أظهر مسح تفاقم التراجع الاقتصادي بمنطقة اليورو في يناير (كانون الثاني) في ظل الضرر الكبير الذي لحق بقطاع الخدمات المهيمن في المنطقة جراء معاودة فرض قيود لكبح انتشار فيروس كورونا.
وترتفع حالات الإصابة بفيروس كورونا من جديد، وعاودت الحكومات في أنحاء القارة فرض إجراءات عزل عام مشددة ضيقت الخناق على الحياة العامة، وأجبرت أماكن الضيافة والترفيه على إغلاق أبوابها.
وانخفضت القراءة النهائية لمؤشر «آي إتش إس ماركت» المجمع لمديري المشتريات، الذي يعد مؤشراً جيداً لمتانة الاقتصاد، إلى 47.8 نقطة في يناير من 49.1 في ديسمبر (كانون الأول)، لكنها أعلى قليلاً من قراءة أولية عند 47.5 نقطة. وتشير أي قراءة دون الخمسين إلى انكماش.
وقال كريس وليامسون، كبير الاقتصاديين في «آي إتش إس ماركت»، «تجشمت منطقة اليورو بداية صعبة متوقعة لعام 2021 مع استمرار تضرر نشاط الأعمال من الجهود المتواصلة لاحتواء انتشار (كوفيد – 19)، خاصة قطاع الخدمات».
وتراجع مؤشر مديري المشتريات الذي يغطي قطاع الخدمات إلى 45.4 نقطة من 46.4 في ديسمبر (كانون الأول)، لكنه جاء أعلى من قراءة أولية عند 45 نقطة. وأظهر مؤشر مديري المشتريات لقطاعات الصناعات التحويلية يوم الاثنين استمرار قوة نمو المصانع في بداية العام، لكن الوتيرة انخفضت. وتراجع مؤشر الأعمال الجديدة إلى 45.4 من 46.6، وإن كان أعلى من قراءة أولية عند 44.7 نقطة.
لكن في ظل آمال بأن طرح اللقاحات المضادة لـ«كورونا» سيسمح بقدر ما من العودة إلى الحالة الطبيعية، ظل التفاؤل بصفة عامة حيال العام المقبل متيناً. وانخفض المؤشر المجمع للإنتاج المستقبلي قليلاً فحسب إلى 64.2 من 64.5 نقطة في ديسمبر (كانون الأول)، وهو أعلى مستوياته منذ أبريل (نيسان) 2018.
لكن على الجانب الآخر، ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية في منطقة اليورو خلال يناير للمرة الأولى منذ يوليو (تموز) الماضي، مدفوعة بارتفاع التكاليف في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا.
وذكر مكتب الإحصاء «يوروستات»، أن التضخم في 19 دولة تستخدم اليورو بلغ 0.9 في المائة في بداية 2021، في قفزة كبيرة عن المعدل السلبي 0.3 في المائة في الشهر السابق. والزيادة مدفوعة في الأساس بإلغاء خفض ضريبي في ألمانيا في وقت مبكر عن موعده وارتفاع تكاليف الطاقة في ظل صعود أسعار النفط وزيادة أسعار الأغذية، حتى في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار السلع المستوردة الشهر الماضي.
وقال «يوروستات»، إن معدل التضخم الأساسي الذي يُراقب من كثب والذي يستبعد الأسعار المتذبذبة للغاية مثل الطاقة والغذاء، قفز أيضاً ليصل إلى 1.4 في المائة. وبالإضافة إلى ألمانيا، شهدت فرنسا وإسبانيا عودة أسعار الاستهلاك إلى المنطقة الإيجابية، على الرغم من أن المحللين يحذرون من أن الظروف غير العادية لوباء «كوفيد - 19» تجعل قياس التضخم صعباً. ويظل التضخم في أوروبا بعيداً عن الهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي ويناهز 2 في المائة. ولمحاربة الركود في الطلب وتعزيز الأسعار، عزّز المصرف المركزي الأوروبي برنامجه الطارئ لشراء السندات المرتبط بالوباء إلى 1.85 تريليون يورو (2.24 تريليون دولار). وستشكل البيانات الجديدة فرصة ضئيلة لعكس اتجاه المساعدة من المؤسسة التي تتخذ من فرانكفورت مقراً لها.
والشهر الماضي، حذّرت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد من أن الوباء ما زال يشكل «مخاطر جسيمة» على اقتصاد منطقة اليورو، وأن «التحفيز النقدي الوافر» ما زال ضرورياً.
لكن زيادة الأسعار، حتى إذا كانت مؤقتة مثلما يتوقع العديد من صانعي السياسات، قد تزيد صعوبة تبرير التحفيز الاستثنائي، لا سيما في ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، والتي تتطلع بشكل كبير على مدى سنوات إلى عمليات الطباعة الغزيرة للنقد.
العزل العام يفاقم أوجاع اقتصاد منطقة اليورو والتضخم يغادر «الخانة السلبية»
ضرر كبير بالخدمات والأعمال... وأمل واسع في اللقاح
العزل العام يفاقم أوجاع اقتصاد منطقة اليورو والتضخم يغادر «الخانة السلبية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة