حياة بومدين.. من الأمواج الدافئة والبكيني إلى المطلوبة الأولى لدى السلطات الفرنسية

مع تعمق مشاعرها الدينية بدّلت لباس البحر بغطاء للرأس ثم فرّت إلى أحضان «داعش»

مجموعة من الصور الشخصية لحياة بومدين وزوجها الراحل كوليبالي قبل أن تفر إلى «داعش» (واشنطن بوست)
مجموعة من الصور الشخصية لحياة بومدين وزوجها الراحل كوليبالي قبل أن تفر إلى «داعش» (واشنطن بوست)
TT

حياة بومدين.. من الأمواج الدافئة والبكيني إلى المطلوبة الأولى لدى السلطات الفرنسية

مجموعة من الصور الشخصية لحياة بومدين وزوجها الراحل كوليبالي قبل أن تفر إلى «داعش» (واشنطن بوست)
مجموعة من الصور الشخصية لحياة بومدين وزوجها الراحل كوليبالي قبل أن تفر إلى «داعش» (واشنطن بوست)

في يوم من الأيام، كانت أكثر امرأة مطلوبة لدى السلطات الفرنسية.. تعشق الأمواج الدافئة التي تتميز بها جمهورية الدومينيكان، وظهرت في صور على شواطئها مرتدية لباس بحر (بكيني) أسود اللون برفقة زوج المستقبل، الذي كان يعمل لصًا. إلا أنه مع تعمق مشاعرها الدينية، بدلت لباس البحر بغطاء للرأس وقصدت وجهة جديدة، هي مساجد ماليزيا وحجت لمكة، والآن تقول السلطات إنها تشارك في معترك المتطرفين الدائر في سوريا.
سبق وأن قالت حياة بومدين، إنها تعيش من أجل السفر، والآن أصبحت مطاردة من قوات الشرطة. وقد فرت لأحضان تنظيم «داعش» في اليوم السابق لتنفيذ زوجها هجومًا على متجر لبيع الأطعمة اليهودية في باريس في 9 يناير (كانون الثاني)، حسبما أفاد محققون. والمعروف أن دولة الخلافة المزعومة الممتدة عبر سوريا والعراق تجتذب المتطلعين نحو القتال من مختلف أرجاء العالم، بينهم عدد متزايد من النساء.
مع موت زوجها، بجانب اثنين آخرين نفذا هجمات باريس الشهر الماضي، بدأت بومدين (26 عامًا)، وهي من مواطني فرنسا، في الظهور كهدف رئيس أمام المحققين الذين يعتقدون أنها على دراية بتفاصيل حيوية عن التخطيط لأعمال العنف التي أفزعت فرنسا على مدار ثلاثة أيام، وأسفرت عن سقوط 17 ضحية. ويحمل تفهم تحول بومدين نحو الراديكالية أهمية خاصة، من وجهة نظر السلطات لاعتقادها أن النساء يشكلن بصورة متنامية العمود الفقري لمثل تلك المخططات. وقد عثر بين متعلقات بومدين بعد اختفائها على نسخة من وثيقة كتبتها سيدة بلجيكية بارزة على صلة بتنظيم «القاعدة» هي مليكة العود.
ولا يزال الغموض يكتنف الكثير من الأمور المتعلقة بدور بومدين في هجمات باريس. المعروف أنها غادرت باريس قبل الهجمات بأيام، وتعتقد السلطات أنها لعبت دورًا محوريًا في نقل رسائل تتعلق بالتخطيط للهجمات. وتكشف السجلات عن أكثر من 500 محادثة هاتفية عام 2014 بينها وبين زوجة شريف كواشي، أحد الشقيقين اللذين هاجما مكتب مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة في 7 يناير.
وتكشف مقابلات أجريت مع عدد من الأصدقاء والأقارب، بجانب سجلات التحقيقات، أن بومدين قطعت طريقًا طويلاً أدى بها للشعور بخيبة الأمل في النهاية حيال الغرب. بدأت الرحلة داخل ضواحي باريس وبلغت ذروتها مع هجمات باريس التي خلقت في أوروبا حالة فزع من وقع مزيد من الهجمات.
الآن، تتساءل السلطات المعنية بمكافحة الإرهاب نفسها حول ما إذا كان ينبغي عليها توجيه مزيد من الاهتمام لبومدين التي ظهرت من قبل مرتدية نقابا كاملا، بينما كانت تتدرب على الرماية برفقة رجل يعد من كبار مسؤولي التجنيد لدى «القاعدة» داخل أوروبا. الواضح أن السلطات لم تعتبرها قط من قبل مصدر تهديد، رغم أنها تقول الآن إنها قد تمثل القوة المحركة وراء زوجها الفرنسي البالغ 32 عامًا والذي يملك سجلاً طويلاً من جرائم السرقة والاتجار بالمخدرات.
وأفاد مسؤول استخبارات أوروبي بأن «بومدين الآن على قائمة المطلوبين بجميع الدول الأوروبية. إنها واحدة من الأشخاص الذين بإمكانهم تسليط الضوء على الشبكة برمتها».
بدأت متاعب بومدين مبكرًا عندما كانت في الـ8 من العمر عندما توفيت والدتها من متاعب صحية بالقلب، حسبما ذكر أصدقاء لأسرتها. وسرعان ما تزوج والدها، ودخلت الزوجة الجديدة في صدام مع أطفال زوجها الستة، بمن فيهم حياة، والذين عاشوا جميعًا داخل مساحة مكدسة بمجمع للإسكان العام بإحدى ضواحي باريس.
وانتقلت بومدين في سن الـ13 للعيش في ظل رعاية أسرة قادمة من نفس المدينة الجزائرية التي ينتمي إليها والدها، وبذلك انفصلت عن أسرتها التي ظلت على اتصال متقطع بها منذ ذلك الحين.
وخلال مقابلة أجريت معه عبر الهاتف أثناء وجوده بالجزائر التي سافر إليها بعد الهجمات الأخيرة، قال والد حياة، محمد بومدين: «هذه الفتاة لم تترعرع في منزلي، وإنما نشأت داخل منزل كفار. وقد اتخذت جميع تلك القرارات من تلقاء نفسها».
وقال عمر، شقيقها بالتبني الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسم عائلته، إن حياة كانت تعشق مساحيق التجميل والحديث في الهاتف مع أصدقائها. وأضاف: «كانت شخصية هشة»، مضيفًا أن وفاة والدتها أثرت فيها بوضوح. وأضاف أنها كانت دؤوبة وصلبة، حيث كانت تعمل في منفذ لبيع الصحف بمحطة قطارات بباريس أثناء ارتيادها المدرسة الثانوية.
عندما بلغت سن 18، رفضت الزواج بخاطب رشحته لها أسرتها بالتبني ويعيش بالجزائر، وانتقلت للعيش بمفردها في باريس. وفي غضون عام، تعرفت عبر صديق مشترك بأحمد كوليبالي، وهو مواطن فرنسي هاجر والداه من مالي وكان قد خرج لتوه من السجن بعد إدانته في حادث سطو مسلح. في السجن، تعرف على واحد على الأقل ممن تورطوا في هجوم «شارلي إيبدو».
ولم يكن لدى أي من بومدين أو كوليبالي ميل نحو التدين، حسبما ذكرت بومدين أمام المحققين لاحقًا، لكن كليهما تفجرت لديه المشاعر الدينية في الوقت ذاته. عام 2009، بعد عامين من لقائهما، تزوجا في احتفال ديني، رغم أن هذه الزيجات غير معترف بها لدى القانون الفرنسي.
وأخبرت بومدين الشرطة عام 2010 بقولها: «عانيت من ماضٍ عسير، لكن هذا الدين أجاب عن جميع تساؤلاتي وحقق لي الطمأنينة»، وذلك خلال تحقيق أجري معها حول اتهام كوليبالي بتهريب مسلح بارز من أحد السجون الفرنسية.
وأضافت أنها سرعان ما أصبحت أكثر التزاما دينيًا من زوجها، وارتدت النقاب وتركت عملها بأحد المخابز. وأشارت إلى أن مظهرها كان يجتذب «نظرات عدائية» من جانب مواطنيها، مما جعلها تمتنع عن الخروج من المنزل إلا نادرًا.
وقد عثر كوليبالي على مرشد روحاني له داخل السجن، وهو جمال بيغال، الذي أدين بالتخطيط لمهاجمة السفارة الأميركية بباريس عام 2001. ويعتبره مسؤولو مكافحة الإرهاب أحد أهم مسؤولي التجنيد لحساب «القاعدة» داخل أوروبا. ومع تزايد التزام بومدين وكوليبالي دينيًا، ارتبطا أكثر ببيغال للحصول على الإرشاد الديني، وقاما بزيارته مرارًا في جنوب فرنسا، حيث أطلق سراحه قيد المراقبة.
وتبعًا لشهادتها بخصوص رحلاتها لزيارة بغال، قالت بومدين إنها مارست الرماية على لوحة علقت على جذع شجرة.
أيضًا، تنامت صلة الزوجين بشريف كواشي، الأصغر بين الشقيقين اللذين هاجما مكتب «شارلي إيبدو»، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا. وقتل الاثنان في غارة للشرطة بعد الحادث بيومين. وقتل كوليبالي، الذي قتل شرطية في أحد شوارع باريس وأربعة آخرين داخل متجر للأطعمة اليهودية في غارة منفصلة في 9 يناير داخل المتجر الذي كان يحتجز فيه رهائن.
* خدمة «واشنطن بوست»



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.