> لقطة لدنيس أوكيف (وهو كان نجماً في الأربعينات) وهو واقف أمام نافذة زجاجية مغلقة في حجرة في باخرة يفكّر بصوت عالٍ. يتحدث عن مستقبل جديد مع المرأة التي تحبه بعيداً عن حياة ألفها ودفع ثمنها سنوات في السجن. بعيداً كذلك عن المرأة الأخرى التي أحب.
> اللقطة جانبية والإضاءة طبيعية فالضوء الأساسي آتٍ من الخارج مثل الأمل الذي يتحدّث عنه. لكن اللقطة تبرز الإطار الأسود للنافذة وهو يحيط بوجه الممثل باستثناء الجزء اليسار من وجهه حيث يقف. إنه الواقع.
> الفيلم هو «صفقة خام (Raw Deal) » والمخرج أنطوني مان والمصوّر هو ملك النوار جون ألتون. وهنا التناقض الرائع بين الأمل بمستقبل جديد والإطار الذي يؤلّف صندوقاً تعيش الشخصية التي يؤديها أوكيف فيه تعبير يتجاوز الكلمات.
> آنذاك، كانت معظم الأفلام المنتجة حول العالم بالأبيض والأسود. وكان مشاهدو تلك الحقبة من الزمن معتادين على اعتبار اللونين الأبيض والأسود هما من الواقع. كانوا يعلمون أن الحياة خارج الصالة ليست بالأبيض والأسود، بل أضاف الله لها كل الألوان التي نعرفها تلقائياً، إلا أن التصوير من دون هذين اللونين كان بدوره فعلاً تلقائياً تسلل إلى قناعات المشاهدين حثيثاً.
> هذا على عكس الألوان التي كان عليها أن تجرب مبدأ الاحتكاك بالمشاهدين تدريجياً وتأخذ سنوات من الحياة البطيئة قبل أن تصبح النوع السائد.
> لمن لا ينسى، الأبيض والأسود، مصدر ثراء على مستويين: فني عندما يعمد المخرج ومدير تصويره إلى مبدأ تشكيل اللقطة لتوازي مضموناً، وبصري يشع بالاحتمالات ويثري الفيلم وتجربة المشاهد معه. وهي كلمة قالها المخرج جون فورد ذات مرّة تلخص ما سبق: «أي مدير تصوير يستطيع التصوير بالألوان، لكن الفنان فقط يستطيع التصوير بالأبيض والأسود».
بالأبيض والأسود
بالأبيض والأسود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة