قائد القوات الخاصة الليبية: ابني ليس أول شخص يتعرض للخطف أو القتل

هدوء حذر في بنغازي.. وحكومة زيدان توفد وزيري العدل والإسكان لحل الأزمة

العقيد ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة للجيش الليبي
العقيد ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة للجيش الليبي
TT

قائد القوات الخاصة الليبية: ابني ليس أول شخص يتعرض للخطف أو القتل

العقيد ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة للجيش الليبي
العقيد ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة للجيش الليبي

قال العقيد ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة للجيش الليبي في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، لـ«الشرق الأوسط»، إن عمليات الخطف والقتل التي تتم في المدينة وعلى مستوى البلاد ليست قضية شخصية وإنما هي مشكلة ليبيا بأسرها، مشيرا إلى أنه لم يتسلم أي مطالب محددة من المجموعة المسلحة التي قامت يوم أول من أمس باختطاف نجله «علي» أثناء وجوده مع رفاقه في مطعم خلف جامعة بنغازي بمنطقة قاريونس.
وخطف مسلحون ابن قائد القوات الخاصة بالجيش الليبي في أحدث واقعة خطف لافتة للأنظار في شرق ليبيا حيث يحارب الجيش مسلحين إسلاميين. وسألت «الشرق الأوسط» بوخمادة عما إذا كان قد تلقى اتصالا هاتفيا من الخاطفين، فقال «لا اتصالات مؤكدة، لا شيء رسميا حتى الآن»، موضحا أنه لا يعرف الجهة الخاطفة ولا الهدف من خطف ابنه. وتابع «لا نعرف من هم، ولا أعلم الهدف من ذلك.. هل هي محاولة لابتزازي، أو ممارسة ضغوط مرفوضة تعوقنا عن محاولة فرض الأمن والاستقرار؟».
ووصف قائد القوات الخاصة الليبية الوضع العسكري في مدينة بنغازي بعد الاشتباكات العنيفة التي اندلعت بين القوات الخاصة ومجموعات مسلحة مما أسفر عن مصرع وإصابة 4 جنود بأنه جيد، لافتا إلى أن وزيري العدل والإسكان التقياه بمنزله في بنغازي في محاولة لحل هذه الأزمة.
وردا على ما بثته وكالة الأنباء المحلية من أن الخاطفين طالبوا بسحب القوات الخاصة من منطقة القوارشة مقابل إطلاق سراح ابنه المختطف لديهم، قال بوخمادة لـ«الشرق الأوسط»: «أيضا ليس هناك شيء رسمي، ثمة شائعات فقط تقال في الشارع. هذا كلام غير صحيح وليست لدي أي قوات في القوارشة، وسأعقد مؤتمرا صحافيا في وقت لاحق لتوضيح الأمور».
وخاطب بوخمادة الخاطفين عبر «الشرق الأوسط» قائلا: «نقول لهم حددوا ما هو المطلوب مني، وتفضلوا إذا كانت لديكم مطالب.. أنا مستعد للتفاوض وفاتح صدري للنقاش. عندي عسكريون قتلوا وأصيبوا وابني ليس أول شخص يتم خطفه أو قتله أو تتم تصفيته في الشارع». وأضاف «العسكريون بالكامل والشعب الليبي في مدينة بنغازي وليبيا الكل يتمنى، والكل أبناؤنا، ونحاول أن نحافظ على الأمن، وهذه إشكالية نعاني منها على مستوى ليبيا. الموضوع موضوع ليبيا وليس خطف عسكريين أو مدنيين». وفي وقت سابق، قال بوخمادة لوكالة «رويترز» إن ابنه كان عائدا من الكلية عندما سدت سيارتان الطريق عليه واقتادوه بعيدا. وما زالت الحكومة الليبية الهشة والجيش الوليد يواجهان صعوبات بعد أكثر من عامين على الانتفاضة التي أطاحت بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي لاحتواء المقاتلين السابقين والمسلحين الذين حاربوا في الانتفاضة لكنهم رفضوا تسليم أسلحتهم. وأدانت الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان عملية الخطف، وأكدت في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني أنها تحمل الخاطفين كل المسؤولية عن سلامة المخطوف وبسرعة إطلاق سراحه فورا دون قيد أو شرط، داعية إلى الحفاظ على الأمن، والابتعاد عن استخدام العنف. وأوضحت الحكومة أن الأوامر قد صدرت للقوات الخاصة بالتزام أماكنها، ولكتائب الثوار بعدم التحرك أو التعرض للجيش بأي طريقة كانت حفاظا على الوطن والمواطن، وأن تترك الأمر للسلطات المختصة لمعالجته وفقا للقانون.
وقال شهود عيان إن الهدوء الحذر ساد أمس منطقة القوارشة بعد توقف الاشتباكات التي اندلعت بين عناصر القوات الخاصة ومجموعة مسلحة كانت تتحصن بمزرعة في هذه المنطقة الواقعة غرب المدينة. وأكد مصدر بمستشفى الجلاء للحوادث بمدينة بنغازي أن المستشفى استقبل في واقعتين منفصلتين ثلاث جثث لشباب قتلوا نتيجة إطلاق رصاص مساء أول من أمس، مشيرا إلى أن الثلاثة قتلوا على أيدي مسلحين مجهولين وملثمين.
واندلعت الاشتباكات بعدما رصدت عناصر القوات الخاصة رماية من منطقة القوارشة على طائرة عمودية تابعة للقوات الخاصة كانت تقوم بتمشيط المنطقة، علما بأن القوات الخاص أعلنت حالة الاستنفار القصوى وانتشرت بكامل عتادها وآلياتها وقامت بتطويق كامل للمنطقة وأغلقت كل الطرق الرئيسة المؤدية إليها ووجهت المواطنين إلى استخدام طرق بديلة لإبعادهم عن منطقة الاشتباكات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.