أميركا تبقي عقوبات قيادات حوثية رغم التراجع عن «تصنيف الجماعة»

بلينكن تحدث عن تحديد أهداف لعقوبات نتيجة الاعتداءات الصاروخية على السعودية

أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
TT

أميركا تبقي عقوبات قيادات حوثية رغم التراجع عن «تصنيف الجماعة»

أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

أعلنت الولايات المتحدة أنها ألغت بشكل رسمي مشروع القرار الذي تقدمت به إدارة الرئيس دونالد ترمب السابقة إلى الكونغرس، بشأن إدراج جماعة الحوثي على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وتذرعت إدارة الرئيس جو بايدن الحالية بأن هذه الخطوة التي اتخذتها إنما تأتي اعترافاً بالوضع الإنساني المتردي في اليمن، ولمساعدة الشعب اليمني في الوصول إلى المساعدات الإنسانية.
وقال أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، في بيان صحافي أمس، إنه بدءاً من 16 فبراير (شباط)، الثلاثاء المقبل، سوف تلغى تصنيفات الإدارة السابقة لجماعة «أنصار الله» التي يشار إليها أحيانًا باسم الحوثيين بصفتها منظمة إرهابية أجنبية، وذلك بموجب قانون الهجرة والجنسية، وفقاً للأمر التنفيذي (13224) بصيغته المعدلة.
وأرجع بلينكن الهدف من اتخاذ هذا القرار إلى الاعتراف بالوضع الإنساني المتردي في اليمن، فقد استمعت الإدارة الحالية إلى تحذيرات من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، وأعضاء الكونغرس من الحزبين، من أن التسميات يمكن أن يكون لها تأثير مدمر على وصول اليمنيين إلى السلع الأساسية، مثل الغذاء والوقود، مضيفاً: «وتهدف الإلغاءات إلى ضمان أن السياسات الأميركية ذات الصلة لا تعرقل مساعدة أولئك الذين يعانون بالفعل مما يسمى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ونأمل التركيز على تخفيف الوضع الإنساني في اليمن، وأن تركز الأطراف اليمنية أيضًا على الانخراط في الحوار».
وأكد أن قادة جماعة «أنصار الله» الحوثية يخضعون للعقوبات، بموجب الأمر التنفيذي (13611)، وهم عبد الملك الحوثي وعبد الخالق بدر الدين الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم، وذلك بسبب أفعالهم التي تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن، مشدداً على أن الإدارة ستواصل مراقبة أنشطة الجماعة وقادتها من كثب، وتعمل بنشاط على رصد أهداف إضافية لتحديدها، لا سيما تلك المسؤولة عن هجمات الزوارق المتفجرة ضد الشحن التجاري في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية من دون طيار على السعودية. كما ستواصل الولايات المتحدة دعم تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على أعضاء الجماعة، وستستمر في لفت الانتباه إلى نشاط الجماعة المزعزع للاستقرار، والضغط على المجموعة لتغيير سلوكها.
وأضاف: «لا تزال الولايات المتحدة واضحة بشأن أفعال (أنصار الله) الخبيثة وعدوانها، بما في ذلك السيطرة على مناطق واسعة من اليمن بالقوة، ومهاجمة شركاء الولايات المتحدة في الخليج، وخطف وتعذيب مواطني الولايات المتحدة وكثير من حلفائنا، وتحويل المساعدات الإنسانية، والقمع الوحشي لليمنيين في المناطق التي يسيطرون عليها، والهجوم المميت في 30 ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي (2020) في عدن ضد الحكومة الشرعية في اليمن»، مقراً بأن أفعال «أنصار الله» وتعنتهم يطيل أمد هذا الصراع، ويترتب عليه تكاليف إنسانية جسيمة.
وفيما يخص التعاون الأميركي مع دول الخليج، خصوصاً السعودية، أكد أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال ملتزمة بمساعدة شركائها في الخليج على الدفاع عن أنفسهم، بما في ذلك ضد التهديدات الناشئة من اليمن التي يتم تنفيذ كثير منها بدعم من إيران. كما ستضاعف الولايات المتحدة جهودها، إلى جانب الأمم المتحدة وغيرها، لإنهاء الحرب، وتأكيد أنه لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع، وحث جميع الأطراف على العمل من أجل حل سياسي دائم، هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب اليمني بشكل دائم.
يذكر أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب قد أبلغت الكونغرس برغبتها في تصنيف جماعة «أنصار الله» الحوثية اليمنية ضمن قائمة الإرهاب، بصفتها منظمة إرهابية أجنبية، وذلك بموجب المادة (219) من قانون الهجرة والجنسية، وبصفتها جماعة إرهابية عالمية مُصنفة بشكل خاص بموجب الأمر التنفيذي رقم (13224)، قبل تسلم إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن مهامها في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.
ومنذ اليوم الأول للرئيس بايدن في البيت الأبيض، وعبر جلسات الاستماع لأعضاء إدارته في الكونغرس، تعهدوا بإلغاء هذا القرار الذي اتخذته الإدارة السابقة قبل مغادرتها السلطة بيوم واحد، حيث كانت إدارة ترمب ترى أن جماعة الحوثي تستحق هذا التصنيف بعد استنفاد الطرق الأخرى كافة لتفادي هذه النتيجة.
وبحسب مصادر دبلوماسية في وزارة الخارجية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الإدارة السابقة عملت ضمن مجموعة عمل مشتركة بين وزارتي الخارجية والخزانة، مدعومة من بعض الأعضاء في الكونغرس، لضمان العملية الشرعية القانونية في التصنيف، واستندت في قرارها إلى 3 أمور في قرار تصنيف الحوثي جماعة إرهابية: الأمر الأول تصرفات الحوثيين، فهم يستهدفون المدنيين والبنية التحتية المدنية في اليمن والسعودية، ويمنعون وصول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى مستحقيها؛ والأمر الثاني أنهم يستخدمون الاختطاف أداة حرب، ويجندون الأطفال في الحرب؛ وأخيراً فإنهم يعمقون علاقتهم مع «الحرس الثوري» الإيراني الذي يُعد -من وجهة نظر واشنطن- منظمة إرهابية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.