاسة، قرر عدد من الوزراء ومعظمهم من المسيحيين لعب ورقة قد تكون الأخيرة لتحقيق الهدف المرجو، من خلال تمسكهم بحق الفيتو الذي منحتهم إياه آلية العمل المتبعة منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، وهو ما أدى أخيرا إلى تعطيل عمل الحكومة.
وللأسبوع الثاني على التوالي، آثر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام عدم الدعوة لعقد جلسة حكومية، للضغط باتجاه التفاهم على آلية عمل جديدة تحقق الإنتاجية المطلوبة ولا تعتمد مبدأ التوافق لتمرير كل القرارات سواء كانت عادية أو استثنائية.
وبينما يبدو وزراء تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وحتى وزراء رئيس تكتل التغيير والإصلاح، مرنين لجهة قبولهم بالاستبدال بالآلية الحالية آلية أخرى أكثر إنتاجية، يتمسك وزراء حزب الكتائب والوزراء المستقلون المحسوبون على رئيس الجمهورية السابق بالآلية التي تقول بالتوافق، حرصا منهم على ما يقولون إنها «صلاحيات الرئاسة ولعدم منح معطلي الانتخابات الرئاسية فرصة جديدة للتمادي بالتعطيل من خلال تسيير عمل الحكومة».
وأعرب رئيس الجمهورية الأسبق، ورئيس حزب الكتائب، أمين الجميل، عن قلقه من «تسخيف» موضوع الفراغ الرئاسي، معتبرا أنه «لا يعقل أن نعتبر أن الفراغ في سدة الرئاسة شيء طبيعي ممكن أن نتأقلم معه بسهولة».
وقال الجميل لـ«الشرق الأوسط»: «الأولوية لدينا لانتخاب رئيس، والمطلوب وقف الدلع السياسي والانكباب لإتمام هذا الاستحقاق باعتباره أهم من أي تعيين إداري في مجلس الوزراء أو إقرار أي مشروع إنمائي»، لافتا إلى أنه «وبكنف الفراغ الرئاسي تبقى كل الإجراءات الأخرى هشة بغياب رأس الدولة».
وإذ شدد الجميل على حرص حزب الكتائب على عمل الحكومة والمصلحة العامة وحسن سير المؤسسات، «وهو ما أثبتناه طوال المرحلة الماضية»، اعتبر أنه وإذا لم يحصل ضغط سياسي ستبقى سدة رئاسة الجمهورية شاغرة، ما يؤدي تلقائيا إلى تعطيل خطير لأعمال مجلس النواب وكذلك لبلبلة في مجلس الوزراء. وأضاف: «المشكلات العالقة في الحكومة هي لدى وزراء آخرين، وللتذكير فإن موقف أحد وزراء طرابلس هو من فجّر المشكلة في الجلسة الحكومية الأخيرة وليست مواقف وزرائنا».
ونفى الجميل أن يكون حزب الكتائب أصبح جزءا من جبهة سياسية جديدة، مؤكدا أنه جزء لا يتجزأ من قوى 14 آذار، وأضاف: «تماما كما أن القوات والتيار الوطني الحر يتحاوران كما المستقبل والقوات بسياق حوار أضداد، نحن نتحاور ونتشاور مع فريق الرئيس ميشال سليمان الذي نلتقي معه في كثير من الأمور الوطنية، مع وجوب التشديد على أن هناك فرقا كبيرا بين لقائنا هذا وحوارات الأضداد».
وكان مجلس الوزراء أجمع الصيف الماضي وبعد نقاشات ماراثونية لتحديد آلية عمله بعد تعذر انتخاب رئيس للجمهورية، على «إدارة الفراغ الرئاسي بالتوافق»، أي عدم اللجوء إلى التصويت لاتخاذ القرارات وتأجيل البحث بالملفات التي تعتبر خلافية.
ويرى شفيق المصري، الخبير الدستوري والأستاذ بالقانون الدولي في الجامعتين الأميركية واللبنانية الأميركية في بيروت، أن الآلية التي اعتمدها مجلس الوزراء طوال المرحلة الماضية بمثابة «مخالفة مزدوجة» للدستور، باعتبار أنها تخالف المادتين 62 و65 منه، لافتا إلى أن المادة الأولى تنص على أنه وفي حال خلو سدة الرئاسة لأي سبب كان، يتولى مجلس الوزراء بالوكالة مهام الرئاسة، «إلا أن السياسيين خرجوا باجتهاد مصطنع من خلال إضافة مصطلح (مجتمعا) إلى المادة الدستورية، للدفع باتجاه اتخاذ القرارات بموافقة كل أعضاء المجلس، علما بأن ما ينص عليه الدستور هو في تولي مؤسسة مجلس الوزراء المهام وليس كل وزراء الحكومة».
وأوضح المصري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المادة 65 من الدستور حددت آلية عمل الحكومة التي تقول بالسعي لاعتماد مبدأ التوافق، ولكن إذا تعذر ذلك تعود للتصويت، ملتزمة موافقة ثلثي أعضائها حين يتعلق الأمر بمراسيم ذات أهمية، كالموازنة العامة للبلاد، الاتفاقات الدولية، إعلان الحرب والسلم، وغيرها، بينما تتخذ القرارات العادية بموافقة النصف زائد واحد من أعضاء المجلس».
وشدد المصري على أن الدستور لم يتطرق للإجماع وإعطاء حق الفيتو للوزراء، داعيا للعودة إلى نصوص الدستور لحل الأزمة الحكومية الحالية. وأضاف: «هم اليوم يبحثون عن آلية جديدة موجودة أصلا في الدستور ولم يكن يجوز التخلي عنها».
وشدد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام خلال استقباله يوم أمس مجلس نقابة الصحافة على أنه ليست لديه «رغبة في أن يعتقد أحد أنني أريد ممارسة حكومية تثبت الشغور»، لافتا إلى أن المطلوب هو «عدم تعطيل الدولة وعدم التصرف وكأن تعطيل عمل الحكومة هو بديل عن انتخاب رئيس للجمهورية».
واعتبر سلام أنه «لو أن الجهود التي بذلت في الفترة الماضية لتعطيل عمل الحكومة بذلت من أجل انتخاب رئيس لكنا اليوم نعيش في ظروف سياسية أفضل». ودعا القوى السياسية إلى «أن تذهب إلى انتخاب لتريحنا من هذا الوضع الشاذ».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».