«الطاووس»... دراما إنسانية تصدم المجتمع بـ«حقائق موجعة»

تماسك خطوط المسلسل المصري حوّل انتقادات البداية إلى إشادات

الفنان السوري جمال سليمان في لقطة من العمل
الفنان السوري جمال سليمان في لقطة من العمل
TT

«الطاووس»... دراما إنسانية تصدم المجتمع بـ«حقائق موجعة»

الفنان السوري جمال سليمان في لقطة من العمل
الفنان السوري جمال سليمان في لقطة من العمل

بعد إثارته موجة من الانتقادات والسجالات في بداية عرضه خلال شهر رمضان الحالي، تمكن مسلسل «الطاووس» بفضل تماسك خطوطه الدرامية ووضوح هدفه، من تحويل تلك الانتقادات إلى إشادات، بالتزامن مع إعلان المجلس المصري لتنظيم الإعلام عن حفظ التحقيق مع صناع المسلسل بعد تلقيه شكاوى ضده.
وسط كل هذه الأزمات المتتالية كان المسلسل يمضي قدماً لجذب المزيد من المشاهدين الذين ربطوا في البداية بين أحداثه وقضية «الفيرمونت» الشهيرة، والمتهم فيها عدد من أبناء رجال الأعمال والمشاهير بـ«اغتصاب فتاة داخل فندق شهير»، وهو ما تبرأ منه صناع العمل.
تجاوز الأزمات التي مر بها العمل، لم يكن سهلاً، لتمتعه برؤية درامية مميزة منصهرة في المشكلات الحقيقية للمجتمع التي بات الجمهور المصري ينتظر عرضها بشغف، وهو ما نجح المسلسل في تقديمه عبر نص متماسك وحبكة مُحكمة تتمتع بمجموعة من الخطوط الدرامية المتناسقة والمتوازنة، عبر إبراز الفجوة بين الطبقة الكادحة بعمق «معاناتها وتعدد صرخاتها»، وطبقة الثراء السريع بكل «أخطائها وغطرستها»، وفق تصور العمل.
ويروي مسلسل «الطاووس» - سيناريو وحوار كريم الدليل، وإخراج رؤوف عبد العزيز - قصة أمنية (سهر الصايغ) الفتاة البسيطة التي توجهت للعمل في إحدى القرى السياحية لإعالة أسرتها، فإذا بها تتعرض لاغتصاب جماعي تحت تأثير مادة مخدرة على يد ثلاثة شبان من أسر واسعة النفوذ، وتم تصوير عملية الاغتصاب، وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي، ونال الحادث اهتمام محامي التعويضات كمال الأسطول (جمال سليمان)، الذي تبنى القضية محاولاً إعادة حق الفتاة بمساندة جارته «ماتيلدا» (سميحة أيوب)، والمحامي «توفيق» (يوسف الأسدي).
ورغم ذلك يتجاوز المسلسل كونه عملاً درامياً يناقش قضية إنسانية اجتماعية، بل يتخطى فكرة الدفاع عن المرآة وحقوقها إلى ما هو أكثر عمقاً وشمولية، إذ إنه ينتصر للقيم والأخلاق بقوة متصدياً للتابوهات الجامدة والرؤى المتوارثة عبر الأجيال «بعناية وإخلاص» تجاه بعض القضايا، متحدياً فكرة «الخط الأحمر» نحو موضوعات باتت في أمس الحاجة إلى تجديد الفكر نحوها، ومجابهة نظرة المجتمع للفتاة المغتصبة وكأنها جانية وليست مجنياً عليها.
الفنان المصري، جمال عبد الناصر الذي يجسد دور «المستشار المكلوم على موت ابنه ضمن سياق العمل»، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يتصدى العمل للاغتصاب وحسب، فبجانب ذلك يتعرض لقضايا أخرى قد تكون هي ما تؤدي إليه، وفي مقدمتها سوء تربية الأبناء، والنظرة الدونية من جانب أصحاب الثراء السريع وكأنهم (الطاووس) في تفاخرهم تجاه طبقة البسطاء، والتي تصل إلى حد تصورهم مشروعية اغتصابهم لأحلام هذه الطبقة ومستقبلها بلا رحمة».
في خضم تناول هذا الفكر لم يقع المسلسل في خطأ الدراما الخطابية التي تتقمص دور «المصلح الاجتماعي» فقد جاءت الأحداث المتصاعدة بتعقل ومنطقية مُغلفة بالإحساس بالجمال والسلاسة والنوستالجيا، مما جعل المشاهد يشعر بالعودة إلى زمن الفن الجميل، حيث الأداء التمثيلي الهادئ والصادق الخالي من التصنع والمبالغة في الاحتفاء بالمظهر إلى حد أن سهر الصايغ تكاد تظهر طوال المسلسل بالإطلالة نفسها.
وإذا كان المتلقي قد توقع هذا الأداء التمثيلي المختلف منها ومن فنانين بحجم سميحة أيوب وموهبة جمال سليمان، وأحمد فؤاد سليم وجمال عبد الناصر، وهبة عبد الغني وغيرهم، فإنه قد يكون فوجئ بأداء مجموعة من الممثلين الشباب، لا سيما يوسف الأسدي الذي أثنى رواد السوشيال ميديا على تجسيده دور محام لم تفلح الحياة بعد في إصابة نقائه بأي شوائب. ويقول الأسدي لـ«الشرق الأوسط»: «شعرت بقلق شديد عندما اختارني المخرج رؤوف عبد العزيز لأداء هذا الدور الذي يمكن وصفه بـ(المصيدة)، بما يمكن أن يثيره من انتقادات، فهناك (شعرة) تفصل ما بين ظهور (توفيق) كشخصية كارتونية تدعو للسخرية وشاب من (لحم ودم) مفرط في النقاء». مشيراً إلى أنه شعر بالرعب في البداية لوقوفه أمام (سيدة المسرح العربي) والمبدع جمال سليمان، لكنهما سانداه خلال عمليات التصوير بالإضافة إلى المخرج. موضحا: «قدمت مزيجاً بين أكثر من شخص التقيت به في الواقع حتى في تسريحة الشعر والبيجامة الكستور وأسلوب الكلام والابتسامة».
هذا «الصدق الفني» امتد بدوره، إلى الصورة البصرية، إذ نجح المخرج في صنع حالة تعبيرية متكاملة مستنداً إلى بناء مُحكم للمشاهد واحتفاء واع بالتفاصيل التي وظفها لبث فكرة الحنين لـ(الجمال المفقود) والمنشود بما يتضمنه من انتصار للقيم، إلى حد رفض أمنية للشهادة الزور أو أي حيل حتى لو أدى ذلك إلى صعوبة استرداها لحقها.
المدهش أن المشاهد يستمد جانباً مُعتبراً من متعته من الموسيقى التصويرية و«مفردات» الديكور التي صممها المهندس رامي قدري حيث دفء البيوت الأصيلة في المدينة التي تدور فيها الأحداث «الإسكندرية»، بطرازها العربي الأنيق الممتزج بلمسات من كلاسيكيات الطرز الأوروبية.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».