اللقاءات العابرة لرؤساء مصر... «شعبية» للمسؤولين و«باب» للمُحتاجين

أحدثها مقابلة السيسي وبائع فاكهة

صورة من فيديو بثه المتحدث باسم الرئاسة المصرية، مساء أول من أمس، للقاء السيسي وأحد المواطنين
صورة من فيديو بثه المتحدث باسم الرئاسة المصرية، مساء أول من أمس، للقاء السيسي وأحد المواطنين
TT

اللقاءات العابرة لرؤساء مصر... «شعبية» للمسؤولين و«باب» للمُحتاجين

صورة من فيديو بثه المتحدث باسم الرئاسة المصرية، مساء أول من أمس، للقاء السيسي وأحد المواطنين
صورة من فيديو بثه المتحدث باسم الرئاسة المصرية، مساء أول من أمس، للقاء السيسي وأحد المواطنين

يقولون إن «الحظ يأتي لمن لا ينتظره»، لكن هل يمكن أن تنطبق تلك المقولة على حكاية البائع، محمد حسن، الذي وجد نفسه ذات نهار أمام رئيس بلاده، والذي طلب منه شراء بعض الفاكهة؟
حسن هو أحد باعة الفاكهة في مصر، الذين ترتبط أرزاقهم بأقفاص هشّة من خوص، وفاكهة قصيرة العمر، أحد ممن يُقال فيهم إنهم يعملون «على باب الله»، ومن هنا يمكن تصوّر ما يمكن أن يُمثله وقوف سيارة رئاسية أمام قارعة الطريق الذي يفترشه، ليطلب منه الرئيس عبد الفتاح السيسي شراء بعض الفاكهة، ويصير هذا مدخلاً لحوار شخصي قصير، انتهى بالبائع وقد تلقى وعداً رئاسياً بتلقي رعاية صحية كان يحتاجها منذ سنوات بسبب مشكلة قديمة في أعصاب قدمه تؤثر على حركته، قال له الرئيس: «كل حاجة خلاص»، وبعدها صار البائع المغمور سابقاً حديثاً لوسائل الإعلام و«السوشيال ميديا»، أو على حد تعبير حسن نفسه: «ربنا فتح لي الباب».
وحكاية حسن، جزء من سياق قائمة لقاءات عابرة باتت تقترن أخيراً بالجولات التفقدية للرئيس المصري لمواقع تنفيذ كثير من المشروعات الجديدة، وصار تقليداً أن تظهر سيارته بجوار أحد المواطنين، ليدور بينهما حوار قصير عادة ما يحظى برواج كبير، وتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقبل هذا تكون «فاتحة خير» لأصحاب تلك اللقاءات الذين تدور عادة بينهما أحاديث حول أحوال المعيشة، تنتهي عادة بأن تُقضى حوائجهم بعد لقاء الرئيس، كما حدث مع لقاء عابر شهير مع «بائع تين» وآخر مع «سيدة عجوز».
وأحياناً تكون للقاءات العابرة ملامح أخرى، ففي منطقة «مصر الجديدة»، شرق مدينة القاهرة، التقط فيديو للرئيس السيسي بعد أن صادف حادث دراجة نارية لشابين، أبرز الفيديو اطمئنانه على سلامتهما، وعتاب على عدم ارتداء الخوذة أثناء القيادة، ليُفاجأ الشابان بعد أيام بإرسال «خوذتين» لهما من الرئيس المصري لارتدائهما بعد ذلك لتجنب إصابات الطريق، وفي ذات المنطقة التقط فيديو آخر شهير للسيسي وهو يُحيي مواطنين، مشيراً لهم بارتداء الكمامات، واللافت أيضاً في تلك اللقاءات أنها عادة ما تُوافق أيام «الجمع» المعروف أنها الأكثر هدوءاً بين أيام الصخب المروري في القاهرة.
وبغضّ النظر عن تشكيك البعض في عفوية تلك اللقاءات، دون دليل مُثبت، إلا أنها تُقدم باعتبارها لقاءات عابرة ويتم الاحتفاء بها من هذا القبيل، وقبل زمن «السوشيال ميديا» كان للقطات مرور الرؤساء بين الناس في مصر، أثر في الخطاب الشعبي، ومادة ثرية للصحافة، لها بريق وجاذبية تفوق أخبار البروتوكولات الرسمية واللقاءات الوزارية، من بين تلك اللقطات تبرز حكاية عن مرور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في أحد القطارات بالصعيد؛ حيث تفاعل مع الناس بتبادل التحيات، وعندها فوجئ بقذفه بلفافة قماش، ورغم ما أثاره هذا الفعل في البداية من قلق مُبرر، إلا أنه بفتحها وجدوا خُبزاً وبصلاً، وهو ما فسره جمال عبد الناصر في ذلك الوقت أنها رسالة من الناس أنهم يعانون من الفقر، غير أن الصور الفوتوغرافية آنذاك كانت حريصة على التقاط اقتراب عبد الناصر من الحشود، وكانت تُعد واحدة من دعائم شعبيته، وفي منطق مشابه يمكن تذكر لقاء للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وهو يحتسي الشاي مع عائلة قروية عام 2009.
«هذه المشاهد بما تحمله من معانٍ إنسانية تُعد إحدى مقومات الصورة الذهنية التي يحرص الملوك والرؤساء منذ القدم على بنائها»، كما يقول الدكتور أيمن منصور ندا، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ويُضيف: «منذ أيام مصر القديمة، كان الملك يحرص أن يُظهر جوانب قوته، وإلى جانبها جوانب من رحمته وألفته مع الشعب».
ويذهب ندا في حديثه إلى «الشرق الأوسط» إلى أن «مثل تلك اللقطات المُصوّرة ظاهرة مُتكررة في مختلف البلدان، مثل اللقطات والصور التي تُبرز لقاءات للملك عبد الله الثاني ملك الأردن العابرة مع الناس»، ويخلص إلى أن «هذه الصور والمشاهد لها تأثيرها الشعبي اللافت، ولكن قد تؤدي المبالغة في إذاعتها إلى نتيجة عكسية، على الرغم من كونها مواقف إنسانية مؤثرة».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.