مصر: إعادة الحياة لمتحف الجزيرة للفنون بعد 32 عاماً من الإغلاق

يضم مقتنيات ملكية وخزفاً إسلامياً ونسيجاً قبطياً نادراً

مصر: إعادة الحياة لمتحف الجزيرة للفنون بعد 32 عاماً من الإغلاق
TT

مصر: إعادة الحياة لمتحف الجزيرة للفنون بعد 32 عاماً من الإغلاق

مصر: إعادة الحياة لمتحف الجزيرة للفنون بعد 32 عاماً من الإغلاق

بعد مرور 32 عاماً على إغلاقه، دبت الحياة مرة أخرى في متحف الجزيرة للفنون بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة أخيراً، عبر مشروع ترميم وتطوير طموح يهدف إلى استعادة رونقه مجدداً، ليكون مؤهلاً لعرض نحو 4 آلاف قطعة فنية نادرة.
وتفقدت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية أعمال تطوير المتحف، التابع لقطاع الفنون التشكيلية. مساء أول من أمس. وأكدت عبد الدايم، في بيان صحافي «أهمية المتاحف القومية في ترسيخ الهوية والحفاظ على كنوز وثروات الفن المصري والعالمي بجانب الموروثات والمقتنيات سواء تاريخية أو ثقافية أو فنية».
ويعد متحف الجزيرة للفنون، أحد أهم مشروعات الدولة الثقافية والقومية باعتباره من أهم المواقع المتخصصة في الوطن العربي والشرق الأوسط، بجانب كونه إضافة مهمة للبنية الثقافية والفنية المصرية، لما يضمه من مجموعات رائعة من المقتنيات التاريخية العريقة والنادرة التي توثق حقب زمنية مختلفة، بحسب عبد الدايم.
وتشمل أعمال تطوير وترميم المتحف كافة الأنظمة الأمنية والمراقبة والتحكم، وأعمال الكهرباء، التكييف، ومكافحة الحريق، وكافة أعمال التشطيبات والتجهيزات اللازمة.
ويضم متحف الجزيرة للفنون مقتنيات ملكية نادرة بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الخزف الإسلامي المصري والدمشقي والبخاري والخزف الإغريقي والروسي والتركي والبروسلين الصيني من مختلف العصور، كما يضم مجموعة كبيرة من النسيج القبطي من القرن الخامس والسادس والسابع الميلادي، ومجموعة من النسيج الإسلامي، كما يوجد به جوبلان بلجيكي من القرن 18 الميلادي وجوبلان فرنسي من القرن الـ19 الميلادي، بالإضافة إلى تحف معدنية عبارة عن شمعدانات ومباخر وصوان تنتمي للعصر المملوكي في مصر وأماكن أخرى كالعراق والصين، كما يحوي مجموعة فريدة من اللوحات والتماثيل من خامات مختلفة للفنانين الذين يمثلون رموزاً لمختلف المدارس التشكيلية الأوروبية على غرار رودان، ديلاكروا، مونيه، ديغا، رينوار، روبنز، كونستابل.
وتبلغ مساحة المتحف الإجمالية نحو 9 آلاف متر مربع، شاملة مبنى الخدمات وقاعات السينما والمخازن بجانب المبنى الرئيسي بحسب الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، الذي أشار في بيان وزارة الثقافة إلى أنه من المقرر الانتهاء من تطوير المتحف بنهاية يونيو (حزيران) من عام 2022، المقبل، مؤكداً أن أعمال التطوير تراعي الحفاظ على الطابع والطراز المعماري الأصلي لمبنى المتحف الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1936.
ويعد متحف الجزيرة الذي تم افتتاحه في 25 أغسطس (آب) عام 1957، واحداً من أهم متاحف الشرق الأوسط، حيث يضم مجموعة رائعة من التحف المصادرة من القصور الملكية، والتي يبلغ عددها حوالي 4288 قطعة فنية من بينها مجموعة كبيرة من الزجاج البوهيمي ذات الطابع الشرقي في التذهيب، ومجموعة زجاج إسلامي مموه بالمينا مصنوع في مصر خلال القرنين الحادي عشر والثامن عشر الميلاديين.
ويبلغ عدد المتاحف المصرية 167 متحفاً في كافة المحافظات، من بينها 102 متحف يتبعون إدارياً وزارات مختلفة، حيث بلغ عدد المتاحف التي تتبع وزارة السياحة والآثار 44 متحفاً، والثقافة 33 متحفاً وخمسة متاحف تتبع لوزارة الدفاع، وأربعة متاحف لوزارة الموارد المائية والري.
ووفق الدكتورة سلوى حمدي مدير عام قطاع المتاحف بوزارة الثقافة، فإن متحف الجزيرة للفنون كان يستغل في البداية كمتحف زراعي للملك فاروق، وبعد ذلك تحول إلى متحف فني في عام 1957 وحتى عام 1988، عندما تم إغلاقه لإعادة تطويره لكي يضاهي المتاحف العالمية، وتعثر ترميمه وتطويره منذ ذلك التاريخ بسبب صعوبات مالية وإدارية، لافتة إلى أنه يحتاج إلى 50 مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري) لتطويره.
وفي نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، أعادت وزارة الثقافة المصرية افتتاح متحف الفن المصري الحديث، بعد تطويره وتحديث سيناريو العرض المتحفي به.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».