إتاحة التصرف في أراضي شمال العاصمة السعودية لاستيعاب التحول الاستراتيجي

الهيئة الملكية لمدينة الرياض لـ «الشرق الأوسط» : التوسع الكبير يتطلب تخطيطاً يراعي الاستدامة ويعزز المشهد الحضري

رفع إيقاف أراضي شمال الرياض يتواكب مع التطورات الاستراتيجية للعاصمة السعودية (الشرق الأوسط)
رفع إيقاف أراضي شمال الرياض يتواكب مع التطورات الاستراتيجية للعاصمة السعودية (الشرق الأوسط)
TT

إتاحة التصرف في أراضي شمال العاصمة السعودية لاستيعاب التحول الاستراتيجي

رفع إيقاف أراضي شمال الرياض يتواكب مع التطورات الاستراتيجية للعاصمة السعودية (الشرق الأوسط)
رفع إيقاف أراضي شمال الرياض يتواكب مع التطورات الاستراتيجية للعاصمة السعودية (الشرق الأوسط)

بعد إيقاف أجزاء كبيرة من أراضي شمال العاصمة السعودية الرياض بهدف دراستها وتخطيطها ورفع مستوى جاذبية المنطقة وتحسين المشهد الحضري والعمراني، أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض صدور قرار يقضي برفع الإيقاف عن أراضٍ في شمال طريق الملك سلمان والسماح بالتصرف في مساحات كبيرة منها، بما يشمل جميع أعمال التخطيط والتطوير والبيع والشراء وإيصال الخدمات كافة إليها، على أن تكون متوائمة مع الكود العمراني بعد إطلاقه.
وأوضح مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن الرياض تشهد نمواً سكانياً متسارعاً يستدعي رفع مستوى التخطيط وجودة التصميم العمراني والخدمات والمرافق العامة وتحسين مستوياتها، مؤكدين أن قرار الإيقاف يسهم في مضاعفة النمو السكاني للمدينة بحسب الاستراتيجية المعلنة مؤخراً من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والوصول إلى 20 مليون نسمة في العام 2030.

التخطيط والتنظيم
قال لـ«الشرق الأوسط» المهندس فهد بن صالح، مساعد الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، إن التوسع والتطور الكبير في المدينة يتطلب تخطيطها وتنظيمها بشكل مدروس يراعى جوانب الاستدامة الحضرية، ومن هذا المنطلق كان هناك عدد من الأوامر الملكية الكريمة لإيقاف رخص البناء والتصرف في البيع والشراء والتقسيم والتجزئة في مناطق مختلفة من مدينة الرياض، من أجل مواكبة النمو المضطرد وإعطاء فرصة من أجل تقييم ودراسة الوضع الراهن واتخاذ قرارات سليمة بحسب حاجة كل منطقة ووضعها الحالي.
وبيّن المهندس بن صالح، أن صدور الموافقة على رفع الإيقاف للجزء الجنوبي من أراضي شمال الرياض وعودة تداول البيع والشراء في مساحات كبيرة، بما يشمل أعمال التخطيط والتطوير والبيع والشراء، بهدف تطوير المرافق العامة والخدمات ورفع مستوى جاذبية المنطقة، وكذلك تحسين المشهد الحضري والعمراني لإبراز مظهر نموذجي متجانس ومعالجة التعديات التي تشوه الصورة الحضرية.
وأضاف أن الدولة تحرص على تحسين التجربة السكنية في الرياض، خاصة في الأحياء التي تشهد نمواً متسارعاً، وبالتالي جاءت القرارات لتقضي على التوسع العشوائي وما ينتج عنه مستقبلاً، سواء في البنية التحتية أو الذائقة الجمالية للمكان، وكان من المهم وضع ترتيبات جديدة لمعالجة تلك المواقع على المدى الطويل.
وكشف المهندس فهد عن وجود دراسات حالية للأراضي الموقوفة، التي تستدعي الحاجة إلى تطويرها بما يتواكب مع استراتيجية مدينة الرياض.

نمو متسارع
من جهته، أكد الدكتور سالم باعجاجة أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة لـ«الشرق الأوسط»، أن الرياض تشهد نمواً سكانياً وعمرانياً متسارعاً يستدعي رفع مستوى التخطيط وجودة التصميم العمراني والخدمات والمرافق العامة وتحسين مستوياتها، مبيناً أن القرار الأخير يزيد من حجم المعروض، ما يؤدي إلى تنافسية في أسعار العقار في العاصمة.
وذكر باعجاجه، أن قرار رفع الإيقاف عن أجزاء كبيرة من الأراضي الموقوفة شمال طريق الملك سلمان في العاصمة الرياض، يأتي في الاتجاه الصحيح، مؤكداً أن هذا الإجراء يأتي ضمن توجهات الحكومة الرشيدة نحو تنفيذ استراتيجية المدينة بهدف تنمية الاقتصاد وتطوير المنطقة لتكون من أفضل دول العالم.
وقال إن العقار السعودي يعد من أهم الأوعية الادخارية بجانب سوق المال؛ حيث شهد القطاع عدة تغييرات، خاصة في الفترة الماضية، بما يتواكب مع تطلعات البلاد نحو تحقيق مستهدفات مرسومة لتطوير وتنظيم القطاع.

استراتيجية الرياض
وأوضحت الهيئة الملكية لمدينة الرياض أن القرار الصادر بشأن الأراضي في المدينة يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات والدراسات التي تتم في مختلف المواقع تمهيداً لتنفيذ استراتيجية مدينة الرياض التي تهدف إلى تنمية اقتصاد العاصمة وتأهيلها لاستيعاب ضعف عدد السكان بحلول 2030. ومن المتوقع أن تسهم في تحقيق نمو مدروس لتكون ضمن أفضل 10 مدن في العالم من حيث الاقتصاد والتنافسية وجودة الحياة في 2030.
‎‏‎وتضمن القرار كثيراً من الجوانب التي تهدف في مجملها إلى تطوير البنية التحتية ودعم توفير الاستخدامات السكنية والسياحية، بما يسهم في رفع مستوى جاذبية المدينة، وتنظيم البيئة العمرانية والعناية بالجوانب التراثية، ومعالجة التعديات التي تشوّه المشهد الحضري.
‎‏‎وقد أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض عن تشكيل لجنة متخصصة للنظر في شؤون إيقاف الأراضي في مدينة الرياض والدراسات المرتبطة بها، بعضوية عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة.
‎‏‎ وتم تأسيس مركز اتصال موحد، يعمل بإشراف من الهيئة الملكية لمدينة الرياض واللجنة المختصة بالنظر في إيقاف الأراضي في مدينة الرياض، لفتح المجال للتواصل مع الجمهور والرد على تساؤلاتهم بهذا الخصوص.
وكان الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، قد كشف أخيراً عن استراتيجية تطوير مدينة الرياض التي ستسهم في تحويل عاصمة المملكة لواحدة من أكبر 10 مدن اقتصادية في العالم، مشيراً إلى أن ذلك يأتي جزءاً من خطط تنويع مصادر الدخل ونمو الاقتصاد في البلاد.
وقال ولي العهد، خلال مشاركته في الدورة الرابعة لـ«مبادرة مستقبل الاستثمار»، إن المبادرة تستهدف أن يصل سكان الرياض من 7.5 مليون نسمة حالياً إلى ما بين 15 و20 مليون نسمة في 2030، مؤكداً أن الاقتصادات العالمية ليست قائمة على الدول، بل تقوم على المدن.
ولفت الأمير محمد بن سلمان إلى وجود خطط استراتيجية تشمل جميع مناطق المملكة، موضحاً: «كل الخصائص التي تمتلكها تعطي ممكّنات لخلق وظائف ونمو الاقتصاد والاستثمارات والفرص، لذلك ننظر للرياض بعين الاعتبار».

صكوك ملكية التنمية العقارية
من جانب آخر، دعا صندوق التنمية العقارية ملاك أكثر من 12 ألف شقة في 6 مجمعات سكنية بالمملكة لتحديث بياناتهم في مدة أقصاها 15 شوال المقبل تمهيداً لإصدار صكوك ملكية وحداتهم العقارية.
وأوضح المتحدث الرسمي لصندوق التنمية العقارية، حمود العصيمي، أن الصندوق انتهى مؤخراً من فرز الوحدات السكنية بالتنسيق مع وزارة العدل، وذلك في مجمعات «الرياض، الدمام، جدة، الخبر» تمهيداً لإصدار الصكوك لملاك الشقق في تلك المجمعات، داعياً الملاك إلى سرعة مراجعة فروع «الصندوق العقاري» وتحديث بياناتهم.
وبيّن العصيمي، أن الهدف من تحديث بيانات المستفيدين من ملاك الشقق في المجمعات السكنية، إصدار الصكوك بشكل نهائي لملاكها، موضحاً أنه في حالة عدم المراجعة وتحديث البيانات خلال المدة الزمنية المحددة سيتخذ «الصندوق العقاري» الإجراء النظامي المناسب حيال ذلك.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.