خلافات حادة تطبع طريقة تعامل «النهضة» مع الرئيس التونسي

راشد الغنوشي (رويترز)
راشد الغنوشي (رويترز)
TT

خلافات حادة تطبع طريقة تعامل «النهضة» مع الرئيس التونسي

راشد الغنوشي (رويترز)
راشد الغنوشي (رويترز)

أظهرت تصريحات قيادات حركة النهضة التونسية تضارباً في مواقفها حول طريقة تعاملها مع الرئيس قيس سعيد، بعد الخلاف الحاد الذي أدى إلى أزمة دستورية، وتعطل معظم مؤسسات الدولة.
ففي الوقت الذي دعا فيه القيادي سيد الفرجاني إلى إمكانية عزل رئيس الجمهورية باعتماد الشروط نفسها التي سوّغ بها عدم دستورية إرساء المحكمة الدستورية، أي بإلغاء كل الخطوات القانونية التي تتطلب الرجوع إلى هذه المحكمة، بما فيها عزل الرئيس، واعتماد ثلثي نواب البرلمان (145 صوتاً) لعزله، قال القيادي عبد اللطيف المكي، في المقابل، إنه «ليس من الوارد في برامج الحركة سحب الثقة من رئيس الجمهورية. فضلاً عن البحث في شروطها»، وهو ما خلف انطباعاً قوياً بوجود خلافات حادة حول طريقة التعامل مع مؤسسة الرئاسة.
في السياق ذاته، كشف المكي عما سماه «الموقف الرسمي للحركة»، وهو «الحوار مع رئيس الجمهورية، والبناء معه لتجاوز الأزمة الحالية، رغم الاختلافات العديدة مع مواقف الرئاسة»، في كثير من الملفات، وآخرها موضوع المحكمة الدستورية.
وكان علي العريض، نائب رئيس حركة النهضة، قد أكد في تصريح إعلامي أن إجراء الحوار الوطني حول النقاط الخلافية دون الرئاسة «ليس مستحيلاً، إذا أصرت على عدم المشاركة، وبإمكان هذا الحوار أن يجمع الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية، ويفضي إلى نتائج مجدية»، متوقعاً وجود كل الأطراف حول طاولة الحوار بهدف تجاوز الأزمة السياسية والدستورية والاجتماعية.
لكن سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل (نقابة العمال)، اعتبر أن تصريح العريض بشأن إمكانية إجراء الحوار الوطني دون رئاسة الجمهورية، «فتنة»، على حد قوله.
ويرى مراقبون أن هذه التصريحات تخفي تضارباً في المواقف حول طريقة التعامل مع الرئيس سعيد. فمن ناحية تسعى حركة النهضة إلى دعم المسار الانتقالي، والمحافظة على الشرعية التي أفرزتها انتخابات 2019، بشقيها البرلماني والرئاسي، لكنها تصطدم بعراقيل عديدة في تعاملها مع مؤسسة الرئاسة، خصوصاً ما يتعلق منها بالطرف الحكومي الذي تدعمه وتدافع عنه، وهو ما يظهر في تناقض التصريحات، لأن قيادات «النهضة» تبحث عن التداول على السلطة بطريقة سلمية، ولا تعمل على عزل الرئيس، وما ستتبعه من آثار سياسية مدمرة قد تطال وجودها السياسي، بحسب نفس المراقبين.
وكان الرئيس سعيد قد رفض التوقيع على القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية، معتبراً أن إحداثها في الوقت الحالي «أمر غير دستوري»، على اعتبار أن الدستور المصادق عليه سنة 2014 أعطى لمؤسسات الدولة مهلة سنة فقط لإحداث المحكمة، أي قبل نهاية 2015، لكن بمرور هذا التاريخ تعد الخطوة غير دستورية، حسب الرئيس سعيد.
وتعيش المؤسسات الدستورية أزمة خانقة ترجمها الصراع على الصلاحيات بين الرؤساء الثلاثة، والتنازع في تأويل الدستور، خصوصاً ما تعلق بالتحوير الوزاري، الذي أجري بداية السنة ورفض الرئيس الموافقة عليه، واستدعاء الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية. علاوة على تحديد الطرف الذي يتحكم في القوات العسكرية والأمنية، هل هو رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات العسكرية، أم رئيس الحكومة الذي يعين وزير الداخلية ويتحكم بالتالي في القوات الأمنية؟
على صعيد آخر، يقوم هشام المشيشي، رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالإنابة، بزيارة عمل إلى البرتغال اليوم وغداً، يلتقي خلالها نظيره البرتغالي أنطونيو كوستا، الذي يتولى حالياً رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، وعدد من وزراء الداخلية وكبار المسؤولين الأوروبيين. وذكر بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة أن اللقاء سيتناول سبل تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين. إضافة إلى النظر في دعم التعاون بين الاتحاد الأوروبي وتونس في مجال مكافحة جائحة كورونا. كما سيشارك المشيشي بصفته مكلفاً بإدارة شؤون وزارة الداخلية في فعاليات الاجتماع الأوروبي - الأفريقي حول الهجرة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.