توقيع 5 اتفاقيات لتمويل مشاريع بـ176 مليون دولار بين الأردن والصندوق السعودي للتنمية

أكثر من مليار دولار قيمة البرامج التي تم توقيعها حتى اليوم من أصل المنحة

جانب من ميناء جدة الإسلامي
جانب من ميناء جدة الإسلامي
TT

توقيع 5 اتفاقيات لتمويل مشاريع بـ176 مليون دولار بين الأردن والصندوق السعودي للتنمية

جانب من ميناء جدة الإسلامي
جانب من ميناء جدة الإسلامي

وقعت في دار رئاسة الوزراء الأردنية أمس الثلاثاء خمس اتفاقيات تمويلية (منح) بين الحكومة الأردنية والصندوق السعودي للتنمية، بقيمة 176 مليون دولار، وذلك في إطار مساهمة المملكة العربية السعودية في المنحة الخليجية الخاصة بتمويل مشاريع تنموية ذات أولوية في الأردن.
ووقع الاتفاقيات وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني إبراهيم سيف، ونائب رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودي للتنمية والعضو المنتدب عن الصندوق يوسف بن إبراهيم البسام، بحضور رئيس الوزراء عبد الله النسور وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين، والسفير السعودي في عمان سامي بن عبد الله الصالح.
وشملت الاتفاقيات إنشاء وتجهيز مستشفى الأميرة بسمة في مدينة اربد شمال الأردن، بقيمة 70 مليون دولار، وإنشاء مختبرات الغذاء والدواء بقيمة 6 ملايين دولار، ومركز العلاج بالأشعة بقيمة 12 مليون دولار، وإعادة تأهيل وصيانة مدينة الحسين الطبية بقيمة نحو 37 مليون دولار، ومشروع توسعة مركز الحسين للسرطان بقيمة 52 مليون دولار وجميعها في العاصمة عمان.
وقال رئيس الوزراء الأردني في كلمة خلال حفل التوقيع «هذه لحظة طيبة ومباركة نلتقي فيها مرة أخرى تنفيذا لمكرمة خادم الحرمين الشريفين لمساعدة المملكة الأردنية الهاشمية في مشاريعها الإنمائية في إطار المنحة الخليجية التي تبلغ مساهمة السعودية فيها مليارا وربع مليار دولار على مدى خمس سنوات».
ولفت النسور إلى أن المملكة الأردنية الهاشمية تقدمت إلى شقيقتها المملكة العربية السعودية بقوائم من المشاريع التنموية في قطاعات وميادين مختلفة في البنية التحتية والمجالات الإنسانية من تربية وتعليم وطب وهندسة وطرق وسكك حديدية. وأكد أنه تم اتفاق الطرفين على جملة من المشاريع، وأجريت عليها دراسات عصرية وحديثة ودقيقة تم بعدها اعتماد هذه المشاريع التي أطلق بعضها في السنوات الماضية وبعضها قيد الإطلاق، وما زالت هناك مشروعات قليلة لم يجر الالتزام بها، مشيرا إلى أن المبلغ وهو مليار وربع المليار دولار تم الالتزام به. وقال النسور «أتقدم من إخوتنا في الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية بالشكر على ما قدموه لأشقائهم في الأردن بمبادرة ومكرمة من المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز، جزاه الله عن الأردن وعن العرب والمسلمين والإنسانية جمعاء كل خير، لأن أياديه البيضاء امتدت إلى كل مكان في هذه المعمورة، ودعاؤنا إلى الله أن يكلأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد وولي ولي العهد برعايته»، مؤكدا أن «المملكتين ستبقيان على نفس الطريق والمسيرة من التكافل والتضامن والوحدة تجاه جميع القضايا التي تهم الأمتين العربية والإسلامية ومنطقتنا جميعا».
من جهته، أكد البسام أن هذا اللقاء يأتي في إطار وضع لبنات أخرى في صرح التعاون البناء الذي يجمع البلدين الشقيقين. ولفت إلى أن هذه الاتفاقيات البالغة قيمتها نحو 660 مليون ريال أي نحو 176 مليون دولار تهدف إلى تطوير قطاع الصحة والخدمات المقدمة للمواطنين بالإضافة لما تنفذه حكومة المملكة الأردنية الهاشمية من مشاريع تنموية سيكون لها مردود كبير وفعال على جميع فئات المجتمع الأردني وستسهم في تحسين مستوى معيشة المواطن ورفاهيته ودعم الاقتصاد الوطني وتطوير البنية التحتية ورفع مستوى الخدمات الصحية وتلبية الاحتياجات الطبية الحديثة ورفع معايير مختبرات الغذاء والدواء.
وأشار البسام إلى أنه سبق توقيع هذه الاتفاقيات توقيع مذكرات تنموية لتمويل مشروعات في العديد من القطاعات بلغ إجماليها نحو 900 مليون دولار أميركي، بالإضافة إلى القروض الميسرة التي يقدمها الصندوق السعودي للتنمية للأردن، مؤكدا أن هذه المساعدات تأتي نتيجة للتعاون البناء والعلاقات المتميزة التي تربط القيادتين والشعبين الشقيقين، وتأكيدا لعمق العلاقات الراسخة بينهما.
وأكد أن الصندوق السعودي للتنمية يتابع باهتمام الجهود التي تبذلها الحكومة الأردنية من أجل النهوض بمختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مشيدا بالتدابير الحكيمة التي تنفذ من أجل التكيف مع الأوضاع العالمية المتغيرة باستمرار. وقال إن مساهمة المملكة العربية السعودية في هذه المشروعات تعبر بوضوح عن الاهتمام الكبير الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين لدعم التنمية والتطوير في المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك لتحقيق التقدم والرخاء للشعب الأردني وللمساهمة في ترسيخ أواصر التعاون بين البلدين، وتعبيرا عن عمق العلاقات المتميزة التي تربط الشعبين الشقيقين.
من جهته، أكد وزير التخطيط أهمية الدعم المقدم من المملكة العربية السعودية الشقيقة في مساعدة الأردن لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية، والتي مكنته أيضا من الاستمرار في تنفيذ المشاريع التنموية ذات الأولوية وتقديم خدمات ذات مستوى متقدم لمواطنيها والمقيمين على أراضيها خصوصا في هذه الظروف التي تعاني فيها المنطقة من حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني والتداعيات التي فرضتها الأزمة السورية على الأوضاع الاقتصادية والمالية في الأردن.
يذكر أن المملكة العربية السعودية التزمت بقيمة مساهمتها في المنحة المذكورة أعلاه، حيث تبلغ قيمة البرامج والمشاريع التي تم توقيعها حتى الآن مع الصندوق السعودي للتنمية باعتباره الجهة المكلفة بإدارة المنحة عن حكومة المملكة العربية السعودية ما قيمته مليار و74.4 مليون دولار، وهذا يعود إلى المرونة في التعامل والتنسيق مع الصندوق وتفهمه لطبيعة المشاريع التنموية المنفذة، بالإضافة إلى استجابته لمختلف المتطلبات والمستجدات التي تطرأ على المشاريع.
يشار إلى أن المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية قرر، خلال دورته الـ32 في ديسمبر (كانون الأول) 2011، إنشاء صندوق خليجي للتنمية، يبدأ بتقديم الدعم لمشاريع التنمية في الأردن بقيمة خمسة مليارات دولار على مدى خمس سنوات، بحيث تقدمها كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية والكويت وقطر.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».