يتوقع مراقبون في الجزائر أن تثير تصريحات لوزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بخصوص قضايا حقوق الإنسان والمعتقلين المعارضين في البلاد، استياء الحكومة الجزائرية التي كانت قد ردت بغضب نهاية العام الماضي على موقف مماثل صدر عن البرلمان الأوروبي.
ونشر موقع البرلمان الأوروبي، الخميس، ردّ المفوض السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد، جوزيب بوريل، على سؤال برلماني حول الأوضاع الداخلية في الجزائر، خصوصاً ما يتعلق بالحقوق والحريات، فجاء ردّه كالآتي: «يتابع الاتحاد الأوروبي عن قرب الوضع السياسي، وتطورات حقوق الإنسان في الجزائر، في هذا الوقت المهم، بما في ذلك الوضع بمنطقة تندوف»، في إشارة إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بجنوب غربي البلاد.
وأبرز بوريل أن «احترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان منصوص عليها في الدستور الجزائري، وتمثّل جانباً أساسياً في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والجزائر»، مؤكداً أن الاتحاد «سبق أن قدم دعمه لخطة الإصلاحات المتبعة من طرف السلطات الجزائرية، بغرض الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب الجزائري»، في إشارة إلى مطالب بحرية التعبير وممارسة السياسة من دون قيود والتداول على السلطة. كما أشار المسؤول الأوروبي إلى لقاءات جرت مع المسؤولين الجزائريين «في المدة الأخيرة، والتبادل المفتوح والصريح الذي ميّزها، بشأن حقوق الإنسان، وذلك في إطار اجتماعات اللجنة الفرعية للحوار السياسي والأمن وحقوق الإنسان، التي عقدت في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2020».
وأشار بوريل إلى مناقشة قضايا الحقوق والحريات مع الجزائر «على مستوى سياسي»، يوم 7 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أثناء مؤتمر عبر الفيديو. ويفهم من تناول الموضوع على «مستوى سياسي» أن الجانب الأوروبي ركّز على سجن المعارضين السياسيين، وحجب صحف إلكترونية إخبارية بسبب تعاطيها مع قضايا لا تعجب السلطات. ويرجح بأنه تم أيضاً طرح قضية الصحافي خالد دراني مراقب «مراسلون بلا حدود»، الذي دانته محكمة الاستئناف بالسجن عامين مع التنفيذ (قضى منها 300 يوم)، بسبب تغطيته المكثفة لمظاهرات الحراك، التي توقفت في مارس (آذار) الماضي بسبب جائحة «كورونا».
وأضاف رئيس الدبلوماسية الأوروبي أن «الاتحاد عازم على تعميق الحوار مع الجزائر، المبني على الثقة والنقد البنّاء. وسنستمر في تشجيع الشركاء الجزائريين على إطلاق حوار شامل مع كل ممثلي المجتمع».
وترى الجزائر أن خوض أي جهة أجنبية في قضايا داخلية خاصة بها، بمثابة «دروس» و«توجيهات» مرفوضة. وازدادت حساسيتها إزاء هذه المسائل، منذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، وتلميحات قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، المتوفى نهاية ذلك العام، إلى أن فرنسا تقف وراء فئات من المتظاهرين يرفعون شعار «دولة مدنية لا عسكرية».
وأصدر البرلمان الأوروبي، نهاية العام الماضي، لائحة أثارت سخط أعلى السلطات في البلاد، بما فيها رئيس أركان الجيش، جاء فيها أن عشرات نشطاء الحراك «تم سجنهم بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية ومطالبهم بتغيير النظام». وخصصت اللائحة حيزاً مهماً لسجن الصحافي درارني المتهم بـ«المسّ بالوحدة الوطنية»، إذ اعتبرته «سجين رأي».
ودعت اللائحة مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء لـ«دعم المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والمتظاهرين، وذلك من خلال تبني موقف عام أكثر حزماً بشأن احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون في الجزائر، وإدانة انتهاكات حقوق الإنسان بشكل واضح وعلني، ومن خلال حث السلطات الجزائرية أيضاً على إطلاق سراح المعتقلين تعسفاً ووقف الاستخدام المفرط للاحتجاز السابق للمحاكمة، وإتاحة الوصول إلى المحتجزين ومراقبة محاكمات النشطاء والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمتابعة الدقيقة لحالة حقوق الإنسان في الجزائر».
واستهجنت وزارة الخارجية الجزائرية يومها «تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للجزائر»، واتهم وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة عمار بلحيمر، فرنسا، بالوقوف وراء اللائحة التي قال إنها «مرتبطة باستقلال القرار الجزائري وموقفنا السيادي الثابت من قضايا دولية، كفلسطين والصحراء».
الاتحاد الأوروبي يعلن تركيز اهتمامه على قضايا الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر
بعد شهرين من لائحة برلمانية أثارت سخط السلطات المدنية والعسكرية
الاتحاد الأوروبي يعلن تركيز اهتمامه على قضايا الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة