جرحى برصاص المتمردين في الحديدة.. وأبناء تهامة يهددون بإغلاق الميناء

خرجوا في مسيرة حاشدة يطالبون بخروج الحوثيين.. وينددون بـ«الانقلاب»

مقاتل تابع لميليشيات الحوثيين يهدد أحد المحتجيين اليمنيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مقاتل تابع لميليشيات الحوثيين يهدد أحد المحتجيين اليمنيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

جرحى برصاص المتمردين في الحديدة.. وأبناء تهامة يهددون بإغلاق الميناء

مقاتل تابع لميليشيات الحوثيين يهدد أحد المحتجيين اليمنيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مقاتل تابع لميليشيات الحوثيين يهدد أحد المحتجيين اليمنيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

أصيب 7 من نشطاء الحراك التهامي السلمي بمحافظة الحديدة، أمس، بإصابات مختلفة برصاص المسلحين الحوثيين الذين يسيطرون على المحافظة، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المسلحين أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين الذين خرجوا في مسيرة سلمية تطالب برحيل الحوثيين عن الحديدة وإقليم تهامة بصورة كاملة، وينددون بالانقلاب على نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأعلن الحراك التهامي انضمام إقليم تهامة إلى الأقاليم الجنوبية، بعد استقالة الرئيس هادي وحكومته برئاسة خالد محفوظ بحاح، وذلك بعد إعلان إقليمي الجند وسبأ انضمامهما أيضا إلى أقاليم الجنوب من أجل تشكيل تحالف واحد لمواجهة الميليشيا الحوثية، إذ يؤكد الحراك أن الأحداث على الساحة اليمنية أدت إلى فشل مشروع بناء اليمن الجديد (الدولة المدنية الحديثة) بفعل هيمنة وقوة السلاح والقتل والبطش والقمع. وأكد قيادي في الحراك التهامي أن «أبناء تهامة كانون يأملون من النظام الحالي برئاسة الرئيس هادي أن يرفعوا جميع المظالم عن تهامة وإشراكها بمفاصل لدولة والاعتراف بالهوية التهامية، لكن ما جرى هو عكس ذلك، وكل ما يجري كان مشابها للنظام السابق، غير أنه أصبحت قوة السلاح وميليشيا الحوثي هي التي تسيطر على كل مفاصل الدولة»، في الوقت الذي يهدد أبناء تهامة بإغلاق ميناء الحديدة والاعتصام بداخله وخارجه رفضا للحوثيين.
وقال بيان صادر عن الحراك، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه «ظهر واضحا بجلاء مدى حجم التآمر على اليمن وتهامة الخير والعطاء من خلال الالتفاف على مخرجات الحوار الوطني ورفض الأقاليم حتى تظل تهامة البقرة الحلوب التي يمتصون خيراتها ويستبدون بالسلطة والثروة فيها دون أبنائها، ولم تكن الميليشيات الحوثية إلا مكرسة لاحتلال تهامة»، وحمل الحراك «ميليشيات الحوثي المسلحة، كمحتلة، مسؤولية ما جرى ويجري من أحداث وما تؤول إليه حال البلاد وعلى وجه الخصوص تهامة».
ويسعى إقليم تهامة إلى فك الارتباط عن صنعاء والانضمام إلى الأقاليم الجنوبية، إذ أعلن الحراك أنهم بصدد الاتفاق مع السلطة المحلية بالحديدة من أجل الخروج بقرار يقضي بعدم تلقي الأوامر من العاصمة صنعاء، وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «وضع إقليم تهامة صعب، والصعوبة تكمن في قربه من صنعاء وكون الحديدة هي المنفذ البحري الرئيسي لشمال البلاد، وهي تحت سيطرة القوى النافذة في صنعاء والمتحالفة معها في الحديدة، وإن حكام صنعاء الجدد سوف يستخدمون القوة من أجل إبقاء الحديدة تحت سيطرة صنعاء لأن تهامة تمثل منطقة استراتيجية وصمام أمان لليمن والملاحة البحرية الدولية على البحر الأحمر، ولا أمن لليمن ولا للملاحة الدولية إلا عن طريق تهامة». وأضافت المصادر أن «استخدام جماعة الحوثي المسلحة للعنف والسلاح ضد الدولة ومؤسساتها وترهيب المواطنين وكذا توسعهم على حساب مناطق ومكونات اليمن الأخرى هو من سيزعزع أمن اليمن واستقراره ويهدد وحدته الاتحادية»، مؤكدة أن لغة السلاح التي تستخدمها الميليشيا الحوثية لن تثنيهم عن مطالبهم المستمرة في طردهم من تهامة ورفضهم للانقلاب على الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وشهدت مدينة الحديدة، غرب اليمن، أمس مسيرة جماهيرية حاشدة تحت شعار «شدوا العزم»، طالبت بطرد ميليشيا الحوثي المسلحة من تهامة ورفضها احتلالها من قبل الميليشيات المسلحة. وأكد المشاركون في المسيرة مواصلة نضالهم السلمي بطرد جميع الميليشيات والتمسك بإقليم «تهامة» دون هيمنة أو وصاية، منددين بما سموه انقلاب جماعة الحوثي على السلطة ومؤسسات الدولة قبل وبعد استقالة هادي وحكومته، بعد تقديمهم للرئيس مطالب تعجيزية، وهدد المشاركون في المسيرة بإغلاق ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، في حال لم يخرج الحوثيون من إقليم تهامة ومن ولايات الحديدة، ريمة، المحويت، وحجة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.