انقسم الليبيون حيال ما تردد عن قبول المحكمة الجنائية الدولية شكوى تطالب بالتحقيق مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي الليبي السابق، بصفتهما، بتهمة «ارتكاب جرائم» في ليبيا.
واختصمت الشكوى، التي تقدمت بها «المنظمة الليبية لضحايا الإرهاب والتطرف»، بتعاون مع «المركز الأفروآسيوي للدراسات والاستشارات»، شخصيات وقيادات عسكرية أيضاً من الجانبين. بالإضافة إلى عدد من قيادات الميليشيات المسلحة.
وقال المركز مساء أول من أمس إن الشكوى، التي تم رفعها إلى مكتب المدعي العام في الجنائية الدولية، تحت اسم «العدوان التركي على ليبيا»، قُبلت بالفعل، وهي تتهم الجانبين بـ«ارتكاب 20 جريمة تصنف جرائم حرب في الأراضي الليبية، ويعاقب عليها القانون الدولي».
وأورد المركز نص المذكرة، التي قبلتها المحكمة، مرفقة بحافظة مستندات احتوت على ما سماه «جرائم ارتكبها السراج وإردوغان في ليبيا»، و«أدلة قاطعة وبراهين»، مشيراً إلى أنهما «ارتكبا مجتمعين انتهاكات صارخة للمواثيق الدولية، والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، وخصوصاً القرار القاضي بحظر بيع وتصدير السلاح إلى ليبيا».
ورأى سياسيون ليبيون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن طرفي الحرب في ليبيا «ارتكبا جرائم» تتعلق باستقدام «المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وجلب السلاح، لكن يظل هناك طرف هو من بدأ الحرب وتوجه إليه الاتهامات»، مشيرين إلى أن الأجواء التصالحية التي تعيشها البلاد «ربما تسمح بالتغاضي عما سبق، وطي صفحة الماضي».
واستغرب مسؤول ليبي سابق بحكومة «الوفاق» من رفع هذه الشكوى، وقال إن «الحكومة المعترف بها دولياً استخدمت أدواتها السياسية، والقانونية للدفاع عن العاصمة أمام بطش الطامعين».
ووجهت الشكوى اتهامات للسراج وإردوغان بـ«خرق الاتفاقيات الدولية التي تجرم استخدام المرتزقة، وإلحاق أضرار بالمدنيين، بجانب خرق اتفاقيات قانون البحار». ولم تكن هذه هي الشكوى الوحيدة، التي قُدمت ضد أحد طرفي النزاع سابقا في ليبيا. فقد سبقتها شكوى حركها مواطنون ضد القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، المشير خليفة حفتر، لدى مكتب «الجرائم ضد الإنسانية» بفرنسا. كما قدم محام أميركي من أصل فلسطيني شكوى لدى المحكمة الجنائية الدولية ضده، على خلفية «المقابر الجماعية» التي عثر عليها في مدينة ترهونة بغرب ليبيا.
في سياق آخر، تسعى وزارة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» إلى بحث ملف المعتقلين الليبيين في سجون طرابلس قريباً، وخصوصاً الموقوفين في سجون سرية خارج إطار الدولة، وسط ترحيب حقوقي من جمعيات ومراكز، سبق لها المطالبة بذلك طوال السنوات الماضية، دون تحرك من السلطة السابقة.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن وزيرة العدل الجديدة، حليمة إبراهيم، أن الوزارة بصدد تشكيل لجنة بمشاركة دولية في غضون 15 يوماً «لحث الجهات، غير الخاضعة للدولة الليبية، بالإفراج عن المعتقلين في سُجونها».
ورصدت الأمم المتحدة في تقرير قدمته إلى مجلس الأمن الدولي احتجاز آلاف المواطنين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، في مرافق تخضع اسمياً لسيطرة وزارتي الداخلية والدفاع، التابعتين لحكومة «الوفاق»، أو في مرافق تديرها مباشرة جماعات مسلحة، لكن «لم تتح لهؤلاء المحتجزين فرصة للطعن في مشروعية احتجازهم، أو التماس الإنصاف عن الانتهاكات، التي تعرضوا لها».
ودعت الوزيرة «الجهات غير المعترف بها من الدولة الليبية بالإفراج السريع، وغير المشروط، للمواطنين الليبيين المسجونين بغير وجه حق، أو صدور أوامر قبض بحقهم»، وقالت إنها «لن تدخر جهداً للعمل في هذا الملف، كما أنها ستبحث وضع عقوبات بحق مرتكبي جرائم الإخفاء والسجن».
ويُنظر إلى هذه السجون والمعتقلات، وفقاً لروايات من دخلوها وعايشوها، على أنها «عالم سري مخيف، ليس لتنفيذ محكومية محددة بحكم قضائي مُعلن، بقدر ما هي غياهب يُلقى فيها من يُراد له الاختفاء، مؤقتاً أو بشكل دائم».
ورأى رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، جمال الفلاح، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن «السجون السرية، أو الخاضعة للمجموعات المسلحة، هي معتقلات، ولا تخضع لسلطة الدولة، سواء الأجهزة الأمنية أو القضائية، ومن يديرها هي الميليشيات المسلحة، إذ تمتلك كل مجموعة سجنها الخاص، ومنها ما هو سري، ومكانه غير معلوم إلى الآن». وتسلمت الوزيرة مهامها في ديوان وزارة العدل بمدينة طرابلس، صباح أول من أمس، حيث تمت مراسم التسليم والتسلم من الوزير السابق، محمد عبد الواحد لملوم، وسط احتفال المجلس الأعلى للقضاء، ومكتب النائب العام، والمعهد العالي للقضاء، والوزارة.
منظمة ليبية تشكو السراج وإردوغان لـ«الجنائية الدولية»
اتهمتهما بـ«ارتكاب 20 جريمة تصنف جرائم حرب»
منظمة ليبية تشكو السراج وإردوغان لـ«الجنائية الدولية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة