«ابن البلد» و«عروس النيل» لمحمود مختار في المزاد للمرة الأولى

من مقتنيات عائلة السياسي المصري حافظ عفيفي باشا

«عروس النيل» (1929)  لمحمود مختار ظلا في مجموعة حافظ عفيفي باشا منذ اقتنائهما  ويعرضان للبيع للمرة الأولى (سوذبيز)
«عروس النيل» (1929) لمحمود مختار ظلا في مجموعة حافظ عفيفي باشا منذ اقتنائهما ويعرضان للبيع للمرة الأولى (سوذبيز)
TT

«ابن البلد» و«عروس النيل» لمحمود مختار في المزاد للمرة الأولى

«عروس النيل» (1929)  لمحمود مختار ظلا في مجموعة حافظ عفيفي باشا منذ اقتنائهما  ويعرضان للبيع للمرة الأولى (سوذبيز)
«عروس النيل» (1929) لمحمود مختار ظلا في مجموعة حافظ عفيفي باشا منذ اقتنائهما ويعرضان للبيع للمرة الأولى (سوذبيز)

من تحت غلالة ذهبية مغزولة بالفن والطرب والإبداع مثلت العصر الذهبي للثقافة المصرية في بدايات القرن العشرين يظهر للسوق الفنية عملان للمثّال المصري محمود مختار يعرضان للبيع ضمن مزاد لدار سوذبيز في أواخر هذا الشهر. العملان هما «ابن البلد» و«عروس النيل»، ظلا ضمن مقتنيات عائلة حافظ عفيفي باشا، أحد رعاة أعمال مختار ومن داعميه في تنفيذ تمثاله الأشهر «نهضة مصر» ليوضع في القاهرة.
زمن بعيد يفصل بيننا وبين 1910، وهو التاريخ الذي نفذ فيه مختار تمثاله «ابن البلد» الذي يصور بإبداع شخصية مصرية خالصة، ذلك الشاب بجلابيته والكوفية على رأسه والحذاء المميز، كلها تتضافر مع وقفة وابتسامة على وجه الشاب الذي ينظر لأعلى بشغف وفضول.
التمثال له أكثر من نسخه، نعرف أن السيدة هدى شعراوي، رائدة الحركة النسوية في مصر في بدايات القرن العشرين، اقتنت واحدة وأن حافظ عفيفي باشا اقتنى واحدة. وحسب ما تذكر الصفحة المخصصة لمحمود مختار على «فيسبوك»، أن مختار كان طالباً بمدرسة الفنون الجميلة المصرية عندما نفذ التمثال، وحسب الصفحة فقد عرض التمثال ضمن معرض أعمال الطلبة وتم بيع ثمانية نسخ منه عثر على واحدة منها في مخزن كلية الفنون الجميلة بالزمالك نقلت في عام 1954 إلى متحف مختار بالجيزة.
تعلق مي الديب، مديرة قسم فنون الشرق الأوسط في القرن الـ20 بدار سوذبيز، قائلة «نحن محظوظون أن عثرنا على الأعمال ضمن مقتنيات عائلة حافظ عفيفي باشا وهو من الشخصيات المعروفة في مصر في ذلك العهد؛ فقد كان سفيراً لمصر في لندن ومندوباً لمصر في مجلس الأمن الدولي».
أسألها إن كانت الأعمال مهداة من الفنان لعفيفي باشا؟ تقول «لا أحد يعرف في العائلة، ولكن تخميني الشخصي هو أنه قد ابتاعها من مختار كنوع من المساندة له».
وكما يبدو من تاريخ حافظ عفيفي باشا؛ فقد كان من محبي الفنون ورعاتها، والمعروف عنه أنه كلف المعماري حسن فتحي بتصميم منازل للفلاحين في عزبته التي أطلق عليها اسم «لؤلؤة الصحراء» في الجيزة. كما كان من الشخصيات التي كونت جمعية أصدقاء مختار مع السيدة هدى شعراوي بهدف الحفاظ على أعمال مختار الفنية وجمعها لحمايتها من الاندثار والضياع.
وقد كتبت هدى شعراوي في مذكراتها عن تأسيس الجمعية «كان مختار مثّالاً مصرياً عظيماً، وقد فكرنا في تخليد ذكرى أعماله ومآثره الجليلة... عقدنا اجتماعات لتحقيق هذه الفكرة... وقد قررت جماعة أصدقاء مختار أن تمنح جائزة سنوية للمثال المصري الذي يخرج أجمل أثر فني خلال السنة».
وعودة لمحمود مختار ولعمله الثاني الذي سيعرض للبيع في المزاد وهو بعنوان «عروسة النيل»، فيبدو مختلفاً من ناحية تطور أسلوب الفنان الذي يتجه نحو تبني موتيفات الفن الفرعوني التي تتجلى في تفاصيل العقد الذي ترتديه الفاتنة السمراء، وأيضاً في التاج الذي ترتديه كما تظهر من طريقة تصوير العيون. تشير الديب إلى وجود عناصر من حركة «آرت ديكو» إلى جانب العناصر الفرعونية في العمل والتي تتضافر سويا في تناغم بديع.



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».