وزير الخارجية التركي لـ«الشرق الأوسط»: نحتاط لانتقال الإرهاب من سوريا والعراق إلينا

مولود جاويش أوغلو قال إن العلاقة مع إسرائيل يمكن أن تعود إلى طبيعتها.. ومع إيران جيدة إلا في الشأن السوري

مولود جاويش أوغلو
مولود جاويش أوغلو
TT

وزير الخارجية التركي لـ«الشرق الأوسط»: نحتاط لانتقال الإرهاب من سوريا والعراق إلينا

مولود جاويش أوغلو
مولود جاويش أوغلو

رأى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن العلاقات الإسرائيلية - التركية يمكن أن تعود إلى طبيعتها، لكنه لم يتوقع حصول انفراجات قريبة في هذا المجال.
وكرر الوزير التركي تمسك بلاده بشروطها الثلاثة لإعادة العلاقات مع إسرائيل إلى طبيعتها، معتبرا أنه إذا أكملت الدولة العبرية تنفيذ الشروط التركية فيمكن عودة هذه العلاقات إلى طبيعتها، لكنه لم يتوقع أن تقدم الحكومة الإسرائيلية على أي خطوة الآن بسبب اقتراب الانتخابات الإسرائيلية. أما عن العلاقة مع إيران فوصفها بعلاقة جيرة منذ عصور، لكنه أشار إلى الاختلاف مع طهران في الملف السوري بسبب «النظرة المذهبية لإيران في هذا الملف، ولكن في موضوع غزة وفلسطين فتفكيرنا واحد، وتفكيرنا بموضوع (داعش) أيضا واحد».
ورأى جاويش أوغلو، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن الحل السياسي ممكن في سوريا شرط رحيل الرئيس السوري بشار الأسد «لأنه فقد كل شرعيته»، رابطا هذا الحل بضرورة «تنظيف سوريا والعراق من كل المجموعات الإرهابية الموجودة فيها»، معتبرا أنه «يجب أن تكون هناك قوى عسكرية على غرار البيشمركة لحل عسكري يقضي بتنظيف المنطقة من القوى الإرهابية في العراق». ورأى أنه يجب أن يكون الحكم بسوريا حكما وطنيا شاملا يحتضن كل فئات الشعب السوري.
ونفى بشدة الاتهامات الموجهة إلى بلاده بدعم التنظيمات الإرهابية في سوريا والسماح بدخول المقاتلين الأجانب إليها، مؤكدا أن هناك 10 آلاف شخص مُنعوا من الدخول إلى تركيا بسبب هذا الموقف، وقبضنا تقريبا على نحو 100 شخص لديهم نوايا من هذا النوع وطردناهم، أغلبيتهم كانوا من الأشخاص الذين يحاولون أن يتسللوا للدخول إلى سوريا من الأراضي التركية، وبعضهم مقاتلون أجانب حاولوا التسلل إلى تركيا من سوريا.
ولم يستبعد جاويش أوغلو انتقال الإرهاب إلى بلاده، قائلا «نحن جيران للعراق وسوريا، والمشاكل الموجودة في سوريا متوقع أن تنتقل إلى تركيا، ونحن عبر السنين عانينا كثيرا من مشاكل الإرهاب، ونعلم كم هو مؤلم وصعب هذا الموضوع، لذلك نحن أخذنا احتياطاتنا اللازمة وعلينا أن نكون متأهبين لحدوث مثل تلك الأمور». وفي ما يأتي نص الحوار:

* ماذا تبقى من سياسة «تصفير المشاكل» التي سعى إليها رئيس الوزراء الحالي أحمد داود أوغلو عندما كان في منصب وزير الخارجية.. وهل هذه السياسة قابلة للاستمرار في ظل الوضع القائم في دول الجوار؟
- سياستنا الخارجية لها أسس متينة وسليمة كما يعلم الجميع، وهي سياسة متفرّعة ومتنوعة لكنها دائما تحمل قيم الإنسانية في أسسها، وهذا الشيء يأتي ضمن أول مرحلة بسياستنا، وبدأنا نذهب إلى الحلول بشكل مباشر وسريع. كما تعلم، المنطقة مليئة بالمشاكل والأزمات الكبيرة، ونحاول جاهدين للوصول إلى حلول لتلك المشاكل التي تعيشها المنطقة، لذلك في هذا الوقت العصيب علينا أن نقول «للصواب صواب» و«للخطأ خطأ».
مبادئنا وفلسفتنا في السياسة الخارجية لا يمكن أن تتغير على الإطلاق. استنادا للوضع الراهن في العالم، حسب المشاكل التي تتعرض لها المنطقة، يمكن أن تكون هناك بعض التحديثات أو بعض التغيرات التي يمكن أن تطرأ على سياستنا، لكن الأسس والقيم تبقى كما هي، وعلينا أن نواكب العصر.
الاجتماع الأخير الذي حصل مع الدبلوماسيين في تركيا، أي سفراء الدول التركية في كل أنحاء العالم، كان اجتماعا كبيرا جدا، وكان العنوان الأساسي الذي يتضمنه اللقاء هو التالي «سياستنا الخارجية.. سياسة تركيا في الخارج كيف ستكون». نعم هناك تغيرات، مثلا علاقتنا مع العراق فيها تغيرات، فسياسة (رئيس الوزراء العراقي السابق نور) المالكي كانت تودي بالعراق إلى مشاكل كبيرة جدا وكنا رافضين الفكرة، لكن الحكومة العراقية الجديدة اليوم فتحت صفحة جديدة ونحن منطلقون معها ونتعامل مع بعضنا بعضا. نحن لم نغير نظرتنا إلى العراق، لأن محبتنا موجودة وثابتة للعراق، لكن بسبب تغيير الحكومة فيها وتغيير نظرتها فنحن تأقلمنا ومستمرون في علاقتنا معهم. إذا كان السؤال عن التغيير من هذه الناحية، نعم هذا هو التغيير الذي عشناه.
* وما مصير علاقتكم مع إسرائيل؟
- إذا رغبت أن تعرف علاقتنا مع إسرائيل كيف يمكن أن تكون فنحن رأينا ثابت، وهناك بعض الأسس والأمور التي نريد أن تتحقق، وفي حال تحققت هذه الأمور فيمكن أن ترجع سياستنا مع إسرائيل إلى الأمور الطبيعية العادية التي كانت من قبل، وشروطنا مهمة جدا وهي تتعلق بغزة وفلسطين.
* ما هي الشروط التي تتمسكون بها، وتلك التي أنتم مستعدون للنقاش حولها؟
- وضعنا 3 شروط أساسية لتتحسن علاقتنا مع إسرائيل وهي: الاعتذار عن حادثة السفينة (التركية) مرمرة (التي هاجمتها القوات الإسرائيلية لدى محاولتها خرق الحصار الإسرائيلي على غزة مما أدى إلى مقتل نحو 17 تركيا) وهو أهم شرط من شروطنا.. فقد كنا نريد اعتذارا بشكل رسمي، وقد تحقق. كما طلبنا تعويضات لعائلات الأشخاص الذين قتلوا في هذه الحادثة الأليمة، وهو أمر قيد النقاش.. وطبعا طالبنا برفع الحصار عن غزة والمدن الفلسطينية التي تتعرض إلى مآس كبيرة جدا. هذه هي الشروط الثلاثة التي طالبنا بها، وقلنا للإسرائيليين إننا يمكننا أن نتعاون معهم من أجل هذه الأمور.
* إلى أي شيء أفضت المحادثات التي جرت مع الإسرائيليين؟
- كانت هناك محادثات كثيرة بشأن هذا الموضوع بين البيروقراطيين والدبلوماسيين، لكن لم نسمع أي جواب (سلبي أو إيجابي) من الحكومة الإسرائيلية، ونحن شروطنا باقية كما هي، وإذا تفاهمنا على هذه الشروط الثلاثة التي طالبنا بها أعتقد أن الأمور يمكن أن تكون كما كانت عليه وأن تستمر معهم في ظل هذه الشروط.
* وهل تتوقعون شيئا قريبا في هذا الإطار؟
- أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية مضغوطة وتفكر بأمور أخرى الآن قرب الانتخابات الإسرائيلية، وأعتقد أنهم بهذا الموضوع لن يخطو أي خطوة.
* فلنعد إلى سياسة «صفر مشاكل»، كيف يمكن لكم أن تعودوا إليها وعلاقاتكم بدول الجوار مهتزة إلى هذا الحد؟
- هي أحد الأسس المتينة التي تشكل سياستنا الخارجية، كما أنه وقت وضعنا الدستور التركي كانت لمؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك جملة مهمة كثيرا قال فيها «سلام في الوطن سلام في العالم». ولهذا فنحن في علاقتنا الخارجية هناك نقطة مهمة كثيرا وهي تصفير المشاكل مع كل دول الجوار التي تحيط بنا، بمعنى ألا نخلق مشكلة بل نحلها، ولا نكتسب أعداء بل نكتسب أصدقاء، ولكن مع كل هذه المبادئ والقيم لا يكفي أن تنظر للموضوع بمنظارك لأن الظروف مختلفة، كما سبق أن ذكرت في موضوع العراق، ومثلا علاقتنا مع اليونان فيها بعض المضايقات ولكن منذ 5 أو 6 سنوات نحن مستمرون في علاقتنا معهم ونحاول دائما المضي إلى الأمام.
وكما تعلمون فإنه قبل كل هذه المشاكل وقبل حصول الثورة السورية، كانت علاقتنا جيدة جدا مع سوريا و(الرئيس السوري بشار) الأسد، لكن المسؤول عن هذه التطورات المؤسفة التي حدثت في سوريا بشار الأسد، لذلك نهاية ما وصلنا إليه مع سوريا سببه تصرفات الأسد، ونحن علاقتنا وصداقتنا مع سوريا باقية ولا توجد فيها أي مشكلة، ولكن استنادا إلى تصرفاته الخاطئة أصبحت علاقتنا معها كما هي اليوم.
* ماذا عن إيران؟
- نحن وإيران أصدقاء وجيران من عصور، لكن في موضوع سوريا يمكن أن ننظر للموضوع بنظرة مختلفة، لأن عندهم مشاكل تتعلق بالمذاهب والطوائف الموجودة، ولكن بموضوع غزة وفلسطين فتفكيرنا واحد، وتفكيرنا بموضوع «داعش» أيضا واحد لن يتغير، وعلاقتنا مع دول الجوار كلها وبلغاريا جيدة جدا ولا توجد فيها أي مشاكل، ومع أرمينيا نريد أيضا تطوير علاقتنا، ونحن خطونا خطوة إيجابية بهذا الموضوع لكننا لم نلق أي رد من قبلهم، ونريد أن نصفّر كل المشاكل والأزمات مع الجوار، ولكن هذا لا يعني أننا سنتفاهم بشكل مطلق معهم، هذا موجود ومبدأ لكن ليس دائما تأخذ نتيجة إيجابية من الطرف الآخر، فالموضوع لا يتعلق بنا فقط، نحن مبادئنا وفلسفتنا بهذا الموضوع واحدة ولا يمكن أن نتراجع عنها وستبقى كما هي.
* كيف ترون الحل في سوريا؟
- الوضع في سوريا كل يوم يزداد سوءا وهو ذاهب باتجاه الهاوية، ومع الأسف النظام السوري مستمر بقتل شعبه بشكل وحشي، تقريبا 250 ألف شخص قتلوا نتيجة هذه الهجمات، ومن جهة أخرى هناك الإرهابيون مثل «داعش» و«النصرة» وميليشيات مختلفة.
للأسف هناك 11 مليون مواطن سوري تشردوا من بلدهم، وذهبوا إلى بلاد مجاورة أو نزحوا إلى مناطق أخرى داخل سوريا، وقسم كبير منهم جاءوا إلى تركيا، وكانوا بالتالي مبتعدين عن بيوتهم ومدينتهم، وحلب تتعرض لهجمات كبيرة جدا والوضع يذهب إلى الأسوأ.
* هل ما زال الحل السياسي ممكنا في سوريا؟
- نعم يمكن الحل في سوريا إذا كان هناك قرار حازم بهذا الموضوع وثبات في الآراء المتخذة، وفورا يجب أن يتم التبديل السياسي الموجود في الحكم بسوريا، بمعنى آخر أن يذهب الأسد، لأنه فقد كل شرعيته، وطبعا تنظيف سوريا والعراق من كل المجموعات الإرهابية الموجودة فيها. هنا أقصد أنه يجب أن يكون هناك حل سياسي، وبنفس الوقت يجب أن تكون هناك قوى عسكرية لحل عسكري يقضي بتنظيف المنطقة من القوى الإرهابية.
يجب أن يكون الحكم بسوريا حكما وطنيا شاملا يحتضن كل فئات الشعب السوري، وأتمنى أن يرجع الـ11 مليون مواطن إلى مدنهم وقراهم، ويتحقق الأمن والاستقرار الذي تعدهم به الحكومة، ولكن بالأساس وأهم شيء أن يتم التبديل السياسي الموجود بالحكم. وبالوقت نفسه يجب تقوية كل الجهات الأمنية والعسكرية الموجودة في سوريا من أجل تنظيف المنطقة من القوى الإرهابية الموجودة على الأراضي السورية.
* من المقصود بالقوى على الأرض؟
- مثلا بالعراق الحكومة الجديدة أتت، ويوجد بالشمال البيشمركة، هم كقوى أمنية يمكن أن يدافعوا عن البلد ويسهموا في الحفاظ على أمنه أو أمن المنطقة المقيمين بها، لأنه في الوضع الراهن لا يوجد جيش رسمي للعراق، ومع الأسف فإنه كما تعلمون «داعش» ما زال يسيطر على 30 في المائة من الأراضي العراقية، وطبعا عندما يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة في سوريا فيجب أن يكون هناك جيش وجهات أمنية تابعة لهذه الحكومة ليتحقق الأمن والاستقرار في المنطقة، وفعليا على الأرض ليس هناك سوى الجيش الحر وهو قوى تابعة للائتلاف السوري. والائتلاف هو القوة الشرعية الموجودة في سوريا، وجميع الدول الحلفاء صادّقت على هذا الشيء، للحفاظ على وحدة الأرض السورية والحفاظ على الأمن والاستقرار السوري، فهناك ضرورة لتقوية الجيش.
* أي جيش؟
- مساندتنا للجهة التي اسمها الجيش الحر، وهي الجهة الرسمية التي تمثل الشعب السوري والكل يعترف بها، وأقصد هنا مساعدات لوجيستية ومساعدات إنسانية، ونتحادث مع أميركا من أجل تدريب وتطوير المقاتلين بالجيش الحر، ونقوم بهذا الشيء بكل وضوح وشفافية أمام الجميع، وإذا كان النظام يرى أن الجيش الحر إرهابي، فنحن لا نراه إرهابيا. أما إذا كان يقصد بالإرهابيين «داعش» و«النصرة» وغيرهما من المجموعات المشابهة فنحن أيضا نعتبرهم إرهابيين أيضا، ونحارب ضدهم. لكن النظام في البداية لم يعتبرهم إرهابيين بل كان يتواصل معهم.
* أنتم متهمون بأنكم كنتم أول من دعم هذه المجموعات التي تسمونها الآن إرهابية؟
- هذا كلام النظام السوري، ومن الطبيعي أن يتحدث نظام الأسد عن أننا نؤيد الإرهاب، لأنه في الواقع ساقط في مستنقع، لذلك من الطبيعي أن يتكلم كثيرا ويتهمنا بذلك، لكننا لا يمكن أن نؤيد الإرهاب أيا كان نوعه، ولا نسمح للإرهابيين بالدخول من بلدنا إلى سوريا، أو من سوريا إلى تركيا، ونرفضهم مطلقا، وعندنا رأي موحد ودقيق بهذه الفكرة أي المقاتلين الأجانب الذين يأتون من غير دول فنحن ضدهم أيضا.
هناك 10 آلاف شخص مُنعوا من الدخول إلى تركيا بسبب هذا الموقف، وقبضنا تقريبا على نحو 100 شخص لديهم نوايا من هذا النوع وطردناهم، أغلبيتهم كانوا من الأشخاص الذين يحاولون أن يتسللوا للدخول إلى سوريا من الأراضي التركية، وبعضهم مقاتلون أجانب حاولوا التسلل إلى تركيا من سوريا للرجوع إلى الدول التي ينتمون إليها، وتسللوا من خلال طرق غير نظامية فتم القبض عليهم ورحلناهم. نحن في تركيا لا يمكن أن نتواصل مع أي جهة إرهابية أو أن نجلس على الطاولة مع أي جهة إرهابية، بل نحن ضد كل القوى الإرهابية المذكور اسمها، لأنه ليس هناك إرهاب مفيد، فنحن ضد كل الإرهابيين مهما كلف الأمر.
* هل تخشون أن تصاب تركيا بنار الإرهاب من دول الجوار؟
- نحن جيران للعراق وسوريا، والمشاكل الموجودة في سوريا متوقع أن تنتقل إلى تركيا، ونحن عبر السنين عانينا كثيرا من مشاكل الإرهاب ونعلم كم هو مؤلم وصعب هذا الموضوع، لذلك أخذنا احتياطاتنا اللازمة وعلينا أن نكون متأهبين لحدوث مثل تلك الأمور «لا سمح الله». ونعلم أن الموضوع مرير، لكننا دائما ضد الإرهاب، لذلك علينا أن نقف بجانب جيراننا بالمنطقة في مواجهة الإرهاب. لا يمكن أن نسامح أو نغض النظر عن المجموعات المتطرفة أو الإرهاب، لأنهم بالنسبة لنا يشكلون خطورة كبيرة.
* علاقاتكم مع الدول العربية أصبحت سيئة عموما في الفترة الأخيرة، هل من مساع للإصلاح؟
- العرب المسلمون هم إخوتنا كما تعلمون، هذه هي نظرتنا وهذا إيماننا، وهناك مشاركة في الأقدار، فقدرهم قدرنا، وقدرنا قدرهم. أمنهم واستقرارهم يعني أمننا واستقرارنا، وكنا دائما على صلة قريبة ومتعاونين مع كل الدول، لكن بسبب الحادثة التي حصلت في مصر، و«الانقلاب» على السلطة الشرعية، فإن ذلك أدى إلى بعض الخلافات مع بعض الدول العربية الصديقة، لكننا لسنا ضد مصر، والشعب المصري أخ لنا، لكننا ضد «الانقلاب» وضد تفكير الحكومة المصرية الحالية، وضد تفكيرها بأنه يجب إعدام الأشخاص بهذه الطريقة. ونحن ضد الإرهاب الحاصل بمصر اليوم، كما أننا ضد كل الحركات الإرهابية. مصر دولة جدا مهمة للدول العربية وللشرق الأوسط وأفريقيا، ولكل المنطقة، وجغرافيا هي دولة جدا مهمة، ومهمة لنا ولفلسطين، لذلك يهمنا أن تكون مصر دولة قوية ومستقرة أمنية. لذلك نحن ضد «الانقلاب» الذي أدى إلى زعزعة الأمن المصري، لكن وقوفنا ضد هذه الحادثة التي حصلت في مصر لا يعني أننا ضد الشعب المصري. حالة عدم الاستقرار التي تعيشها مصر تؤثر على ليبيا أيضا، وللأسف الدول التي تؤيد الحكومة المصرية لها تأثيرات سلبية أيضا على ليبيا.
وعندما نقول هذا الشيء بشكل صريح وواضح فإن بعض الأشخاص ينزعجون منا، ونحن لا يمكن أن تكون عندنا أي مشاكل مع مصر أو أي مشكلة مع أي دولة أخرى، لكننا بصراحة لسنا مع حكومة السيسي. وفي حكم السيسي لا يوجد أمن واستقرار في مصر، والاقتصاد متأثر أيضا، وينهار إن لم تساعدهم الدول الأخرى 10 أيام، وهذا يؤدي إلى مشكلة كبيرة جدا في العالم العربي.
لنفرض أن الدول التي تساعد مصر أصبح فيها تغيير سياسي أو بأي شكل من الأشكال، وانقطعت المساعدات لمصر.. فماذا سيصبح وضعها؟ مصر تمر بوضع صعب جدا لا تحسن فيه أن تحكم نفسها بنفسها، وإذا أخذت الحكم بالقوة ولم تترك للشعب الفرصة لأن يحل مشاكله بنفسه فإن النتيجة مع الأسف ستؤدي لهذا الوضع.
هناك أشخاص طالبوا بالحرية وبعض المطالب الشرعية لهم، لكنّهم تعاملوا معهم كإرهابيين، وبصراحة هذا هو الشيء الذي نحن ضده، لأنه لا الدين ولا الإنسانية يسمحان بأن يتعامل مواطنون سلميون بهذه الطريقة، ويتم النظر إليهم على أنهم إرهابيون، وهذا ما نرفضه. نحن دائما نقول للغربيين ألا يقوموا بتشكيل صلة ما بين الإسلام والإرهاب، وكان جوابهم غريبا، إذ إن بعض القياديين نتحادث معهم بشكل كبير، لكننا كدولة إسلامية نضعهم في لائحة الإرهاب، والسؤال يكون: كيف يمكن أن نفسر لهم هذا الموضوع؟ لكننا لم نستطع أن نعطيهم جوابا عن هذا السؤال. فأي شخص لا يتوافق مع تفكيرهم يضعونه مباشرة بلائحة الإرهاب. وهذا يؤدي إلى أزمة بهذه الدولة والمنطقة الموجودة فيها للأسف. لكن كل الدول تبقى صديقة لنا سواء مصر أو السعودية أو فلسطين أو سوريا أو دول أفريقيا من الصومال والسودان.
* لكن الرئيس السيسي وصل إلى موقعه هذا عبر صناديق الاقتراع أيضا؟
- أي صندوق خرج منه السيسي؟ وكم شخصا سمح له بالاشتراك بالانتخابات وأن يقدم أصواته، وأن يدلي بصوته؟! التصويت كان مفتوحا، لكن العد وفرز النتيجة كانت أمورا سرية. وهل يا ترى دعوا أناسا حياديين أو أجانب للمنطقة لمراقبة الانتخابات المصرية؟ لم نسمع بهذا الشيء إطلاقا، لا يمكن أن تضع على طرف نصف مواطني البلد ولا تسمح لهم بالاشتراك في الانتخابات، وليس معروفا كيف حصلت الانتخابات، وبعدها تقول إنك منتخب من الصندوق.
* تركيا أيضا لديها سجل في موضوع حقوق الإنسان لدى الدول الغربية التي تنتقد طريقة تعاملكم مع الإعلام والتوقيفات الأخيرة..
- الغربيون بدأوا يتفهموننا، وعندما فكروا بهدوء ومنطق وقيموا موضوع «الكيان الموازي» أكيد هم عرفوا الآن أننا على حق. لأن كل مشكلتنا هي مع جهة رسمية موازية (قوى موازية) للحكومة، وهو واضح ويظهر للعيان على الجهة التي يتواصلون معها. مثلا هم (جماعة الداعية فتح الله غولن) لا ينتقدون إسرائيل أبدا، وأفضل أن أقول فقط هذه النقطة.
هذا الموضوع أمني خاص بأمن تركيا، ونحن نأخذ بعين الاعتبار آراء جيراننا، لكن الموضوع يتعلق بأمننا واستقرارنا، ونحن مضطرون لأن نأخذ كل الاحتياطات لتأمين استقرار بلدنا وسوف نأخذ هذه الخطوات. الكيان الموازي يشن حملة ضد تركيا، بالأموال التي جمعها من الشعب، من خلال استخدامها في الحملات الانتخابية لأعضاء الكونغرس الأميركي، وهو على تعاون مع اللوبيات فيه، من أجل استصدار قرارات ضد تركيا.



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.