الخارجية الإيرانية: خطاب أوباما حول إيران غير بناء.. وقراءة خاطئة للتاريخ

برلمانيون يطالبون بمشاركة أكبر في المفاوضات النووية مع الغرب

الخارجية الإيرانية: خطاب أوباما حول إيران غير بناء.. وقراءة خاطئة للتاريخ
TT

الخارجية الإيرانية: خطاب أوباما حول إيران غير بناء.. وقراءة خاطئة للتاريخ

الخارجية الإيرانية: خطاب أوباما حول إيران غير بناء.. وقراءة خاطئة للتاريخ

وصفت إيران أمس بـ«غير الواقعية وغير البناءة» تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن العقوبات الدولية على إيران بسبب برنامجها النووي أجبرت طهران على التفاوض للتوصل إلى اتفاق. وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، بأن «الوهم بأن العقوبات أثرت على قرار إيران بشأن المفاوضات النووية يستند إلى قراءة خاطئة للتاريخ»، بحسب ما نقل عنها التلفزيون الرسمي الإيراني.
وكان أوباما قال في خطاب حالة الاتحاد مساء الثلاثاء الماضي، إن الضغوط الأميركية والدولية أدت إلى التوصل إلى اتفاق أولي في نوفمبر (تشرين الثاني) بين إيران والدول الست الكبرى وافقت بموجبه إيران على تخفيض عمليات تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات عليها. وقال أوباما إن «الدبلوماسية الأميركية مدعومة بالضغوط أوقفت تقدم برنامج إيران النووي وأدت إلى خفض بعض أجزاء البرنامج»، مضيفا: «العقوبات التي فرضناها ساعدت على جعل هذه الفرصة ممكنة». إلا أن أفخم قالت: «إن هذا تفسير خاطئ تماما لاهتمام طهران في خلق فرصة للدولة الغربية لإقامة علاقة مختلفة مع الشعب الإيراني». كما رفضت إصرار أوباما على أن الدبلوماسية أتاحت الفرصة لإحباط أي مساع محتملة لإيران لحيازة أسلحة نووية.
وقالت أفخم إن الولايات المتحدة «تعد منع إيران من الحصول على سلاح نووي أكبر إنجاز، ولكن ذلك خطأ لأن إيران لم تسع مطلقا إلى حيازة سلاح نووي، ولن تسعى إلى ذلك بتاتا في المستقبل».
ولكن أفخم لم تعلق على إعلان أوباما التزامه برفض أي مشروع قرار يقدمه الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات جديدة على إيران خلال إجراء المفاوضات حول الملف النووي. وأفادت مصادر في الكونغرس الأميركي بأن مشروع القرار بات أضعف من السابق.
وجاء ذلك في وقت تستعد فيه الدول الست الكبرى وإيران لجولة جديدة من المحادثات حول اتفاق نهائي للبرنامج النووي. وقد تعالت أصوات في البرلمان الإيراني خلال الأشهر الأخيرة للمطالبة بمشاركة أوسع والقيام بإشراف أكبر على المفاوضات النووية بين إيران والغرب تمكن أحد أعضاء مجلس الشورى الإيراني من الانضمام إلى لجنة المجلس الأعلى للأمن القومي والتي تتولى مسؤولية رسم وتوجيه السياسات النووية في المفاوضات التي تجريها إيران والغرب بشأن الملف النووي.
وأكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بوروجردي انضمامه مجددا إلى اللجنة النووية التابعة لمجلس الأمن القومي الإيراني. وأضاف بوروجردي في تصريح لوكالة «نادي الصحافيين للأنباء» الإيراني: «قدم رئيس البرلمان لاريجاني خلال الاجتماع المشترك للبرلمان والحكومة أول من أمس اقتراحا يقضي بانضمامي إلى اللجنة النووية التابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي نيابة عن البرلمان، وقد جرت الموافقة على الاقتراح». وأضاف بوروجردي: «لم يكن انضمامي إلى اللجنة النووية التابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي وليد اللحظة، إذ سبق لي أن شاركت في هذه اللجنة، غير أننا لم نكن واثقين ببقاء هذه اللجنة في فترة رئاسة روحاني، إذ جرت الموافقة على أن أكون ممثلا عن البرلمان في الجلسات التي تعقدها اللجنة المذكورة».
وكان بوروجردي قد صرح بشأن طبيعة اللجنة التي تتولى الإشراف على المفاوضات النووية: «يجري اتخاذ القرارات بشأن الملف النووي عبر مراحل، بدءا بمجموعات على مستوى الخبراء، مرورا بكبار المسؤولين في النظام. وهذا أمر ليس بجديد، إذ كانت تجري هذه العملية خلال الفترات السابقة والحالية».
وتابع: «كانت تخضع اللجنة النووية لإشراف قسم الأمانة العامة في المجلس الأعلى للأمن القومي في الحكومة السابقة، إذ تولى أمين المجلس رئاسة هذه الجلسات التي كان الوزراء المعنيون يشاركون فيها، وكنت أشارك في هذه الجلسات بالنيابة عن البرلمان». وعد بوروجردي أن «هذه الجلسات لم تجر انعقادها في حكومة روحاني حتى الآن، وهذا من شأنه أن يتسبب في نقص في مسار صناعة القرار النووي في إيران».
وسرت إشاعات حول انضمام بوروجردي لفريق المفاوضين الإيرانيين بشأن الملف النووي، غير أنها لم يجر تأييدها.
وصرح نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية إسماعيل كوثري في مكالمة هاتفية مع «الشرق الأوسط» أن «بوروجردي سيعود إلى اللجنة النووية التي جرى تشكيلها من قبل في المجلس الأعلى للأمن القومي». وأضاف كوثري: «لا تشمل القضية انضمام بوروجردي لفريق المفاوضين النوويين في الوقت الحاضر».
ومن جهة أخرى، أعلنت سويسرا أنها عطلت بعض العقوبات المفروضة على إيران في مجال الاتجار في المعادن النفيسة ومنتجات البتروكيماويات حتى 14 من أغسطس (آب) المقبل، وذلك في ضوء اتفاق مع القوى العالمية قلصت بموجبه طهران من برنامجها النووي.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».