تفجير «نطنز» يعيد الكرة إلى إيران التي غيرت مقاربتها للعودة إلى الاتفاق النووي

لقطات بثها التلفزيون الإيراني لأجهزة طرد مركزي من طراز «آي آر 6» بعد بدء عمليات ضخ الغاز فيها بمنشأة «نطنز»
لقطات بثها التلفزيون الإيراني لأجهزة طرد مركزي من طراز «آي آر 6» بعد بدء عمليات ضخ الغاز فيها بمنشأة «نطنز»
TT

تفجير «نطنز» يعيد الكرة إلى إيران التي غيرت مقاربتها للعودة إلى الاتفاق النووي

لقطات بثها التلفزيون الإيراني لأجهزة طرد مركزي من طراز «آي آر 6» بعد بدء عمليات ضخ الغاز فيها بمنشأة «نطنز»
لقطات بثها التلفزيون الإيراني لأجهزة طرد مركزي من طراز «آي آر 6» بعد بدء عمليات ضخ الغاز فيها بمنشأة «نطنز»

من الصعب توقع نشر نتائج الجولة الثانية من المحادثات الاستراتيجية الأميركية - الإسرائيلية لمناقشة الملف الإيراني، والتي كان موقع «أكسيوس» أول من كشف التخطيط لعقدها بين الطرفين اليوم (الثلاثاء). لكن الأحداث الجارية، خصوصاً حادث التفجير الذي وقع في منشأة «نطنز» النووية الإيرانية الأحد الماضي، تشير إلى أن تلك المحادثات «تسير بالتوازي» مع محادثات فيينا غير المباشرة التي ستستأنف اليوم، لتجديد عودة واشنطن وطهران إلى الالتزام بالاتفاق النووي لعام 2015.
ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين في الأمن القومي، أن الاجتماع سيعقد بإشراف مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان ونظيره الإسرائيلي مائير بن شبات، بمشاركة مسؤولين في أجهزة الاستخبارات من البلدين. وأضاف الموقع أن نتائج الجولة الأولى التي ناقشت البرنامج النووي الإيراني قبل نحو شهر، أسفرت عن اتفاق الطرفين على سياسة «عدم المفاجأة» والتنسيق والتعاون بين البلدين. وأضاف أن الجولة الثانية ستتضمن البحث في نشاطات إيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن، إضافة إلى الهجمات الأخيرة على السفن الإيرانية والإسرائيلية في البحر الأحمر والخليج، في ظل «حرب السفن» المفتوحة بين البلدين، وكذلك البنود المتوقع مناقشتها في محادثات فيينا.
وترى مصادر أميركية أن التزام وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الصمت تجاه الإشارة إلى إيران خلال زيارته إلى إسرائيل، كان مقصوداً؛ لا بل هو رسالة غير مباشرة بتحفظات واشنطن تجاه سلوك إيران الاستفزازي الذي تصاعد في الآونة الأخيرة. فالأحداث والتصريحات الإيرانية المتناقضة التي ترافق المفاوضات غير المباشرة التي بدأت مع الأميركيين، تعكس تغييراً كبيراً في مقاربة طهران للعوامل السياسية والاستراتيجية التي أدت إلى الاتفاق النووي عام 2015. وكالة «بلومبرغ» كانت أوردت في تقرير لها أن ملف إيران في الشرق الأوسط مليء بالأحداث «المتناقضة»، مشيرة إلى حالة من «الغموض» تكتنف تلك الأحداث سواء بالنسبة لجهود إعادة إحياء الاتفاق النووي، أو «حرب الظل» التي تدو رحاها مع إسرائيل حالياً، مما يجعل من الصعب «قراءة نوايا طهران الحقيقية». وتعتقد تلك الأوساط أن «النظام الإيراني قد يكون راجع قراراته بالنسبة إلى عودته للالتزام باتفاق عام 2015 في ظل (تقديرات استراتيجية إيرانية) تشير إلى أن تخلي طهران عن سلاحها النووي مجاناً، لم يعد ضرورياً بعد توقيعها الاتفاق الاستراتيجي مع الصين، وتعميق تعاونها مع روسيا. وبما أن الولايات المتحدة جادة في مغادرة المنطقة، أو على الأقل تخفيف حدة تورطها في قضاياها، فلماذا على طهران أن تقدم التنازلات إلى إسرائيل أو أي طرف إقليمي آخر؟».
وترى تلك الأوساط أن «المماطلة» الإيرانية التي ظهرت في الآونة الأخيرة، كانت سبباً رئيسياً للتحذيرات التي أطلقها روبرت مالي مسؤول ملف إيران في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، من أن إصرار طهران على التمسك مسبقاً برفع كل العقوبات الأميركية دفعة واحدة، سينسف المفاوضات برمتها. وتضيف تلك الأوساط أن إيران باتت تعتقد أن «اختراقاتها» في مجال تخصيب اليورانيوم وتشغيل أجهزة طرد مركزي حديثة، يمنحها القدرة على التمسك برفع العقوبات الأميركية عنها، ويعزز موقعها الإقليمي في مواجهة إسرائيل والقوى الإقليمية الأخرى؛ من بينها تركيا، التي يثير تقربها من الدول العربية في الآونة الأخيرة، قلق طهران أيضاً.
وفي حين تهدف محادثات فيينا إلى وضع خريطة طريق لعودة متزامنة لكل من إيران والولايات المتحدة إلى الامتثال لاتفاق 2015، فإن أي اختراق حقيقي لم يحدث بعد؛ لا بل إن غالبية التصريحات الأميركية تشير إلى أن المسار معقد ومتشعب وصعب جداً، في ظل التغييرات الموضوعية التي طرأت على الاتفاق. فالسلوك الإيراني تجاه الضغوط الأميركية منذ انسحاب الرئيس السابق دونالد ترمب من الاتفاق عام 2018، أظهر مقاربة مختلفة لطهران في مواجهة الضغوط التي تتعرض لها؛ من هجماتها على سفن الشحن في منطقة الخليج، إلى دعمها وتحريكها هجمات ميليشياتها في العراق، وإصرارها على دعم هجمات الحوثيين على السعودية، والعمل بشكل أكثر قوة لدعم حلفائها؛ مثل «حزب الله» و«حماس» وحكومة بشار الأسد في سوريا. ولكن الأهم من كل ذلك، استئناف تخصيب اليورانيوم على مستوى أعلى؛ الأمر الذي قربها من الوقت المقدر لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإنتاج سلاح نووي، من عام، بحسب الاتفاق، إلى بضعة أشهر فقط. وفي تكتيك ضغط إضافي، فسرت إيران طلبات تفتيش منشآتها النووية بشكل ضيق، وامتنعت عن الإجابة عن أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول المواد المشعة التي وجدها المفتشون في مواقع لم تعلن طهران مطلقاً أنها جزء من برنامجها النووي. وفي أواخر فبراير (شباط) الماضي، وافقت إيران على الاستمرار في تسجيل المعلومات الخاصة بمعدات التفتيش الخاصة بها لمدة 3 أشهر. وتقول إيران إنه إذا لم يتم رفع العقوبات الاقتصادية بعد انقضاء المهلة، فسيتم حذف المعلومات. وكان من شأن ذلك أن يضفي غموضاً كبيراً على نياتها النووية، رغم إصرارها على أنها تستطيع العودة إلى الامتثال للاتفاق بسرعة، لكن ليس قبل رفع العقوبات. اليوم؛ وفي ظل تقديرات الخبراء بأن إصلاح الأضرار التي نجمت عن «حادث» تفجير منشأة «نطنز» يحتاج على الأقل إلى 9 أشهر، عادت الكرة إلى طهران للرد على شروط واشنطن.



تباين إيراني حول تقديرات تأثير غياب الأسد

قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته أمس (إرنا)
قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته أمس (إرنا)
TT

تباين إيراني حول تقديرات تأثير غياب الأسد

قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته أمس (إرنا)
قائد «الحرس الثوري» يتحدث أمام مؤتمر لقادة قواته أمس (إرنا)

تباين مسؤولون وقادة عسكريون إيرانيون حول تقديرات تأثير سقوط نظام بشار الأسد على الجماعات المتحالفة مع طهران في المنطقة.

وقال رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، إنَّ سقوط الأسد «سيتسبب في اختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، لكنَّه أشار إلى أنَّ «(حزب الله) في لبنان سيتمكّن سريعاً من التكيف مع الظروف الجديدة».

في المقابل، قلَّل قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، مرة أخرى، من تأثير سقوط الأسد على نفوذ إيران الإقليمي خصوصاً صلاتها بجماعات «محور المقاومة». وقال سلامي لمجموعة من قادة قواته: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».