الفلسطينيون يتطلعون لتعديل «اتفاق باريس»

قضية الأسرى تحولت إلى عقوبة مالية ضد السلطة الفلسطينية (أ.ف.ب)
قضية الأسرى تحولت إلى عقوبة مالية ضد السلطة الفلسطينية (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يتطلعون لتعديل «اتفاق باريس»

قضية الأسرى تحولت إلى عقوبة مالية ضد السلطة الفلسطينية (أ.ف.ب)
قضية الأسرى تحولت إلى عقوبة مالية ضد السلطة الفلسطينية (أ.ف.ب)

يتطلع الفلسطينيون للحصول على دعم مالي أكبر من الدول المانحة، وأن يكون لتلك الدول دور في الضغط على إسرائيل من أجل وقف الاقتطاعات المالية الإسرائيلية من العوائد الضريبية، وكذلك إعادة التفاوض حول «اتفاقية باريس» الاقتصادية، وذلك خلال الاجتماع المقبل المتوقع في النصف الثاني من هذا الشهر، في أوسلو.
وستشارك في الاجتماع عشرات الدول والمؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي، ودول في الرباعية الدولية، والاتحاد الأوروبي كذلك. وكانت الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، ودول أخرى، تشارك، في العادة، بمثل هذه الاجتماعات، لكنها لم تعلن بعد أي تفاصيل حول الاجتماع المقبل الذي يناقش دعم دول في المنطقة، من بينها فلسطين.
مصدر مطلع قال لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة الفلسطينية تنظر بأهمية إلى اجتماع المانحين المقرر هذا الشهر، وستطلب التدخل من أجل إجراء تعديلات على «اتفاق باريس» الاقتصادي. وأضاف المصدر أن «السلطة تسعى مجدداً لتعديل (اتفاقية باريس) التي مضى عليها 25 عاماً».
وعمل الفلسطينيون لسنوات من أجل التخلص من «اتفاق باريس الاقتصادي»، لكن دون جدوى. والاتفاق هو أحد ملاحق «اتفاقية غزة – أريحا»، الذي وقع في عام 1995، وينص؛ فيما ينص، على أن تجمع إسرائيل الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة للسلطة الفلسطينية، ثم تحولها إلى السلطة، إضافة إلى أنه يحدد غلافاً جمركياً وكوتة للسلع المسموح باستيرادها من الخارج، إلى جانب أمور أخرى.
وحاول الفلسطينيون خلال السنوات الماضية تعديل الاتفاق المضر بالمصالح الاقتصادية الفلسطينية؛ لكن إسرائيل مضت في اقتطاع أموال السلطة، من دون أي تنسيق أو موافقة فلسطينية. وبحث وزير المالية شكري بشارة، الأربعاء، هذه الموضوعات مع المبعوث الأممي الجديد الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند. وتطرّق بشارة خلال اللقاء؛ الذي عقد بمقر الوزارة بمدينة رام الله، إلى العلاقة المالية والاقتصادية مع الجانب الإسرائيلي. وناقش الجانبان؛ بحسب بيان، «كيفية إنجاح اجتماع المانحين (AHLC)، والعمل على حشد دعم دولي لمساعدة فلسطين في مواجهة (كورونا)، والضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف الاقتطاعات أحادية الجانب والخروقات الأخرى لـ(اتفاقية باريس)» الاقتصادية.
وبالإضافة إلى ذلك، يتطلع الفلسطينيون إلى الحصول على دعم أكبر لـ«وكالة تشغيل وغوث اللاجئين (أونروا)»، التي تعاني ضائقة مالية كبيرة.
ودعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، أحمد أبو هولي، الخميس، الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها تجاه «وكالة الغوث» الدولية، بحل أزمتها المالية والتحرك باتجاه تأمين موازنة ثابتة ومستقرة. وقال أبو هولي بعد اجتماع مع نائب المفوض العام لـ«أونروا»، ليني ستينيث، بحضور ممثلي الدول المضيفة (فلسطين، والأردن، وسوريا، ولبنان)، إضافة إلى مصر، إن عدم استقرار موازنة «أونروا» واستمرار العجز المالي فيها، بات مبعث قلق لدى مجتمع اللاجئين، وللموظفين العاملين الذين يزيد عددهم على 28 ألف موظف.
وأكد أبو هولي ضرورة التحرك السريع لحث المانحين على رفع سقف تعهداتهم والتزاماتهم المالية، لسد فجوة العجز المالي المتوقع في الأشهر الثلاثة المقبلة (مارس/ آذار - يونيو/ حزيران)، موضحاً أن السلطة تعول على الدول المانحة كثيراً في تمكين «أونروا» من الخروج من الدوامة المتكررة للعجز المالي وتحقيق التمويل الدائم والمستدام، منوهاً بحالة القلق التي تسود مجتمع اللاجئين حول تداعيات التأجيل المتكررة لانعقاد المؤتمر.
وتتوقع «أونروا» عجزاً مالياً بقيمة 241 مليون دولار، وهو ما قالت معه الوكالة إنها قد تلجأ إلى تخفيض موازنتها بنسبة 10 في المائة إجراءً مؤقتاً، لحين قراءة أوسع للالتزامات المالية من المانحين. وقالت الوكالة، بداية العام، إن الوكالة بحاجة لأكثر من مليار دولار خلال العام الحالي 2021، لإدارة خدماتها العادية والطارئة والمنقذة للحياة في فلسطين وسوريا.
ووجدت الوكالة الدولية صعوبات جمة في دفع رواتب موظفيها في الأشهر الأخيرة، بعد وقف إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مساعدتها للوكالة، التي تقدر بـ300 مليون دولار سنوياً، وتعدّ الداعم الأكبر لها.
جاء ذلك، في وقت تواجه فيه «أونروا» طلباً متزايداً على خدماتها بسبب زيادة عدد لاجئي فلسطين المسجلين لديها، ودرجة هشاشة الأوضاع التي يعيشونها وفقرهم المتفاقم.
وتقدم «أونروا» خدمات منقذة للحياة لنحو 5.6 مليون لاجئ من فلسطين، في أقاليم عملياتها الخمسة التي تشمل الأردن ولبنان وسوريا، والضفة الغربية؛ بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.