الإدارة الأميركية تخطر الكونغرس بعودتها لدعم «أونروا» بـ150 مليون دولار

غموض حول سبب عدم مهاتفة بايدن لعباس

لاجئون فلسطينيون يتسلمون مساعدات «أونروا» في غزة (أ.ف.ب)
لاجئون فلسطينيون يتسلمون مساعدات «أونروا» في غزة (أ.ف.ب)
TT

الإدارة الأميركية تخطر الكونغرس بعودتها لدعم «أونروا» بـ150 مليون دولار

لاجئون فلسطينيون يتسلمون مساعدات «أونروا» في غزة (أ.ف.ب)
لاجئون فلسطينيون يتسلمون مساعدات «أونروا» في غزة (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تدور فيه حرب طاحنة بين جماعات الضغط السياسي في العاصمة الأميركية واشنطن، بانقسام حاد بين مؤيد ومعارض لعودة الولايات المتحدة لدعم منظمة «أونروا»، أكدت مصادر رسمية تسلم الكونغرس تنويهاً برغبة الإدارة الأميركية في استئناف المساعدات للفلسطينيين عبر «الأونروا»، بمبالغ تقدر بنحو 150 مليون دولار.
ونقلت وكالة «رويترز»، عبر مصادر داخلية في المجلس التشريعي الأميركي (الكونغرس)، أن إدارة الرئيس جو بايدن أخطرت الكونغرس، أمس (الأربعاء)، باعتزامها استئناف المساعدات للفلسطينيين بتقديم 150 مليون دولار عبر منظمة «أونروا»، و75 مليوناً كدعم اقتصادي و10 ملايين للتنمية.
وقالت المصادر إن الإدارة أبلغت مكاتب الكونغرس، في مذكرة عبر البريد الإلكتروني، بالإعلان، وفحواه أن واشنطن ستستأنف أيضاً المساعدة الأمنية للفلسطينيين، في الوقت الذي ازدادت فيه الأقاويل والشائعات بوجود حالة عدم توافق بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية، وذلك بسبب عدم تلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتصالاً من الرئيس جو بايدن حتى الآن.
ورغم المحادثات المستمرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، على الأصعدة كافة وفي أكثر من مرة، فإن مكالمة رسمية من إدارة الرئيس بايدن مع الجانب الفلسطيني لم تحصل حتى الآن، خلافاً لما تؤكده الإدارة في لعب دور الوسيط بين طرفي الصراع، ومحاولة دعم السلام بينهما.
وما بين معارض ومؤيد، ازدادت حدة الانقسام في واشنطن، على خلفية رغبة الإدارة الأميركية في العودة إلى دعم منظمة «أونروا»، بعد أن خرجت الإدارة الأميركية السابقة من دعم المنظمة في أغسطس (آب) عام 2018، إذ أجرى الكونغرس، الأسبوع الماضي، بحسب موقع «فورين لوبي»، جلسات استماع مغلقة مع عدد من جماعات الضغط اليهودية التي لها علاقات ومصالح قوية مع السياسيين الأميركيين، وذلك لحثهم بلعب دور مهم في ثني الرئيس جو بايدن عن عدم العودة لدعم المنظمة مرة أخرى.
وتواجه المنظمة العديد من الانتقادات والاتهامات، بدعمها الأفكار المتطرفة في فصول الدراسة، وتعليم الأطفال بالمدارس «كراهية اليهود» والدولة الإسرائيلية، وتأتي حملة الضغط بعد أن تحدث ريتشارد ميلز نائب السفير لدى الأمم المتحدة، لأول مرة في اجتماع افتراضي لمجلس الأمن في يناير (كانون الثاني) الماضي، حول خطط الإدارة الجديدة لاستعادة التمويل للأونروا.
وفي سؤال للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، خلال مؤتمر صحافي الاثنين، عندما طُلب منه وصف الاتصال بين الحكومة الأميركية والسلطة الفلسطينية، قال: «نحن في العادة لا نقرأ المحادثات على مستوى العمل، ولكن بالتأكيد، نحن على استعداد لمواصلة التواصل مع الفلسطينيين، بمن فيهم المسؤولون الحكوميون، بشأن سبل تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني»، مضيفاً: «أتوقع بشكل كامل استمرار التواصل مع الشعب الفلسطيني والقادة الفلسطينيين أيضاً».
وفي المؤتمر الصحافي ذاته، أكد برايس أن إدارة الرئيس جو بايدن تنظر في كيفية مساعدة اللاجئين الفلسطينيين. وأشار برايس إلى أن ذلك من أولويات الإدارة الأميركية، وقال إن الطرفين تحدثا في هذا الأمر، منوهاً بإعلان السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، عن تبرع بلادها بـ15 مليون دولار من المساعدات الإنسانية، لتقديم الإغاثة للفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية وغزة، الذين يعانون حالياً من جائحة «كوفيد – 19»، والتأكيد على مواصلة تقديم المساعدة لإفادة جميع الفلسطينيين، «بمن فيهم اللاجئون، ونحدد في الوقت الحالي كيفية المضي قدماً في ذلك».
وفي مقالة رأي نشرها فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، قال إن دعم المنظمة ليس أمراً سياسياً، بل هو أمر إنساني، إذ ترعى المنظمة نحو 5.7 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لديها، مضيفاً: «بصفتي مفوضاً عاماً للأونروا، فإن مسؤوليتي هي ضمان حصول لاجئي فلسطين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وغزة والأردن ولبنان وسوريا، على الخدمات الأساسية التي يستحقونها».
واستنكر لازاريني في مقالته، التهمة الأكثر تكراراً، وهي أن الأونروا تلعب دوراً سياسياً، معتبراً أن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، إذ تم تفويض الأونروا بتقديم المساعدة الإنسانية المباشرة والحيوية للاجئين الفلسطينيين، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم، مؤكداً أن هذه هي أولوية الوكالة، وتركيزها، أن تلتزم، مثل جميع وكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية الدولية، بالمبادئ الإنسانية الأربعة (الإنسانية، وعدم التحيز، والحياد، والاستقلال)، المنصوص عليها في قرارين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
يذكر أن السلطة الفلسطينية رحبت، في نهاية مارس (آذار) الماضي، بالخطوة الأميركية باستئناف الدعم المالي للفلسطينيين بعد تجميده منذ عام 2018، وأصدر رئيس حكومة السلطة، محمد أشتية، بياناً ترحيبياً بالمساعدة، البالغة 15 مليون دولار، وتشمل مساعدات لمواجهة جائحة كورونا، وهو ما اعتبره أشتية «خطوة في الطريق الصحيح من أجل إعادة صياغة العلاقة مع الإدارة الأميركية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».