شعراء المنافي والاغتراب... هل شكلوا تياراً كشعراء المهجر اللبنانيين؟

هجرتهم من العراق نهاية السبعينات أعقبتها هجرة أخرى بداية التسعينات

فاضل ثامر - حاتم الصكر - باسم فرات - كولالة نوري
فاضل ثامر - حاتم الصكر - باسم فرات - كولالة نوري
TT

شعراء المنافي والاغتراب... هل شكلوا تياراً كشعراء المهجر اللبنانيين؟

فاضل ثامر - حاتم الصكر - باسم فرات - كولالة نوري
فاضل ثامر - حاتم الصكر - باسم فرات - كولالة نوري

في نهاية السبعينات، يمم كثير من أهم أدباء وشعراء العراق شطر مدن الشتات والمنافي في دول العالم المختلفة، بسبب سياسة القمع التي تعرضوا لها من قبل النظام آنذاك، وأعقبت هذه الهجرة هجرة أخرى بداية التسعينات بسبب الأوضاع الاقتصادية المزرية التي تسببت بها سياسة النظام.
أكثر من أربعين عاماً من النفي والاغتراب لهؤلاء تجعلنا نتساءل: هل شكل هؤلاء الأدباء والشعراء في مدن الشتات والمنافي التي رحلوا إليها، قسراً أو طوعاً، مذهباً أدبياً كما حصل لأدباء المهجر اللبنانيين خاصة؟ سؤال طرحناه على اثنين من الشعراء واثنين من النقاد الذين واكبوا التجربة الشعرية العراقية، قراءة وتحليلاً، منذ ما يقرب من نصف قرن، لنقف على رأيهم بذلك.

- حاتم الصكر (ناقد يقيم في أميركا): غياب المؤثر المتوقع
كثيراً ما تتم مقايسة تجربة الاغتراب والهجرة بحالة أدباء المهجر. هنا، نتحدث عن مغتربي ما بعد التسعينات، الزمن الانفجاري لمعدل الفارين من جحيمات أوطانهم لأسباب تختلف، ويجمع أصحابها واقع مستجد واحد: أن تكون مزروعاً في وقت اكتمال متأخر في تربة أخرى؛ قانون لا ترضاه الطبيعة لأحيائها، وتواطأ عليه البشر الذين ذاقوا الكأس مرغَمين، كأنهم كانوا يرددون مقولة عوليس وهو يطوي المدن الغريبة (لقد ألقت بنا الرياح على شواطئك مكرَهين).
شخصياً، ركنت قليلاً لثنائية المقايسة (المهجرية الأولى - المهجرية الجديدة) في كتابي «تنصيص الآخر»، حيث درست المثاقفة المهجرية بصفتها أحد أنماط المثاقفات الممكنة. وكما حدث في السؤال الآن، فقد قايست مهجرية الأوائل بشعر المهجرية الجديدة تحديداً. ولم أبحث في مهجرية الكتاب، (كالروائيين والقاصين) ولا الفنانين، لأن أبرز من نتوقع استجاباتهم ويرصدها المتابع هم الشعراء، أولئك الضحايا المعذبون بأنين إيقاعات قصائدهم، ومراياها الصورية والدلالية، فضلاً عن سرعة الاستجابة بحكم طبيعة الشعر وآليات كتابته.
لقد أسهم المهجريون الأوائل الذين تفاعلوا مع ما في أوطانهم الأصلية في تجديد الشعر والتمهيد لحداثته، وكان نتاجهم الشعري أوضح أثراً من النتاج السردي المتواضع. لكن المغتربات ما بعد السبعينات خضعت لمؤثرين شديدي الأهمية: تنوع ثقافة المهاجرين الجدد، وصلتهم بالآخر عبر القراءة المتاحة والثقافة البصرية، بما لم يكن ممكناً من قبل، ووثوق صلتهم بأرحامهم وثقافاتها بفعل التواصل الذي أمنته وسائط الاتصال والتقنيات المتلاحقة الجديدة في العقود التي وافقت هجرتهم. لقد زال أبرز دواعي الحنين الرومانسي المفرط، كما قلت أو انعدمت غالباً الصلة بالمكان الجديد وثقافته، أو عبر لغته، لأن ذلك لن يضيف لهم كثيراً -في بلدان الثقافات الأنغلوسكسونية والفرانكفونية. وفي بلدان مستجدة الحضور في ثقافة المهاجرين، كدول إسكندنافيا وبعض دول أوروبا، لم يستطع المهاجر -إلا في حالات نادرة محدودة- أن يخترق جدران عزلة تلك اللغات التي يوصَف كثير منها بأنه مما يُرمى عند الحدود، بحسب المثل الشائع.
لقد غاب المؤثر المتوقع من إقامات الشعراء والأدباء في حواضنهم الحياتية الجديدة، وظل أغلبهم متفاعلين مع ثقافات بلدانهم الأولى، لا على الطريقة المهجرية الأولى بالبعد والموسمية، بل بحضور لافت تعززه الطفرة الرقمية الهائلة التي تلاحقت في عقود الهجرة ما بعد السبعين، وألغت المسافات والجغرافيات.
المثاقفة الشعرية المؤمَّلة مع الآخر ظلت في سياقها ما قبل الهجرة: هي احتكاك مرتَهن بالخوف والاستغناء، وتثاقف خجول لا يظهر في مَعِدات الشعراء التي تتمثله، وتعيد تمثيله كما ينبغي.

- فاضل ثامر (ناقد يقيم في بغداد): لا تأسيس جديداً
ثمة فوارق كبيرة بين المرحلتين، ولا يمكن المقايسة بينهما. بالنسبة لشعراء المهجر الأوائل، ظهروا في مرحلة انتقالية لإعادة تشكيل الذائقة الشعرية العربية النيو-كلاسيكية والرومانسية في حاضنة المهجر الغربي المترفة، ومؤثراته الثقافية المختلفة. ولذا أسسوا لمسارات شعرية عربية جديدة اقترنت بطابعهم الخاص. أما بالنسبة لشعراء المنفى والمهجر العراقيين، فقد واصلوا الإضافة والابتكار معاً، داخل إطار شعرية حداثية شبه متكاملة، ولها شعريتها الخاصة، متأثرين بالطبع بالعوامل الثقافية الجديدة للاتصال والتثاقف. وبذا، فتجربة شعراء المنفى تمثل إغناءً وتجذيراً لاتجاهات التجربة الشعرية العراقية والعربية، بدءاً من مرحلة الريادة الشعرية الحداثية الخمسينية والتجارب اللاحقة في الستينيات، ومنها ترسيخ مشروع قصيدة النثر وكشوفات الألفية الثالثة. وبكلمة واحدة، فإن عطاء شعراء المنفى والمهجر جزء عضوي من تجربة الحداثة الشعرية العراقية، بكل ما لها وما عليها، ولا يمكن الزعم أن هذا العطاء شكل مفارقة أو تأسيساً جديداً، كما هو الحال بالنسبة لشعراء المهجر الغربي السابقين.

- باسم فرات (شاعر يقيم في الخرطوم): لم ينتجوا تياراً
أقولها بألم: لم يشكلوا مذهباً، ولا أثر للبيئة الجديدة في التجارب الشعرية العراقية في المنافي والشتات إلا في حدود ضيقة، وأعتقد أن السبب يكمن في الشعور العلني أو المضمر بالاقتلاع عند الشعراء العراقيين، وهذا الشعور له سطوة تمنع الواقع تحت تأثيره أن ينغمس ويتماهى مع البيئات الجديدة، فيحاول أن يرمم «فردوساً مفقوداً» في مخيلته، وهذا بدوره يؤدي إلى إزاحة البيئة الجديدة بعيداً، لأن الهم الشعري مهووس بالبيئة القديمة، ولا فرق بين مَن عبروا الحدود بلا جواز سفر أو الذين غادروا البلاد بجوازات سفر، لأنهم لم يخرجوا بطـراً، إنما خرجوا بسبب حاجتهم الماسة لهواء الحرية، وللمضايقات التي تعرضوا لها، أو لأسباب أخرى.
حتى أولئك الذين نجد حضور البيئة الجديدة في شعرهم، فهو حضور فقير هش سطحي لا يحمل منتجات الذاكرة، ولم ينتج لنا تياراً يثري المشهد الشعري العربي، وهذا الكلام لا يقلل من المنجز الشعري العراقي في المنافي والشتات، فكثير منهم أصبحت له بصمة خاصة في الشعر العربي، لكنهم مع ذلك لم يُشكلوا تياراً واضحاً، تياراً يجلب مريدين ومتأثرين ومقلدين، ويُغري النقاد والدارسين، فيكون لهم الفضل في إنتاج مدونة نقدية تحلل وتفكك وتدرس منجزهم الشعري، حتى عاب أحد النقاد على شعراء المنافي العراقيين أنهم يكتبون وكأنهم لم يُغادروا العراق، وكأنهم لم يزرعوا ذكريات في المنافي، ولم يزدادوا وعياً وخبرة وتجربة وثقافة. وشخصياً، حين أقرأ لهم -والحديث هنا عن الغالبية- أجد حتى قصائدهم التي فيها أجواء المنفى الجديد إنما هي صورة ضوئية (فوتوغرافية) الشاعر ليس فيها؛ بعبارة أخرى، إنهم يكتبون ليس من داخل الثقافة الجديدة، بل من خارجها. بكل تأكيد هذا صعب، ويُعاني منه معظم أدباء العالم، وليس حكراً على الشعراء العراقيين، وقلة مَن نجحوا (وهنا أعني بالقلة من العراقيين وسواهم) واستطاعوا أن يتصالحوا مع الأمكنة الجديدة وعوالمها وبيئاتها وثقافاتها، وأن يكتبوا عنها بصفتهم جزءاً منها، فخرجت قصائدهم تحمل طابعها العربي، بصفتها كُتبت بلغة عربية ومرجعياتها عربية، ولكنها ذات نكهة مختلفة، نكهة أملتها البيئة الجديدة التي عرف كيف يجني الشاعر ذكرياته فيها، بلا حساسيات تُذكر؛ أي أن يكتب عن البيئة الجديدة بصفته جزءاً منها، يرتبط بها بعلاقة لا تختلف عن علاقته ببيئته القديمة التي غادرها مكرهاً على مضض. والحديث هنا لا يمس المستوى الفني وقوة الشعرية عند الشعراء.

- كولالة نوري (شاعرة تقيم في أميركا): الارتباط بالمفاهيم القديمة
الشتات والمنافي أصبحت كثيرة متنوعة، ربما أكثر من عدد الشعراء المتوزعين بين آسيا وأوروبا والدول العربية والأميركيتين. (معظم) الشعراء هاجروا في مرحلة عمرية إبداعية وقد ثبتوا على أسلوب معين لم يستطيعوا تغييره بيسر؛ لو قرأتَ قصائدهم السابقة وقارنتها بما كتبوا في المهجر، لم تجد ما يسمى «مذهباً جديداً». ولو أتينا على مسألة (موحد)، فلكل بلد ومدينة أو ولاية في البلدان الجديدة ملامح مختلفة لاختلاف ثقافاتهم، بمحاسنها ومساوئها، حتى المناخ متعدد. وهذه كلها مؤثرات على النص، أضف إلى ذلك منبع الشاعر: تكوينه ومعتقداته وآيديولوجيته، وبيئته في بلده الأصلي، وذكرياته الخاصة، وتطوراته الذهنية، وقراءاته القديمة والجديدة، ومدى تقبله للاختلافات الثقافية والاجتماعية، ومدى رغبته وقدرته على تجريب نهج مختلف في إبداعه، ومدى اهتمامه بتوظيف المكان في نصوصه، أم أنه مهتم فقط باجترار الماضي بلا أمل، ومدى استعداده لبناء ذاكرة أخرى بعلاقات جديدة؛ هذه كلها عوامل يصعب توحيدها في مذهب واضح.
الشعراء المهاجرون مع انتشار طرق الاتصالات الحديثة غربتهم أقل انسلاخاً، مقارنة بأقرانهم في بدايات القرن الماضي أو نهاياته، حيث الانقطاع كان كلياً تقريباً، بينما الآن يواكبون التغييرات التي تحدث سياساً أو اجتماعياً أو معمارياً، صوتاً وصورة، إضافة للفضائيات التي تنقل الحدث في لحظته. عن نفسي، عشت في مدن عراقية عدة، باختلاف لغاتها وجغرافيتها، ثم عدة بلدان ومدن عربية وأجنبية. وإحساسي بغربة المكان وغربة نهج الحياة عني في الأمكنة الجديدة أقل مما لو كنت داخل العراق. والمكان وأسلوب الحياة مهمان لأي كتابة، كما نعرف، وبالنسبة لي مهمة جداً ونصف النَصْ. أصبحت أقرب لنفسي خارج العراق، وأكثر تناولاً لجماليات الحياة والحقوق الإنسانية اليومية التي لم أرتوِ منها بسبب تقاليد اجتماعية أو محاذير سياسية وفكرية، وكأنه عالمي الحقيقي الذي سُلب مني وكنت أشتاق إليه وأُعيده لي. قصائدي في المهجر أو المنفى متصالحة حتى مع الحزن؛ لم أعد أسيرة له. ولكن هناك من لم يستطع أن يكون حراً في كتابته، رغم حرية التعبير في المهجر، لأنه مرتبط بمفاهيمه القديمة في كل شيء، ومن ضمنها الإبداع، أو خائف أن يفقد ارتباطاته. ولهذا أقول: كل له مذهبه وشتاته، كل حسب تجاوبه وترجمته. لذا، فمسألة استنباط مذهب وأسلوب واضح بامتيازات محددة معقد إلى حد ما.



«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

أسدل مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» الستار على دورته الـ45 في حفل أُقيم، الجمعة، بإعلان جوائز المسابقات المتنوّعة التي تضمّنها. وحصدت دول رومانيا وروسيا والبرازيل «الأهرامات الثلاثة» الذهبية والفضية والبرونزية في المسابقة الدولية.

شهد المهرجان عرض 190 فيلماً من 72 دولة، كما استحدث مسابقات جديدة لأفلام «المسافة صفر»، و«أفضل فيلم أفريقي»، و«أفضل فيلم آسيوي»، إلى جانب مسابقته الدولية والبرامج الموازية.

وكما بدأ دورته بإعلان تضامنه مع لبنان وفلسطين، جاء ختامه مماثلاً، فكانت الفقرة الغنائية الوحيدة خلال الحفل لفرقة «وطن الفنون» القادمة من غزة مع صوت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وهو يُلقي أبياتاً من قصيدته «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».

وأكد رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، أنّ «الفنّ قادر على سرد حكايات لأشخاص يستحقون الحياة»، موجّهاً الشكر إلى وزير الثقافة الذي حضر حفلَي الافتتاح والختام، والوزارات التي أسهمت في إقامته، والرعاة الذين دعّموه. كما وجّه التحية إلى رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسِّس مهرجان «الجونة» الذي حضر الحفل، لدعمه مهرجان «القاهرة» خلال رئاسة فهمي الأولى له.

المخرجة السعودية جواهر العامري وأسرة فيلمها «انصراف» (إدارة المهرجان)

وأثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعالياته؛ فقالت الناقدة ماجدة خير الله إنّ «عدم حضوره قد يشير إلى وقوع خلافات»، مؤكدةً أنّ «أي عمل جماعي يمكن أن يتعرّض لهذا الأمر». وتابعت لـ«الشرق الأوسط» أنّ «عصام زكريا ناقد كبير ومحترم، وقد أدّى واجبه كاملاً، وهناك دائماً مَن يتطلّعون إلى القفز على نجاح الآخرين، ويعملون على الإيقاع بين أطراف كل عمل ناجح». وعبَّرت الناقدة المصرية عن حزنها لذلك، متمنيةً أن تُسوَّى أي خلافات خصوصاً بعد تقديم المهرجان دورة ناجحة.

وفي مسابقته الدولية، فاز الفيلم الروماني «العام الجديد الذي لم يأتِ أبداً» بجائزة «الهرم الذهبي» لأفضل فيلم للمخرج والمنتج بوجدان موريشانو، كما فاز الفيلم الروسي «طوابع البريد» للمخرجة ناتاليا نزاروفا بجائزة «الهرم الفضي» لأفضل فيلم، وحصل الفيلم البرازيلي «مالو» للمخرج بيدرو فريري على جائزة «الهرم البرونزي» لأفضل عمل أول.

وأيضاً، حاز لي كانغ شنغ على جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الأميركي «قصر الشمس الزرقاء»، والممثل الروسي ماكسيم ستويانوف عن فيلم «طوابع البريد». كما حصلت بطلة الفيلم عينه على شهادة تقدير، في حين تُوّجت يارا دي نوفايس بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم البرازيلي «مالو»، وحصل الفيلم التركي «أيشا» على جائزة أفضل إسهام فنّي.

الفنانة كندة علوش شاركت في لجنة تحكيم أفلام «المسافة صفر» (إدارة المهرجان)

وأنصفت الجوائز كلاً من فلسطين ولبنان، ففاز الفيلم الفلسطيني «حالة عشق» بجائزتَي «أفضل فيلم» ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، ولجنة التحكيم الخاصة. وأعربت مخرجتاه منى خالدي وكارول منصور عن فخرهما بالجائزة التي أهدتاها إلى طواقم الإسعاف في غزة؛ إذ يوثّق الفيلم رحلة الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة داخل القطاع. ورغم اعتزازهما بالفوز، فإنهما أكدتا عدم شعورهما بالسعادة في ظلّ المجازر في فلسطين ولبنان.

وكانت لجنة تحكيم «أفلام من المسافة صفر» التي ضمَّت المنتج غابي خوري، والناقد أحمد شوقي، والفنانة كندة علوش؛ قد منحت جوائز لـ3 أفلام. وأشارت كندة إلى أنّ «هذه الأفلام جاءت طازجة من غزة ومن قلب الحرب، معبِّرة عن معاناة الشعب الفلسطيني». وفازت أفلام «جلد ناعم» لخميس مشهراوي، و«خارج التغطية» لمحمد الشريف، و«يوم دراسي» لأحمد الدنف بجوائز مالية قدّمتها شركة أفلام «مصر العالمية». كما منح «اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي»، برئاسة الإعلامي عمرو الليثي، جوائز مالية لأفضل 3 أفلام فلسطينية شاركت في المهرجان، فازت بها «أحلام كيلومتر مربع»، و«حالة عشق»، و«أحلام عابرة».

ليلى علوي على السجادة الحمراء في حفل الختام (إدارة المهرجان)

وحصد الفيلم اللبناني «أرزة» جائزتين لأفضل ممثلة لبطلته دياموند بو عبود، وأفضل سيناريو. فأكدت بو عبود تفاؤلها بالفوز في اليوم الذي يوافق عيد «الاستقلال اللبناني»، وأهدت الجائزة إلى أسرة الفيلم وعائلتها.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة التي رأست لجنة تحكيمها المخرجة ساندرا نشأت، فاز الفيلم السعودي «انصراف» للمخرجة جواهر العامري بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. وقالت جواهر، في كلمتها، إن المهرجان عزيز عليها، مؤكدة أنها في ظلّ فرحتها بالفوز لن تنسى «إخوتنا في فلسطين ولبنان والسودان». أما جائزة أفضل فيلم قصير فذهبت إلى الصيني «ديفيد»، وحاز الفيلم المصري «الأم والدب» على تنويه خاص.

كذلك فاز الفيلم المصري الطويل «دخل الربيع يضحك» من إخراج نهى عادل بـ4 جوائز؛ هي: «فيبرسي» لأفضل فيلم، وأفضل إسهام فنّي بالمسابقة الدولية، وأفضل مخرجة، وجائزة خاصة لبطلته رحاب عنان التي تخوض تجربتها الأولى ممثلةً بالفيلم. وذكرت مخرجته خلال تسلّمها الجوائز أنها الآن فقط تستطيع القول إنها مخرجة.

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

كما فاز الفيلم المصري «أبو زعبل 89» للمخرج بسام مرتضى بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، بالإضافة إلى تنويه خاص ضمن مسابقة «أسبوع النقاد». ووجَّه المخرج شكره إلى الفنان سيد رجب الذي شارك في الفيلم، قائلاً إنّ الجائزة الحقيقية هي في الالتفاف الكبير حول العمل. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «النجاح الذي قُوبل به الفيلم في جميع عروضه بالمهرجان أذهلني»، وعَدّه تعويضاً عن فترة عمله الطويلة على الفيلم التي استغرقت 4 سنوات، مشيراً إلى قُرب عرضه تجارياً في الصالات. وحاز الممثل المغربي محمد خوي جائزة أفضل ممثل ضمن «آفاق السينما العربية» عن دوره في فيلم «المرجا الزرقا».

بدوره، يرى الناقد السعودي خالد ربيع أنّ الدورة 45 من «القاهرة السينمائي» تعكس السينما في أرقى عطائها، بفضل الجهود المكثَّفة لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا، وحضور الفنان حسين فهمي، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدورة حظيت بأفلام ستخلّد عناوينها، على غرار فيلم (هنا) لتوم هانكس، والفيلم الإيراني (كعكتي المفضلة)، و(أبو زعبل 89) الذي حقّق معادلة الوثائقي الجماهيري، وغيرها... وكذلك الندوات المتميّزة، والماستر كلاس الثريّة».