بعد 16 عاماً على إنهاء الوصاية السورية... ساسة لبنانيون يتذكرون اللحظة التاريخية

بين «14 مارس 2005» و«17 أكتوبر 2019»... انتفاضة غير مكتملة المعالم

متظاهرون وسط بيروت أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون وسط بيروت أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد 16 عاماً على إنهاء الوصاية السورية... ساسة لبنانيون يتذكرون اللحظة التاريخية

متظاهرون وسط بيروت أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون وسط بيروت أول من أمس (أ.ف.ب)

في الذكرى الـ16 لانسحاب الجيش السوري من لبنان، وما يُعرف بـ«ثورة الأرز»، وما يعتبره البعض «استقلال لبنان الثاني»، لم تعد تجمع الأحزاب والفرقاء السياسيين الذين شاركوا فيها إلا الشعارات، بينما تحوّلت «الثورة» إلى شعبية بامتياز، منتفضة على كل السلطة، بما فيها الأحزاب التي اجتمعت في 14 مارس (آذار) 2005، مع بروز قضايا وأولويات فرضها الواقع اللبناني، لا سيما منها الاقتصادية والاجتماعية.
وفيما كان لقيادات الأحزاب «المتباعدة» اليوم، التي عُرِفت آنذاك بفريق «14 آذار» المعارض لسوريا و«حزب الله»، احتفاليتها الخاصة بهذه الذكرى، مع التأكيد على أنها شكّلت نقطة تحوّل في التاريخ اللبناني، لا سيما في قضية السيادة الوطنية، يربط الأكاديمي ونائب رئيس «حركة التجدد الديمقراطي» السابق أنطوان حداد بين «14 مارس 2005» و«انتفاضة 17 أكتوبر 2019»، معتبراً أن «لحظة 14 مارس (آذار) هي تاريخية وفريدة غير مسبوقة في تاريخ لبنان لا يضاهيها إلا مشهدية انتفاضة أكتوبر 2019، من حيث الحجم والتنوع والالتفاف الشعبي حولها»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن «الأحزاب الطائفية» التي شاركت قبل 16 عاماً ارتكبت، كما تفعل القوى التي تشارك اليوم في الانتفاضة الشعبية، خطأ مماثلاً لجهة إهمال، كل منها، قضايا معينة، وهذا ما قد يؤدي بها إلى المصير نفسه.
وفي هذه الذكرى، وصف رئيس «تيار المستقبل»، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، «14 آذار» بـأنه «مشروع وطن»، رافضاً العودة بلبنان إلى زمن الاستنفارات الطائفية... وقال: «شهادة الرئيس (رئيس الحكومة السابق) رفيق الحريري ورفاقه صنعت (14 آذار)، انتفاضة استثنائية في تاريخ لبنان عمدّها قادة رأي وسياسة بدمائهم وتضحياتهم، ففتحت أبواب المنافي والسجون ورفعت سيف الوصاية عن الدولة، وكسرت حواجز الولاءات الطائفية والمناطقية لتعيد الاعتبار للوحدة الوطنية ومفاهيم العيش المشترك والولاء للبنان». واعتبر أن «(14 آذار) مشروع وطن وتحرر ومصالحة، زرع في وجدان اللبنانيين مشهدية شعبية وسياسية وحضارية لن تتمكن من محوها ارتدادات المتغيرات الإقليمية ولا السياسات العبثية التي تعمل على العودة بلبنان إلى زمن الاستنفارات الطائفية».
وفيما أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن «(14 آذار) مستمرة… حتى تحقيق الغاية»، تحدث رئيس «حزب الكتائب» النائب المستقيل سامي الجميل عن «ذاك اليوم الأساسي في مسيرتنا النضالية من أجل السيادة»، قائلاً: «العبرة بعد 16 سنة أن الاستقلال تحقق في حين غابت المحاسبة، وتأجلت الإصلاحات، فعدنا ووقعنا في المحظور». وأضاف: «لا تنازل عن سيادة أو محاسبة، فلا قيمة للأولى دون الثانية وبالعكس».
وما تحدث عنه الجميل يتوقف عنده حداد، الذي كان و«حركة التجدد الديمقراطي» في صلب تجربة «14 آذار»، معتبراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه في وقت أهملت فيه «قوى 15 آذار» مطالب القوى المدنية والقضايا المرتبطة بالإصلاح ومكافحة الفساد قبل 16 عاما، تعمل اليوم القوى الفاعلة في «انتفاضة 17 تشرين» على إهمال «قضية السيادة» المتمثلة بشكل أساسي بسلاح «حزب الله» ومن خلفه الهيمنة الإيرانية على الدولة.
ويوضح أن «(14 آذار) قلبت المشهد السياسي في لبنان بحكم الدعم الشعبي لها، وفرضت نفسها في الداخل والخارج لإنهاء الوصاية السورية عن لبنان، لكن نقاط ضعفها كانت في أن القيادة السياسية لها المنبثقة من «الأحزاب الطائفية» باتت أولويتها إحكام سيطرتها على بيئتها الطائفية، وعمدت إلى تهميش القوى المدنية المنظمة والعفوية في هذه الثورة والقضايا الأساسية المرتبطة ببناء الدولة والإصلاح». وفي مقارنته بين مشهد «14 آذار» و«انتفاضة تشرين»، يقول حداد: «الجمهور متشابه أو يكاد يكون نفسه من حيث تنوعه، لكن المشكلة أو الخطأ يكاد يكون نفسه بين الحدثين، وإن بشكل معاكس، موضحاً: «رغم أهمية القضايا التي ترفع في هذه المرحلة، فإن القوى المسيطرة على (انتفاضة تشرين) ترتكز على الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد والدولة المدنية، لكنها تهمل في الوقت عينه قضية السيادة، لا سيما المتمثلة بسلاح (حزب الله)، ورهن لبنان لأجندات خارجية، ما أدى إلى مراوحة هذه الانتفاضة وعجزها عن تحقيق الإنجازات».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.