خلافات داخل «قلب تونس» تطيح أحد قيادييه

TT

خلافات داخل «قلب تونس» تطيح أحد قيادييه

أثارت استقالة عياض اللومي أحد مؤسسي حزب «قلب تونس» وأبرز قيادييه من الحزب، تساؤلات حول حقيقة الصراع السياسي الدائر داخل هذا الحزب الذي يمثل أهم حليف برلماني لـ«حركة النهضة»، والخلافات التي اندلعت بين قيادات الحزب بخصوص إدارة العملية السياسية بين المكتب السياسي والكتلة البرلمانية، ووجود بعض التضارب في المواقف.
وكشف اللومي أن استقالته تأتي على خلفية رفضه سياسة الأمر الواقع التي يريد أن يفرضها «لوبي الفساد» داخل الحزب وخارجه. واتهم اللومي سفيان طوبال عضو المكتب التنفيذي في «قلب تونس» بدفعه للاستقالة. وأضاف في لهجة ساخرة: «مبروك سفيان طوبال وكامل الفريق العامل معه على تحقيقه الأهداف».
وكان عياض اللومي قد كشف من خلال تصريح إعلامي إثر الاستقالة عن مطالبته بتقييم أداء البرلمان التونسي، وتقييم أداء حكومة هشام المشيشي، وضرورة فتح قنوات حوار مع رئيس الجمهورية حول التعثر الحاصل على مستوى تركيز المحكمة الدستورية، علاوة على المطالبة بإشراك حزب «قلب تونس» في الحوار الذي تجريه الحكومة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. وقبل ذلك، دعا اللومي إلى إيجاد حل لقيادة حزب «قلب تونس» واعتبار زعيمه نبيل القروي «سجيناً سياسياً»، والمضي قدماً لإيجاد حل لغياب القروي على رأس الحزب، مؤكداً أن هذا الغياب سيؤثر في حوكمة الحزب وأدائه وصورته بعد نحو ثلاثة أشهر من غياب نبيل القروي عن المشهد السياسي.
وبنهاية الأسبوع الماضي، كانت كتلة حزب «قلب تونس» البرلمانية قد أبدت، في بيان لها، تضامنها مع زعيم ورئيس الحزب نبيل القروي، إيماناً منها ببراءته واعتباره «سجيناً سياسياً»، ودعت إلى «ضمان محاكمة عادلة دون تدخل أي طرف سياسي بما يدعم مبدأ استقلالية القضاء». وفندت، في ذات البيان، «كل الأخبار الزائفة التي تمس منها»، مشددة على «تماسك أعضائها والتزامهم بالقيام بالمسؤوليات المنوطة بعهدتهم داخل البرلمان وخارجه».
كما عبرت عن تواصل دعمها للحكومة، داعية إلى تشكيل لجنة مشتركة بين الكتلة البرلمانية والمكتب السياسي لتقديم ورقة عمل حول تقييم العمل الحكومي برئاسة هشام المشيشي للخروج من الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس، وهي من المرات القليلة التي يدعو فيها حزب «قلب تونس» إلى تقييم عمل الحكومة.
على صعيد آخر، كشفت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض عن وجود «مخطط» لإزاحتها من رئاسة الحزب الذي يعد أحد أبرز معارضي مشاركة ممثلي الإسلام السياسي في الحكم، واتهمت عدة أطراف سياسية تونسية بالعمل على اختراق الحزب من الداخل وتدميره حتى يصبح منهكاً بحلول انتخابات 2024، علاوة على السعي نحو تشكيل مشهد سياسي دون عبير موسي، خاصة أن نيات التصويت تمكنها من التفوق على حركة النهضة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وكشفت في تصريح تلفزيوني عن إصدار تعليمات لتنشيط كل الأحزاب الدستورية الصغيرة النائمة التي غابت عن النشاط السياسي منذ سنوات بغية إضعاف الخزان الانتخابي الذي تنهل منه، وبالتالي إضعاف الحزب في التصويت الانتخابي والسطو على أنصاره، على حد تعبيرها.
وفي غضون ذلك، وإثر تصريح رئيس الحكومة هشام المشيشي المتعلق بتبرع أعضاء الحكومة بنصف أجورهم لشهر أبريل (نيسان) الحالي في إطار مساندة جهود الدولة لمواجهة وباء «كورونا»، قال عبد الحفيظ حفيّظ الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) معلّقا على تصريح المشيشي: «نحن ضحّينا بأجرة يوم عمل في شهر أبريل 2020 من أجل شعبنا وننتظر كشف الحساب... ويكفينا تبرّعات». وأضاف مخاطباً المشيشي وأعضاء حكومته «عليكم أنتم المساهمة فلديكم ما تدفعون... دفعنا ما يكفي... ها قد جاء وقتكم»، على حد تعبيره.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.